تتمعن القيادات الصهيونية في التصعيد ضد الأسرى المعتقلين خاصة بعد إقرار الكنيست قانون الإطعام القسري للأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، بزعم أن إضرابهم يعرض أمن الكيان الصهيوني للخطر، وهو ما يهدف إلى كسر عزيمة وإصرار المقاومة الفلسطينية وإفشال معارك "الأمعاء الخاوية" التي نجح العديد من الأسرى في اتخاذها لمواجهة الاحتلال وانتهاكاته. أفادت تقارير فلسطينية بأن السلطات الإسرائيلية نقلت الأسير "محمد علان"، إلى مستشفى في أشدود، صباح الاثنين، تمهيدًا لإطعامه قسريًا، وذلك بعد أن طلبت النيابة العسكرية الإسرائيلية القيام بالتغذية القسرية ل"علان" المضرب عن الطعام منذ 58 يومًا، وأوضحت أن مستشفى "سوروكا" في بئر السبع رفضت إطعام الأسير "علان" قسريًا، على ضوء موقف نقابة الأطباء الإسرائيلية الرافض لهذا النوع من التغذية. في محاولة إسرائيلية للالتفاف على موقف نقابة الأطباء، ذكرت وسائل إعلام صهيونية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" قرر بناء وحدة في مستشفى "برازيلاي" للتعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام وإطعامهم قسريًا، كي لا يرغم على التعامل مع نقابة الأطباء وطواقم أطباء مختلفة ترفض تنفيذ الإطعام القسري. من جانبه هدّد الأسير الفلسطيني "محمد علان"، بقتل نفسه في حال تطبيق التغذية القسرية ضده، وقال "نصر الدين" والد الأسير، إن ابنه "هدّد بكتم أنفاسه وقتل نفسه في حال تعرضه للتغذية القسرية"، وأشار والد الأسير إلى أن "الوضع الصحي لأبنه بتدهور مستمر نتيجة مواصلته الإضراب عن تناول الطعام وأي مدعمات غذائية منذ 56 يومًا، رفضًا للاعتقال الإداري"، لافتًا إلى أن ابنه لا يتناول سوى الماء، وطالب "نصر الدين" فصائل المقاومة في غزة التي تأسر جنودًا إسرائيليين منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة العام الماضي بنشر رسالة صوتية لأحد الأسرى لديها يتحدث فيها عن المعاملة الحسنة التي يتلقاها في أسره، على نقيض ما يتعرض له نجله في السجون الإسرائيلية. الأسير "محمد علان" هو محامي، ويبلغ من العمر 30 عامًا، وهو من سكان قرية عينبوس بنابلس بالضفة الغربية، ومعتقل منذ 16 نوفمبر 2014، وأعلن الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام منتصف يونيو الماضي، رفضًا لاستمرار اعتقاله الإداري، ويتعرض للعديد من الضغوط الصهيونية والتعذيب حتى أصبح وضعه الصحي متدهور للغاية، حيث فق الأسير "علان" الرؤية والسمع، ويمر في انهيار صحي وضمور تام في جسده، ويتقيأ دمًا، وغير قادر على الحركة أو الوقوف، ويمر في حالات غيبوبة متقطعة. القرار الإسرائيلي الغاشم قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع من جانب الأسرى المعتقلين والمتضامنيين معهم خارج السجون، وهو ما بدأت ملامحه تظهر جليه، حيث ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام احتجاجًا على الحملة التي تنفذها إدارة السجون بحقهم إلى 148 أسيرًا، وأكد نادي الأسير الفلسطيني أن 120 أسيراً في سجن نفحة يواصلون إضرابهم لليوم الخامس على التوالي، إضافة إلى 26 أسيراً من سجن ريمون انضموا إلى الإضراب، وأسيرين من سجن إيشل انضما أيضًا إلى الإضراب. وقال رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينيين "عيسى قراقع"، إن إدارة مصلحة سجن رامون تفرض حظر للتجول على أقسام عدة في السجن، وتفرض عقوبات قاسية على الأسرى بسبب إعادة وجبات الطعام. وفي غزة نظمت القوى الوطنية والإسلامية وقفة احتجاجية ضد القرار الاسرائيلي القاضي بفرض التغذية القسرية على الأسرى المضربين عن الطعام، وطالب المشاركون القيادة الفلسطينية بالعمل على التصدي لهذا القرار الإسرائيلي، كما اعتصمت والدة الأسير "علان" أمام مستشفى "سوروكا" وأعلنت إضرابها عن الطعام تضامناً مع ابنها وانضم إليها في الاعتصام المئات من المتضامنيين مع "علان". في إطار المقاومة الفلسطينية الدينية للانتهاكات الصهيونية المتواصلة، أصدر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية "محمد حسين"، فتوى يجيز فيها للأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلية، مقاومة التغذية القسرية. وتنص الفتوى، التي نشرت على موقع دار الإفتاء الفلسطينية، على أن "قيام الأسرى في سجون الاحتلال بمقاومة التغذية القسرية، كأسلوب ضغط على السجان، يجوز إذا لم يجدوا وسيلة غيرها، لتحصيل حقوقهم الإنسانية المشروعة"، وأضافت "وبناء عليه، فإن من يقضي نحبه من الأسرى، وهو يقاوم بالإضراب عن الطعام لنيل حريته، فإنه يُعد من الشهداء، والله تعالى أعلم"، وأشارت الفتوى إلى أن "الإنسان قد يتعرض لضرورات وموجبات تتطلب منه القيام بأعمال تتعارض في ظاهرها مع هذا الأصل، لكنها تستند إلى أدلة شرعية، يمارسها المرء لغايات عظمى وأهداف كبيرة، ومن ذلك امتناع الأسرى عن تناول الطعام، كوسيلة لمقاومة السجان الظالم الغاشم". واستدركت الفتوة، "من ناحية شرعية، فإن إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، شكل بابًا من أبواب الصبر والمصابرة لنيل مطالبهم العادلة، وأسلوبًا من أساليب مقاومة المحتل، ومقارعته في رفع الظلم والضيم عنهم، وهو جهاد مشروع، دلت على ذلك العديد من الآيات القرآنية". من جانبه قال وزير الصحة الفلسطينية "جواد عواد"، "إن تطبيق قانون التغذية القسرية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي بحق الأسير المضرب عن الطعام علان يمثل إعداماً له".