في الوقت الذي تلملم فيه الكويت جراحها وتدعو مواطنيها إلى الاستمرار في العمل ومساندة عناصر الشرطة لكي تتمكن من الخروج سريعًا من دائرة الإرهاب بعد الحادث الدامي في مسجد "الصادق" في منطقة الصوابر، تفاقمت المشكلة ولكن هذه المرة من الناحية الاقتصادية، بعد أن أقر البرلمان عجزا كبيرا للمرة الأولى منذ 15 عاما في ميزانية الدولة. أقر البرلمان الكويتي ميزانية الدولة للعام 2015/2016، مسجلًا عجزًا بسبعة مليارات دينار أي ما يعادل 23.2 مليار دولار، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وسجلت الموازنة التي صوت عليها 43 نائبًا من أصل 47، انخفاض الإيرادات إلى 12.2 مليار دينار أي ما يعادل 40.7 مليار دولار، أي أقل بمقدار الثلث عن العام 2014. يأتي هذا العجز بعد استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة مقارنة مع فائض قدره 4.955 مليار دينار قبل عام، كما انخفضت المصاريف العامة في هذه الدولة النفطية إلى 19.17 مليار دينار أي ما يعادل 63.9 مليار دولار، أي بحوالي 17.4 في المائة أقل من الميزانية السابقة. قال وزير المالية الكويتي "انس الصالح"، "نحن أمام وضع صعب من الناحية المالية في الوقت الحالي يحتم علينا ضرورة التفكير جديًا في بدء عمليات الاصلاح المالي، للسيطرة على انفاقنا العام الجاري، وأن نعمل على تنويع مصادر إيرادات الدولة حتى لا تستمر الميزانية تحت رحمة تطورات الأوضاع في سوق النفط العالمي"، وأضاف أنه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن كيفية تمويل العجز لهذا العام، موضحا أنه سيجري اختيار مصدر التمويل بما يحقق أفضل مصالح الكويت. قال الوزير في بيان أمام مجلس الأمة الكويتي، "العجز المالي في ميزانية دولة الكويت قد تحقق بأسرع مما يتصور الجميع حيث حققت مالية الدولة عجزا لأول مرة منذ السنة المالية 1999-2000، ويعكس كل التوقعات التي قدرت حدوث العجز بين 2017 و2021″، مؤكدًا أن الكويت سجلت فائضًا في الميزانية بلغ 4.96 مليار دينار في السنة المالية 2013-2014. تعتبر أسعار النفط العالمي هي المؤثر الرئيسي على ميزانية الكويت حيث يشكل النفط ومشتقاته والأسمدة الكيماوية أكثر من 90% من إجمالي الصادرات الكويتية، لكن ذلك لا ينفي تأثير التفجير الإرهابي الأخير على الأوضاع الاقتصادية أيضًا، حيث لم تتمكن الكويت بعد من تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية التي بدأت في 2008، ليأتي التفجير وتداعياته فيزيد حدة الأمور وتأزمها، ففي أول جلسة تداول بعد الهجوم، أغلقت مؤشرات البورصة على انخفاض، وهو ما أرجعه المحللين الاقتصاديين إلى إضافة التفجير لعبء جديد على البورصة الكويتية المتمثل في الجانب الأمني. منذ الأزمة العالمية تعاني الكويت وضعا صعبا في الناحية الاقتصادية، حيث انخفض المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت من 15600 نقطة في 2008 قبيل الأزمة العالمية، ليصل حاليًا إلى 6200 نقطة، ودون أمل كبير في انتعاش قريب للبورصة، وتوقف نشاط الاكتتابات الجديدة منذ ذلك الحين، وشح إلى حد كبير إدراج الشركات الجديدة في السوق. شهدت الكويت خلال الأشهر القليلة الماضية خروجًا نهائيًا لعدد من الشركات من البورصة بسبب ضعف التداولات، وللتخلص من المصروفات التي تفرضها السوق، ومن العبء المالي لقواعد الحوكمة التي تفرضها هيئة أسواق المال على الشركات المدرجة. على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تضرب الكويت في الوقت الحالي والعجز المالي في الميزانية التي تعتبر الأولي من نوعاه منذ 15 عام، إلا أن الكويت تمتلك احتياطيات مالية ضخمة، مما يعني أنها ستبقى بعيدة عن أي أزمة مالية، ويحوز صندوق الثروة السيادية الكويتي أصولا بقيمة 548 مليار دولار أي أكثر من 300 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقديرات معهد صناديق الثروة السيادية.