تعكف دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) على استكمال نهضتها بمشاريع مستقبلية تتعلق بإنشاء بنك مشترك للتنمية برأس مال قدره 50 مليار دولار، يمكن من خلاله توظيف الأموال في مشروعات البنى التحتية، ثم تكوين احتياطات مشتركة من العملات الصعبة أو عملات الملاذ الآمن؛ لمواجهة التقلبات المتأججة في السوق المالية العالمية، والضغط على البنك الدولي؛ للانتقال به من وظائف ذات صبغة سياسية إلى مؤسسة تروج لشراكات متكافئة بين الدول المانحة ونظيرتها المتلقية. وفى نوع جديد من التحالفات الاقتصادية أكد البنك المركزى الروسى أن البنوك المركزية لمجموعة "بريكس" وقعت أمس الثلاثاء اتفاقية حول شروط الدعم المتبادل فى إطار صندوق احتياطى العملات الخاص بهذه المجموعة. وأضاف البنك – فى بيان له اليوم حسبما أفادت وكالة أنباء"سبوتنيك " الروسية – أن الاتفاقية تتضمن العمليات التى تنفذها المصارف المركزية لدول "بريكس" فى إطار صندوق احتياطى العملات، وتحدد حقوقها والتزاماتها، موضحًا أن وظيفة الصندوق تشتمل على أن تقدم المصارف المركزية لدول "بريكس" التمويل المتبادل بالعملة الأمريكية فى حال ظهور مشكلات فى السيولة، كما يساعدها في التغلب على نقص السيولة فى المدى القصير وسد عجز الميزانية فى أوقات عدم الاستقرار الاقتصادى. يُذكر أنه تم التوقيع فى العام الماضى على اتفاق بشأن إنشاء بنك التنمية لبلدان "بريكس"، وتدور مهمته الرئيسية حول تمويل مشاريع البنية التحتية لها وللدول النامية، كما أنه من المقرر أن تعقد قمة لدول "بريكس" فى مدينة "أوفا" الروسية اليوم الأربعاء لمناقشة موضوعات عديدة، منها الاستراتيجية الجديدة لمجموعة بريكس ودور المجموعة العالمى، وتعزيز الدور المركزى للأمم المتحدة فى العالم والتنسيق فى حل النزاعات الدولية. وتعليقاً على ذلك يقول الخبير الاقتصادي سرحان سليمان إن مصر لجأت لهذا التحالف وقت بدايات تكوينه فى عام 2013 فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسي لدعم اقتصادها على هذا النمط، وهو ما لم يكتمل بعد. وأضاف أن هذا التحالف الاقتصادى مهم جدًّا لتجنب المخاطر الاقتصادية التى تقع على هذه البلدان وتكوين حلف له طبيعة خاصة قوية من حيث الاقتصاد أولاً ومن ثم الاستراتيجية، مشيرًا إلى أنه فى حالة نجاح هذا التحالف الاقتصادى، سيصبح تأثيره على الدولار بشكل منخفض، أى بنسبة 6% تقريبًا فقط، مؤكدًا أن تلك الدول تمتلك المواد الخام الأولية التى ستساعدها على النهوض الاقتصادى، بجانب الإدارة السياسية لهذه الدولة؛ مما يعمل على تقوية وجودها بين الدول على المستوى الاقتصادى. مؤكدًا أن الاقتصاد المصرى يستطيع أن يتنتعش بمثل هذه الطريقة بدلاً من اللجوء للبنك الدولى ذي الشروط السياسية التعجيزية القائمة على التقشف ورفع الدعم عن مستحقيه. وقال الدكتور خالد عبد الفتاح، مدرس التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، إن مثل هذا التعاون الاقتصادى حدث فى الماضي بين أمريكا وكندا، ووفقًا للعامل الجغرافي لهذه الدول بجانب تقارب الأهداف السياسية والاستراتيجية، استطاع أن يحقق نجاحًا هائلاً. محذرًا من أن هذا التحالف من الممكن ألا يستمر إذا تدخلت فيه الأمور السياسية المتباينة لهذه الدول، ولكن إذا استمر الدعم الاقتصادى بهذا الشكل، فسيصبح قويًّا جدًّا، مؤكدًا أن البنوك المركزية للدول تستطيع أن تفعل هذا أفضل من اللجوء للبنك الدولى. وتابع عبد الفتاح أن الحديث حول إمكانية وجود مصر فى مثل هذه التحالفات ما هو إلا أحلام؛ لأنه لا توجد إرادة سياسية داخلية للنهوض بالاقتصاد؛ حتى لا تختل موازين القوى بالعالم، كما أن مصر تتبع البنك الدولى وهناك إرادة سياسية لاستمرار هذه التبعية، والدليل على ذلك استمرار تشريد العمال ورفع الدعم، وهو ما يتطلبه البنك الدولى، مضيفًا أنه إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية للخروج من الأزمة الاقتصادية المصرية، فعلينا بتحالف اقتصادى مثل هذا بين الدول العربية؛ لنتجنب البنك الدولى وصراع الدول الأجنبية.