يستميت النظام ومعه كل القوي المضادة للثورة للقضاء عليها وتحويلها إلى مجرد انتفاضة يمكن للنظام أن ينجح في احتواء آثارها باستخدام كافة الأساليب التي اعتاد عليها و أجادها لقرون عدة مضت من قوة قمعية غاشمة تقتل و تعذب و تتشوه و تخيف و ترهب و قوة ناعمة تتمثل في الاعلام التابع و أبواق النظام تضلل و تزيف وتخدع وتستميل المواطنين حتي ينصرفوا عن الثورة بل و لكي يقوموا بالنيابة عن النظام بالتصدي للثوار بادعاء أنهم المسئولون عما هم فيه من معاناة يتفنن النظام في استمرارها بل و زيادة حدتها. النظام عي استعداد للاطاحة ببعض رموزه و تقديم بعض التنازلات والوعود واشراك بعض القوي التي تتفق معه في أهدافه وفي معاداته للثورة و تضمن له استمراريته ومصالحه ولكنه ليس علي استعداد أبدا للقبول بأهداف الثورة في الحرية والديوقراطية الحقة التي تؤدي الي تحقيق العدالة الاجتماعية . ومع كل ما ارتكبه النظام طوال العام المنصرم من جرائم ضد الثوار تضاف الي جرائمه طوال الثلاثين عاما الماضية فانه لم ولن ينجح في القضاء علي الثورة أو اجهاضها وكل ما أمكنه عمله هو تأجيل تحقيق أهدافها و اهدار الكثير من دماء الشعب و أمواله و ضرب الاقتصاد مما زاد الشعب الثائر تصميما و اصرارا علي اسقاط النظام الذي فقد شرعيته تماما وفقد معها أيضا هيبته . ويرجع فشل النظام و أعوانه في اجهاض الثورة الي أنهم مصممون علي السباحة ضد التيار أو ضد حركة جماهير الشعب المصري و حركة التاريخ و حركة شعوب العالم تماما مثلما فشل الاستعمار القديم في القضاء علي ثورات التحرر الوطني في بلدان العالم و من بينها ثورة الشعب المصري لأن الحكومات الاستعمارية لم تستوعب حركة التاريخ و حركة الشعوب و اصرارها وتكاتفها مما ترتب غليه التي هزيمة البلدان الاستعمارية واحدة تلوالأخري و الجلاء عن المستعمرات ونالت شعوبها حريتها و واستقلالها بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب العالمية الثانية. انهم مصابون بالعشي أوحتي العمي الكامل بحيث أنهم لا يبصرون أن شعب مصر بعد 25 يناير غيره قبلها فقد فجرت فيه الثورة بكل ما قدم فيها من تضحيات و كل ما استفاده خلالها من تجارب و خبرات خصائص رائعة كانت كامنة فيه من أهمها كسر حاجز الخوف من السلطة الغاشمة مهما بلغ جبروتها و كذلك خاصية الصمود والمثابرة و الاصرار علي تحقيق أهدافه المشروعة مع التمسك بسلمية ثورته مهما حاول العدو استفزازه و اتهامه بمختلف التهم الباطلة. كما أن الثورة زادت من وتيرة نضوج الوعي الاجتماعي و السياسي لدي غالبية المصريين وبالتلي ضعفت قدرة النظام علي تزييف وعيهم وأصبحوا أكثر قدرة علي كشف أساليب الخداع والتضليل و بث الفرقة و الوقيعة بين مكونات المجتمع كما اتضح من كل محاولات اشعال الفتن الطائفية والتي أفشلها الشعب وقدم أبلغ دليل علي يقظته ليلة رأس السنة في ميدان التحرير التي كانت تجسيدا للوحدة الوطنية و للاصار علي استمرارية الثورة و اسقاط النظام ونفي كامل للادعاءات الكاذبة بأن الثوار يريدون اسقاط الجيش أو الدولة. انهم أيضا لا يبصرون حركة التاريخ و الشعوب في المنطقة وفي العالم ولا يدركون أن ثورة الشعب المصري في قلب ثورات شعوب العالم للتحرر من الظلم و الاستغلال والاستعلاء والافقاروالفساد والاستعباد واحتكار قلة لثروات البلاد وحرمان غالبية الشعوب من حقوق الانسان الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.