أثار قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الخاص بإجراء تغييرات على رأس 3 أجهزة تابعة للجيش تتعلق بالأمن الداخلي وأمن رئيس الدولة، فضلًا عن التغيرات التي أجراهًا مؤخرًا في الحكومة، جدلًا في الأوساط الإعلامية والسياسية بالجزائر، حيث اختلف البعض بين تبرير قرارات الرئيس الجزائري الذين يعتقدون أنه بسبب الوضع الأمني المتدهور لاسيما في أعقاب التفجيرات الإرهابية الأخيرة في الجزائر وبين ما يرون هذه التغيرات تعكس الصراع الدائر بين أجنحة السلطة والتي تسعى لتثبيت أقدامها في وقت تشهد فيه حالة الرئيس الجزائري الصحية تدهورا كبيرًا. وشمل التغيير قائد مديرية الأمن الداخلي (جهاز مكافحة التجسس) ومسئول مديرية الأمن الرئاسي وقائد الحرس الجمهوري، وأوردت صحيفة «الخبر» الجزائرية أن بوتفليقة عيّن العقيد ناصر حبشي مسؤولاً موقتاً في مديرية الأمن الرئاسي، بدل اللواء عبد القادر مجدوب، في انتظار تعيين مسئول على رأس تلك المديرية المكلفة ضمان أمن رئيس الجمهورية وعدد من المنشآت التابعة للرئاسة، كما عيّن القائد السابق للناحية العسكرية الخامسة الفريق بن علي بن علي، قائداً للحرس الجمهوري بدلا من اللواء أحمد مولاي ملياني، وأقال بوتفليقة اللواء علي بن داود من منصبه على رأس الأمن الداخلي (مكافحة التجسس) ليحل محله العقيد عبد العزيز. ونقلت «الخبر» عن مصادر مأذون لها، أن ما دفع الرئيس إلى إجراء هذه التغييرات على رأس الجهازين المكلفين أمنه، هو محاولة الاقتحام التي شهدها مقر الإقامة الرئاسية في زرالدة أخيراً، معتبرة إن هذه التغييرات جاءت نتيجة «أخطاء» و «إهمال». ووقع «حادثاً» الأسبوع الماضي عندما أطلق عنصران مكلفان الأمن الرئاسي النار «في شكل عرضي» تسبب في ذعر في المقر الرئاسي في زرالدة، غرب الجزائر حيث يمضي الرئيس فترة راحة، وكان بوتفليقة أدخل تغييرات واسعة على أجهزة الاستخبارات في (سبتمبر) 2013. ويرسم تزامن هذه التغييرات مع تعديلات حكومية في الجزائر تشكّل مشهد سياسي يوحي بصراع بدأ بين أقطاب الحكم حول من يحكم الجزائر بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تتقاسمه ثلاث شخصيات على الأقلّ، هي رئيس الوزراء عبد المالك سلال ورئيس ديوان الرئاسة أحمد أويحيى وقائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح. ويرى بعض الخبراء أن التعديل الوزاري يأتي في مرحلة حساسة تمر بها البلاد أملتها الظروف الراهنة فيما شكل إعفاء وزير التجارة عمار بن يونس من منصبه الحدث بالنسبة لمعظم الجزائريين خاصة وأنه من أشد الموالين للرئيس وهو من ثارت من حوله احتجاجات واسعة حينما أقرّ تحرير بيع المشروبات الكحولية. وفي السياق ذاته؛ صرح لخضر بن خلاف القيادي في حزب جبهة العدالة والتنمية أن التعديل الحكومي الجزئي الذي أقره الرئيس بوتفليقة الخميس أملته الظروف فتغيير وزير التجارة عمارة بن يونس يأتي بعد الفساد والفضائح الني عرفها قطاعه ومطالبة الشعب بإزاحته واتخاذه لقرارات انفرادية وارتجالية دون العودة للحكومة فيما تم إعفاء وزير الشباب والرياضة عبد القادر خمري لدواعي صحية. من جانبه، يبدي المحلل السياسي مولود مسلم، قناعة بأنّ سباقاً محموماً انطلق بشكل غير معلن بين أويحيى وسلال رغم تحالفهما الظاهر، وستشهد الفترة المقبلة احتدام التنافس أكثر، لكن ليس بصفتيهما الحكوميتين، بل كأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي بالنسبة لأويحيى، وعضو قيادي في جبهة التحرير (حزب الغالبية) بالنسبة لسلال الذي يحظى بدعم عمار سعداني أحد كبار مؤيدي الرئيس بوتفليقة. ويرى مسلم أنّ الفترة المقبلة ستشهد اشتداد معركة «كسر العظام» بين إرادات عدد من المتنفذين الطامحين للسلطة، ولا يود هؤلاء التفريط في أدوار ضمن حراك السرايا لضبط ترتيبات مرحلة ما بعد بوتفليقة التي ستتضح معالمها أكثر، بُعيد التجسيد المرتقب لخامس دستور في تاريخ الجزائر، وحسم هوية من سيتولى منصب «نائب رئيس الجمهورية»، المستحدث، وما سيترتب على ذلك لاحقاً.