كثير من المتغيرات والتحولات تشهدها الأزمة اليونانية، خاصة مع المفاوضات الجارية بين أثينا ودول الاتحاد الأوروبي للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف، من خلاله يكون في مقدرة اليونان تسديد مجموعة الديون التي تجاوزت ال600 مليار يورو. وقدمت اليونان مقترحات شاملة إلى دائنيها من دول الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، مقابل حصولها على خطة تمويل لثلاث سنوات وفقا للطلب الذي تقدمت به أيضا إلى آلية الاستقرار الأوروبية، وستدرس دول منطقة اليورو هذه المقترحات التي تهدف إلى التوصل لاتفاق مع الدائنين، قبل عقد قمة أوروبية استثنائية الأحد للثمانية والعشرين دولة في الاتحاد ستكون حاسمة بالنسبة لمصير اليونان في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. ومن الاقتراحات المدرجة في نص يتكون من ثلاث عشرة صفحة بعنوان «الإجراءات ذات الأولوية والالتزامات»، والتي تقترب من الصيغة الأخيرة لمطالب الدائنين في 26 يونيو الماضي والتي رفضتها الحكومة بالأساس معلنة عن تنظيم استفتاء ورفضها الشعب في هذا الاستفتاء بنسبة 61.3 في المائة، غير أن الحكومة أفادت أنه يتحتم مراجعة هذه الأهداف على ضوء تفاقم الوضع الاقتصادي في الأيام الأخيرة ولا سيما بعد فرض الرقابة على الرساميل وإغلاق المصارف، بجانب إعادة هيكلة الديون العامة البالغة حاليا 180 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي وتحفيز الانتعاش الاقتصادي وتقديم حزمة من 35 مليار يورو مخصصة للنمو. وافق برلمان اليونان بأغلبية مؤخرا على مقترحات إصلاحية تقدم بها رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس من أجل الحصول على دعم مالي إضافي يجنب اليونان الخروج من منطقة اليورو، وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن "251 عضوا في البرلمان صوتوا لصالح المقترحات من أصل 300 عضو". واعتبر عدد من المراقبين أن ما ورد في سلسلة المقترحات تغير مفاجئ في موقف اليونان ورضوخ لمطالب الدائنينبضرورة تبني حزمة جديدة من إجراءات التقشف تشمل رفع قيمة ضريبة المبيعات وتقليص الإنفاق الحكومي بالنسبة لمعاشات التقاعد والتي لطالما قاومتها الحكومة اليسارية في أثينا، ولكن حزمة الإصلاحات المشار إليها جددت الآمال في أن تتلقى اليونان جرعة إنقاذ تحول دون خروجها من منطقة اليورو، في وقت قال دائنون رئيسيون إنهم منفتحون على بحث كيفية تخفيف وطأة الدين على البلاد، وهي النقطة التي ظلت زمنًا طويلاً عصية على الحل خلال المفاوضات. وإذا نظرنا إلى ردود الفعل في الداخل اليوناني على المستوى السياسي فإن هناك من يعارض هذه التدابير التقشفية التي تعتبر أشد قساوة وإجحافا من التي كانت تفرضها الحكومة السابقة بزعامة إندونيس ساماراس، والتي خسرت في انتخابات يناير الماضي ليفوز حزب سيريزا الحالي وفقا لوعوده الوردية للمواطنين. وناشد تسيبراس البرلمانيين في حزبه سيريزا إلى تأييد خطة مالية تحصل بلاده في مقابلها على مساعدات من الدائنين، ووسط رفض بعض من أعضاء الحزب اليساري هذه المقترحات، قال تسيبراس إن لديه تفويضا بالتوصل إلى اتفاق وليس الانهيار، مؤكدا على إما الاستمرار جميعا وإما المغادرة جميعا. وذكر مسؤول حكومي أن تسيبراس قال للبرلمانيين: «نواجه قرارات حاسمة.. حصلنا على تفويض للتوصل إلى اتفاق أفضل من الإنذار الذي أعطته لنا مجموعة اليورو ولكننا لم نحصل بالطبع على تفويض بإخراج اليونان من منطقة اليورو.. نحن جميعنا في نفس هذا القارب». وهناك معارضون للخطة من الحزب الحاكم نفسه، على الرغم من أن هذه المقترحات لاقت موافقة المعارضة التي ذهب عدد من رموزها إلى بروكسل للقاء المسؤولين في أوروبا كرسالة تضامن واتحاد لإبقاء اليونان في منطقة اليورو، ورفض أي سيناريو كارثي قد يجر أثينا إلى الإفلاس والعودة إلى العملة الوطنية القديمة. وعلى المستوى الشعبي أيضا هناك رفض للتدابير التقشفية، ودعت النقابات العمالية الموالية لليسار إلى مظاهرات حاشدة في 21 مدينة يونانية ضد التدابير التقشفية والمقترحات الجديدة. ويري محللون أن بعض اليونانيين يشعرون بأنهم تعرضوا للخذلان، وخرجت مسيرات احتجاجية ضد تجاهل نتيجة الاستفتاء الذي نظمته الحكومة الأسبوع الماضي لأخذ رأي الشعب في حزمة الإصلاحات التي يطالب بها الدائنون، وقد أطلق وسم على تويتر بعنوان "اشرحوا معنى لا ل تسيبراس" وعلق أحدهم " طوال هذا الوقت كنت أعتقد أن ميركل هي التي تماطل" بإشارة للمستشارة أنجيلا ميركل التي تقود بلادها مطالبة دائني اليونان بإجراء مزيد من الإصلاحات والتقشف كشرط لتنفيذ خطة إنقاذها من الديون.