وهي أيضا في قلب ثورات الشعوب العربية أو ما سمي بالربيع العربي . وهم لا يدركون أيضا اتساع نطاق وعمق التواصل بين شعوب العالم الثائرة و تبادل الخبرات و التجارب بينهم و الذي يسرته الثورة المعلوماتية والذي لا يمكن لأي قوة أن تمنعه و أمامهم فشل قطع الانترنت و الاتصالات في الأيام الأولي للثورة في افشال الثورة أو في منع الواصل بينها و بين ثورات ا\شعوب العالم. ان التوزيع غير العادل للثروة في بلدان العالم واتساع الفجوة بين الأغنياء و الفقراء أدي الي تمرد الشعوب وثورتها علي أنظمة الحكم في بلدانها و أيضا علي النظام العالمي الذي يكرس سيطرة و استغلال الشركات الكبري عابرة القوميات للقوي العاملة في كل أنحاء الأرض و يسود العالم الآن تيار التحرر من الاستغلال و فرض تحقيق العدالة الاجتماعية. الثورة الآن في كثير من بلدان العالم تحت شعار : نحن ال99%. و المقصود به أن 1% فقط من السكان يستحوذون علي خيرات البلد و يحرمون ال99% منها . ويعبر الثوار عن أنفسهم من خلال حركات احتجاجية أطلق عليها تسمية “ تظاهرات الاحتلال” أي احتلال الميادين أوالاعتصام بها من أجل تحقيق أهداف الثوار عي غرار اعتصام الثوار المصريين في ميدان التحرير . ومن أبرز و أوائل هذه الاعتصامات احتلال أو اعتصام وول ستريت بنيويورك في حديقة زوكوتي الذي بدأ في17 سبتمبر2011 مستلهما أسلوب ميدان التحرير و الذي هتف فيه المتظاهرون باللغة العربية : الشعب يريد اىسقاط النظام ثم أضافوا وول ستريت اشارة للنظام المالي و ما يرتبط به من نظام سياسي بالطبع. وتبع ذلك احتلالات أو اعتصامات أخري عديدة كان نموذج ميميدان التحرير حاضرا فيها مثل ميادين مدينتي لندن وهاليفاكس الكنديتان و حوالي 600 ميدان في مدن عديدة بالولاياتالمتحدةالأمريكية. وبنهاية شهر ديسمبر 2011 كانت الاعتصامات قد امتدت الي 2751ميدانا علي مستوي العالم كما حددت ذلك صفحة “لنحتل أو لنعتصم سويا ” علي الانترنت. وقد توزعت هذه الاحتجاجات بين استراليا و بلجيكا و كندا و كولومبيا وقبرص و الدنمارك و فرنسا و ألمانيا و هونج كونج و اسرائيل و ايطاليا و ماليزيا و المكسيك و مونجوليا و نيوزيلاندا و نيجريا و النرويج و ايرلندا و جنوب أفريقيا و سويسرا و انجلترا و الولاياتالمتحدةالأمريكية وفقا لما أورده مقال موسوعة ويكيبديا . وعلي الرغم من وجود اختلافات في أهداف هذه الاعتصامات و التي أري أنها بوادر ثورات لتغيير النظم الجائرة الا أن القاسم المشترك بينها أنها تهدف الي وضع حد للفساد و لتحقيق العدالة الاجتماعية . و السؤال الآن : الي متي يمكن للقوي المضادة للثورة أن تسبح ضد تيار التحرر من الاستغلال ومن نهب ثروات البلاد و من الاستهانة بحياة الانسان المصري و كرامته ومن الظلم الاجتماعي و من اهدار حقوق الانسان ذلك التيار الجبار الذي يجري في أنحاء مصر ويجري في أنحاء العالم ؟ رأيي أنه قياسا علي تاريخ حركات و ثورات التحرر في العالم من العبودية و من التمييز والفصل العنصري ومن الاستعمار و ماحققته من انتصارات علي أعداء الانسانية أن تيار الثورة سيجرف كل من يضع العقبات في سبيل تحقيق أهدافها ليس فقط في مصر ولكن في العالم أجمع لكي تبدأ مرحلةجديدة تتحقق فيها انسانية الانسان في مجتمع تسوده الحرية و الديموقراطية و العدالة الاجتماعية