أصدمت الحوادث الإرهابية التي وقعت في القاهرة مؤخرًا الكثير من المحللين والسياسيين، لاسيما الحادث الإرهابي الذي ضرب القنصلية الإيطالية وسط العاصمة اليوم، وعلى الرغم من أن القنصلية كانت شبه خالٍية، ولم يكن فيها أي موظف أجنبي في أثناء الانفجار، إلا أن هذه العملية لها مدلولاتها التي تؤكد أن هناك نقلة جديدة ونوعية للعمليات الإرهابية، لاسيما وأن هذه العمليات الهدف منها هو المساس بصورة مصر على المستوى الخارجي. تسبب الحاث الإرهابي في مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين بعدما وضع مجهولون عبوة ناسفة أسفل إحدى السيارات المتواجدة بمحيط القنصلية وتفجيرها عن بعد و تم العثور بمحيط الانفجار على أجزاء من السيارة التي زرعت أسفلها القنبلة، وأعلن وزير الخارجية الإيطالي، باولو جنتيلوني، أن الاعتداء الذي استهدف قنصلية بلاده في القاهرة ‘لن يخيف إيطاليا'، موضحاً أنه لم يسفر عن ضحايا إيطاليين، مضيفًا : ‘نحن إلى جانب الأشخاص المصابين وموظفينا وإيطاليا لن تخاف'. رأى محللون وخبراء، أن هذه الانفجار لا يؤثر علي العلاقات المصرية الإيطالية بقدر التأثير علي التخوف من بقية دول العالم في القدوم إلي مصر، وعزز أصحاب هذا الرأي أن هذا الانفجار الذي أصاب القنصلية الإيطالية، يرجع إلي موقف إيطاليا الداعم للحكومة الحالية ونظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. واستبعد مصدر دبلوماسي مطلع سحب إيطاليا سفيرها بالقاهرة، مؤكدًا أن إيطاليا تتفهم أن الجماعات الإرهابية ما زالت تستهدف النيل من استقرر مصر الحالي وإحراج موقف القاهرة الدولي، خاصة مع مرور عام علي تولي السيسي قائلا "توقع الإرهابيون أن يقطع الانفجار علاقات مصر الدولية ولكن العكس هو ما سيحدث بتأييد أوروبا ودعمها لمصر في مكافحة الإرهاب" . وربط آخرين قرب افتتاح قناة السويس الجديدة بالحادث الإرهابي، مشيرين إلى أن وراء ذلك التفجير هو إعطاء مؤشر للدول الأجنبية بأنه لا يوجد استقرار في مصر، لتجنب حضور رؤساء الدول والزعماء هذا الافتتاح. من جانبه، أجرى سامح شكري وزير الخارجية اتصالًا هاتفيًا بنظيره الإيطالي، قدم خلاله المعلومات المتوافرة حول الحادث الإرهابي، مؤكدًا له أن مصر لن تتوانى عن مواصلة وتكثيف جهودها مع مختلف دول العالم من بينها إيطاليا لمحاربة الإرهاب والعمل على اجتثاثه من جذوره ودحره، مشدداً علي عزم مصر علي إفشال المخططات التي تستهدف الاستقرار في البلاد والقضاء علي كافة التنظيمات الإرهابية. وثمة تحليلات أخرى تذهب إلى عدم وجود أسباب وراء اختيار السفارة الإيطالية بالقاهرة، وأنه اختيارًا عشوائيًا كونه في منطقة وسط البلد، ويتمتع بكثافة مرورية، إلا أن استهداف هذه الأماكن الحيوية يأتي بعدة رسائل مهمة أولها رسالة للدولة ببداية استهداف الأماكن الحيوية التي يوجد بها سفارات، لاسيما وأن كل دولة ملزمة بحماية مباني السفارات المتواجدة بها، وهذا التزام عليها وفق معاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية، بالإضافة إلي أن كون نقل التفجيرات إلى مناطق السفارات الأجنبية رغبة في هز مكانة مصر الدولية وقدرتها علي حماية البعثات الدبلوماسية. وخلال الأعوام القليلة الماضية، شهدت بعض السفارات المصرية أحداثا مشابهة، فتعرضت السفارة الكونغولية في مارس الماضي إلى هجوم إرهابي، نفذه ثلاثة من أعضاء تنظيم أجناد مصر، أطلقوا النيران تجاه مجند شرطة مكلف بتأمين مقر السفارة، مما تسبب في وفاته في الحال، وإصابة مجند آخر. وكانت سفارتي كندا وبريطانيا، قررت بشكل مفاجئ في نهاية العام الماضي، غلق سفارتيهما، الأمر الذي أثار قلق الكثير حينها، إلا إنه بعد أيام قليلة تم فتح السفارتين مرة أخرى.