تحل في هذه الأيام ذكرى العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي بدأ يوم 8 يوليو من العام الماضي، وبالرغم من المأساة الإنسانية التي وقعت، والحزن الذي ينتاب العامة جراء ما نتج عن هذا العدوان من دمار وخراب وقتل الآلاف من الشعب الفلسطيني وإصابة عشرات الآلاف، إلا أن تذكرنا هذه الأيام أيضًا، بالرد القوي من جانب الفصائل الفلسطينية المقاومة التي لم تستسلم قط، وأثبتت في معركة «العصف المأكول» أنها قادرة على صد جرائم وانتهاكات الكيان الصهيوني. طالت صواريخ الفصائل الفلسطينية في حرب غزة الأخيرة، مناطق لأول مرة تصيبها صواريخ عربية منذ احتلال فلسطين عام 1948، حيث قصفت كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس، العديد من المدن الصهيونية، منها مدينة حيفا بصواروخ من طراز R160، والقدس المحتلة بعدة صواريخ من طراز M75 ووصلت الصواريخ لمسافات ومدن بعيدة المدى، كما قصفت المقاومة ولأول مرة مدينة ديمونا النووية، ومطار رامون العسكري، كما وصلت صواريخ المقاومة إلى قيسارية ومنطقة البحر الميت. وبالرغم من التفوق الإسرائيلي في البعد البري والبحري والجوي، بما تملكه من قدرات وإمكانات عسكرية، نفذت قوات المقاومة عدة عمليات برمائية في الهجوم على قاعدة زكيم، كما أطلقت طائرات بدون طيار ( أبابيل )، وكان تأثير هذه العمليات معنوي أكثر من التأثير المادي، كما تم التحضير لشبكة أنفاق هجومية تمكنت من خلالها المقاومة من تنفيذ العديد من العمليات النوعية الناجحة خلف خطوط العدو، كما لجأت إلى استخدام أسلوب عسكري معروف وهو استدراج قوات العدو لمناطق تقتيل مختارة مسبقا سواء في الأراضي الزراعية المفتوحة أو في المناطق المبنية. وتعتبر عملية زكيم أحدث تغير وتطور نوعي لدى المقاومة، حيث اقتحمت وحدة الكوماندوز التابعة لكتائب القسام قاعدة سلاح البحرية في (زيكيم) على شواطئ عسقلان عبر البحر، وأظهرت هذه العملية مدى تطور منظومة التحكم والاتصال لدى الفصائل الفلسطينية والوصول إلى حد تواصل القيادة مع العناصر المشاركة في مجموعة الكوماندوز المقتحمة من أرض المعركة، إذ دارت محادثة أثناء التنفيذ، وأكد فيها قائد المجموعة أن المهمة تتم وفق ما هو مخطط لها، موضحا وقوع خسائر كبيرة في صفوف "الإسرائيليين". وأظهرت المعارك الميدانية مدى قدرة المقاومة ايضًا على المواجهة المباشرة، ففي اليوم الخامس من عملية العصف المأكول، أعلنت كتائب القسام أن مجموعة من مقاتليها تصدت في اشتباكات عنيفة لقوات من جنود الاحتلال حاولوا التسلل عبر البحر إلى منطقة "السودانية" شمال غرب مدينة غزة، كما تمكنت كتائب القسام، من قصف مدينة "تل أبيب" المحتلة و "بيت يام" ب10 صواريخ من طراز "J80″ . أما في تحقيق التوازن، والردع بالردع في المعركة، فطالت صواريخ القسام والجهاد الاسلامي وبقية الفصائل المسلحة معظم جغرافية فلسطينالمحتلة من تل الربيع الى يافا وحيفا واللد والقدس ومعاليه أدوميم، ووضعت خمسة ملايين شخص في دائرة التأثير وعلقت العديد من الرحلات الجوية إلى مطار اللد في سابقة نادرة الحدوث في التاريخ الصهيوني، كما تمكنت الفصائل المقاومة من خلال التنسيق العالي المستوى والتحليل العلمي الدقيق لقدرات «القبة الحديدية» من أن تتغلب عليها في كثير من الأحيان عبر تكثيف عمليات القصف المتزامن بحيث يصبح عدد الصواريخ المطلقة في كل زخة واحدة يتجاوز سبعة صواريخ، مما يحدث إرباكا وتشويشا لوحدات المتابعة الإسرائيلية. وفي ما يخص الصواريخ المستخدمة من جانب الفصائل الفلسطينية، ففاجأت المقاومة العدو بصناعاتها العسكرية، حيث أكدت كتائب القسام أن مهندسوها تمكنوا من تطوير صاروخ R160ويصل مداه 160 كم، وصاروخ J80ويصل 80 كم، وM75ويصل 75 كم، وS55ويصل 55كم، كما صنع مهندسوها طائرة استطلاع (بدون طيار)، وحملت اسم أبابيل وهي من ثلاثة نماذج (استطلاعية/هجومية/انتحارية)، كما صنع المهندسون بندقية القنص (غول) وهي من عيار 14.5، وغيرها من الصناعات التي لم تكشف عنها كتائب القسام.