ناقشنا على مدار الفترة الماضية مشاكل قطاع الزراعة، ولم نتطرق إلى حلول واقعية وجذرية لها، لقطاع يمكن أن نطلق عليه ودون مبالغة أنه عامود الاقتصاد المصري، إذا وضعنا في الاعتبار بعض الصناعات التي تدخل في قطاعات أخرى كصناعة الأسمدة والأعلاف والتصنيع الغذائي. يقول الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بزراعة القاهرة، إن هناك عدة حلول لمشاكل القطاع الزراعي، تهدف إلى وضع خطة استراتيجية جديدة لعودة الزراعة مهنة مربحة، ولن يتأتى ذلك إلا بتوفير التقاوي عالية الإنتاجية والأسمدة بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تغيير الفكر المسيطر على الدولة بتخفيض أسعار المحاصيل الزراعية لطرحها في الأسواق بأسعار تلائم المواطن المصري، وبدلا من ذلك لابد أن ترفع شعار "من المنتج إلى المستهلك" للقضاء على الحلقات الوسيطة التى تكون دائما رابحة. وطالب "نور الدين" بضرورة تحديث الزراعة المصرية والخروج من براثن الزراعة اليدوية، واستخدام الآلة في جميع مراحل الإنتاج من الزراعة وحتي الحصاد؛ للتغلب علي نقص العمالة في الريف وارتفاع أسعارها، والعمل علي زيادة إنتاجية الفدان في الأراضي القديمة "6.8 مليون فدان" ولو بنسبة 25%، الأمر الذى يضيف ما يعادل استصلاح 2 مليون فدان دون أي أعباء مالية علي الدولة وبنفس المياه الحالية دون زيادة، وأن يكون التوسع الرأسي من سياسات الدولة الراسخة، مع استنباط الأصناف الجديدة عالية الإنتاجية والمتحملة للعطش وارتفاع درجات الحرارة؛ لمواجهة تغيير المناخ بتوفير الموارد المالية اللازمة في ميزانية الدولة، إضافة إلى التوسع في التصنيع الزراعي لاستيعاب هذه العمالة وبأجور أعلي بما يحقق مبدأ محاربة الفقر في الريف والتي بلغت نسبته 78%. أضاف أستاذ الأراضي والمياه أنه لا سبيل لتقليل الفجوة الغذائية إلا بإعادة هيكلة السياسة الزراعية المصرية لإنتاج المزيد من السلع الاستراتيجية، وضمان تسويق الناتج الزراعي؛ لعودة مصر إلي مكانتها الإفريقية، والتعاون مع دول منابع النيل في تحسين أمن الغذاء في مصر سواء بالمشاركة أو باستئجار مساحات من الأراضي في هذه البلدان؛ كونها أراضي الوفرة الزراعية، وتتميز بزراعة أغلب ما نستورده مثل محاصيل زيوت الطعام، وعباد الشمس، والصويا، والذرة الصفراء، والفول، والعدس، واللحوم الحمراء. واستنكر "نور الدين" توقيع منظمة اليونيدو "UNIDO" التابعة للأمم المتحدة اتفاقية في مايو عام 2012 مع إسرائيل لتكون مسئولة عن الزراعة والأمن الغذائي ورفع كفاءة استخدامات المياه والتوسع في التصنيع الزراعي، فى ظل أنها دولة صحراوية ومن خارج القارة الإفريقية وعمرها لايزيد على 67 سنة فقط، مقابل مصر الفرعونية التي عرفت الزراعة، وكانت مهدا لها منذ سبعة آلاف سنة، وتضم أكبر عدد من الجامعات في إفريقيا وأعرق مركز للبحوث الزراعية في الشرق الأوسط، لكن للأسف تستورد تقاوي الخضراوات إسرائيل وباقي دول العالم. من جانبه، قال الدكتور علي إبراهيم، خبير التنمية الزراعية، إن معوقات النمو تتعدد وتختلف، بداية من هيكلة النظام الإداري واختيار القائمين عليه لتوفير مستلزمات الإنتاج ودفع عملية النمو، لافتا إلى أن مشاكل الزراعة في مصر تكمن في عدة محاور رئيسية، أهمها المشاكل الإدارية الخاصة بوزارة الزراعة، التي يجب أن يكون بها هيكل تنظيمي يعمل وفق آلية الباب الواحد، بعيدا عن تعددية الاتجاهات وتضارب الاختصاصات، خاصة أنها تضم ما يزيد على 12 قطاعا. وأوضح "إبراهيم" أن وزارة الزراعة تضم أكبر مركز بحثي على مستوى القارة الإفريقية والشرق الأوسط "مركز البحوث الزراعية" الذي يضم ما يقارب من 29 معهدا ومعملا مركزيا، وينتج الأبحاث التطبيقية في مجال التنمية الزراعية، مشيرا إلى أن الفلاح المصر يعد أساس هذا الكيان البحثي، ويجب أن يكون شريكا فى البحث عن مجموعة عوامل تهدف لإحداث نمو يحقق أعلى عائد له عن طريق إجراء البحوث الزراعية، واستحداث الأصناف الجديدة عالية الإنتاجية، في ظل عمليات زراعية بأقل تكلفة وأعلى عائد.