بعد اختتام أعمال منظمة شنغهاي، يظهر على الخريطة السياسية للعالم ملامح تشكيل تكتل جديد يحقق أركانه توازناً استراتيجياً مع الغرب، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الهندوباكستان ستنضمان إلى المنظمة للتعاون، التي ينضوي في عضويتها، إلى جانب روسيا والصين، جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى. وتنظر موسكو إلى المنظمة، التي شرعت بالتوسع لأول مرة منذ إنشائها عام 2001، على أنها قوة موازنة للتحالفات الغربية، وتتيح العضوية بالمنظمة لدولة مثل الهند فرصاً أكبر للوصول لموارد الطاقة بآسيا الوسطى، وقد مزج رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مشاركته بقمة منظمة شنغهاي بزيارة كزاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، وجميعها أعضاء بالمنظمة، وعلى واقع انضمام هذين القوتين، تكون ارتسمت ملامح محور دولي جديد، يمثل مصالح نصف العالم على أقل تقدير. انضمام باكستانوالهند إلى "منظمة شنغهاي للتعاون"، جعل من هذا التكتل الإقليمي تحالفاً يتألف من أربع دول نووية، ما يعني تحقيق توازن إستراتيجي مع العالم الغربي الذي يضم ثلاث قوى نووية هي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، واجتمعت دول "منظمة شنغهاي" على ثوابت تنبع من مصالحها الاقتصادية ورؤيتها المشتركة لتحديات وتهديدات المرحلة،وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "نعرف تاريخ العلاقات بين الهندوباكستان ونأمل بأن تصبح "المنظمة" ساحة للبحث عن حلول وسط حول المسائل الخلافية"، وأردف "كما أن دول "المنظمة" تؤيد انضمام إيران، لكن ينبغي أولاً استكمال إجراءات انضمام الهندوباكستان ثم سندرس آفاق توسع "المنظمة". عضوية إيران التي دعمها الرئيس بوتين ونظراؤه في المنظمة أصبحت مسألة فنية تحتاج لقليل من الوقت، لا شك ستكسب التكتل مزيداً من الهيبة والتأثير والفاعلية، وقال السفير الإيراني في موسكو مهدي سنائي، إنضمام إيران إلى "المنظمة" سيعود بالنفع على الطرفين في المجالات كافة وسيساعد على حل مشاكل عدة في مقدمها محاربة الإرهاب والتطرف، وأكد أن "إيران حجر أساسي في الهيكلية الأمنية الإقليمية". وفي حساب التوازنات الدولية، أصبحت "منظمة شنغهاي للتعاون"، عامل إغراء حتى لدول خارج الإقليم مثل مصْر حيث مع ازدياد حجم التحديات التي تعيشها المنطقة العربية، لا سيما مكافحة الارهاب تسعى دول عربية إلى البحث عن مخارج من أزماتها، ووجدت مصر في منظمة شنغهاي للتعاون سبيلا لتسوية أزماتها. ثمة معلومات تناقلتها وسائل إعلام روسية تتحدث عن طلب القاهرة للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون، التي تأسست قبل سنوات واثبتت قدرتها على التعاطي مع القضايا الدولية وعليه فربما تريد مصر أن تعزز تعاونها السياسي والاقتصادي مع عواصم محددة خصوصا وأن حكومتها تعول جذب استثمارات لن تكون مجزية إن ظل الاستقرار مهددا. وجاء انعقاد منظمة شنغهاي بعد يوم من قمة مجموعة "بريكس" للاقتصادات الصاعدة التي عقدت في نفس المدينة الروسية، وشدد الرئيس الروسي في كلمته على أن أحد أكبر التهديدات الأمنية التي تحدق بالمنطقة ينبع من أفغانستان حيث يزداد نشاط داعش، وقال بوتين إن قادة المنظمة اتفقوا على تعزيز التعاون فيما بينهم لمحاربة "الإرهاب" وتجارة المخدرات القادمة من أفغانستان، وقالت المنظمة في بيان أعقب الاجتماع، إن "تطور منظمة شنغهاي للتعاون يحدث في مرحلة معقدة من تطور العلاقات الدولية، ووسط تشكل عالم متعدد الأقطاب"، وأشار البيان إلى أن انضمام الدولتين الآسيويتين (الهندوباكستان) للمنظمة يُظهر أن عالماً "متعدد الأقطاب" يتشكل الآن.