يواصل الأسير الفلسطيني "خضر عدنان" معركة الأمعاء الخاوية التي اقتربت من 50 يوما، معركة تكشف انتهاكات الاحتلال وسياسته القمعية اللاإنسانية وهدفه المتمثل في تصفية المقاومين الفلسطينيين بشكل بطيء، وسط صمت إعلامي وحقوقي عربي وعالمي. أكمل "خضر عدنان"، اليوم ال49 من إضرابه عن الطعام، احتجاجًا على اعتقاله الإداري داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهو فعل تقوم به قوات الاحتلال بشكل غير قانوني وتعسفي، وغالباً ما يلجأ الاحتلال إلى هذا النوع من الاعتقالات، ويتم دون توجيه تهم محددة للشخص المعتقل ودون تقديمه للمحاكمة، وتتراوح مدة الاعتقال من شهر واحد إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد، وتصدر الأوامر بناء على معلومات سرية لا يحق للمعتقل أو لمحاميه الاطلاع عليها. قال الأسير "خضر" في رسالة منقولة عنه أن "الإضراب سينتهي عما قريب، إما حرًا أو شهيدًا"، وتابع الأسير "عدنان" في رسالة نقلها عنه مدير الوحدة القانونية في "نادي الأسير" المحامي "جواد بولس"، "من يقف موقفًا مبكرًا في رحلة العزة والكرامة لأخيه وابنه خضر سأسعد به يوم الخروج، ولن يكون كمن يستقبل للمرة الأولى أو يخرج متسابقًا لحمل نعشي، لا أطلب تحميل غزة أكثر مما تحتمل وهي ترزح تحت الركام وآلاف البيوت المهدمة، ولكن الموقف في وقته يساوي قنطارًا، أغناكم الله وأغناني برضاه عمن سواه". وتوجه "خضر" برسالة إلى وسائل الإعلام بالقول "لكل وسائل الإعلام ولكل الأحرار، أتمنى عليكم توخي الدقة في الأخبار، ولا سيما في هذه الأوقات العصيبة، فقد تخرج بعض الأخبار من طرف عدو لجس ردة فعل شعبنا وقيادته، فإذا رآها ضعيفة لساعات فلربما يقدم فعلاً على تثبيت الخبر، فإلى كل من استعجل موتي، لا أزال حرًا وحيًا وستبقى الحياة والموت بيد الله". تدهورًا خطيرًا طرأ على الوضع الصحي ل"عدنان" المضرب عن الطعام، حيث قال رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينيين "عيسى قراقع"، إن الأطباء الإسرائيليين حذروا من موت فجائي للأسير "خضر"، وبرر الأطباء تحذيرهم بتدهور وضع الأسير الصحي استنادًا لآخر التقارير الطبية التي أفادهم بها مدير المستشفى. وكانت شائعات قد ترددت منذ أيام عن وفاة الأسير "خضر" إثر تدهور حالته الصحية، لكن نادي الأسير الفلسطيني نفى هذه الشائعات وقال مدير الوحدة القانونية في "نادي الأسير"، "الأسير خضر عدنان في مستشفى أساف هروفيه"، وأكد أن وضع عدنان لا يزال حرجاً وصعباً، وهو لا يزال محتجزاً في نفس الظروف الاعتقالية، مكبلاً بالسرير. أضاف نادي الأسير أن "طوال وقت الزيارة، كان الأسير خضر يتقيأ مواد خضراء اللون مع استمراره بمقاطعة الملح والمدعمات أو إجراء الفحوص الطبية"، وبدا عليه الهزال والضعف الشديدان كما لم يبدوَا عليه في الماضي، وكان صوته يسمع بصعوبة، وأوضح رفض "عدنان" عرضًا يقضي بقبوله إجراء فحوص عاجلة وأساسية مقابل "تحسين ظروف اعتقاله" في غرفة المستشفى وتخفيف الشروط المقيدة هناك، مشددًا على أنه رغم خطورة الوضع الذي آلت إليه حالة الأسير ما زال مصرًا على شرب الماء وهو خال من أي إضافات أساسية. وقالت مصادر طبية إسرائيلية أن ظاهرتين جديدتين خطيرتين لوحظتا على الأسير، وهما اشتداد في إصفرار حدقتي عينيه، مما يؤشر على عطل في عمل الكبد، إضافة إلى إدراره للبول بلون داكن، مما يشي بعطل في عمل الكليتين لديه، ولفتت المصادر الطبية إلى أن تلك الأضرار قد تكون غير قابلة للتعافي فيما بعد. من جانبها؛ حمّلت القوى الوطنية والإسلامية في قطاع غزة الاحتلال المسئولية الكاملة عن حياة الأسير "خضر عدنان"، داعية إلى الإفراج عنه فورًا، كما تحمل الاحتلال المسئولية عن التداعيات التي قد تنجم عن استمرار اعتقاله وتعريض حياته للخطر. رأت وزارة الإعلام الفلسطينية في مواصلة الاحتلال احتجاز المعتقل الإداري "خضر عدنان" تصفية لا تستهدفه وحده، وإنما تطال الحركة الأسيرة برمتها، وأكدت الوزارة أن الأسير "لا يخوض هذه البطولة لشخصه أو باسمه، بل يدافع عن كل أبناء شعبنا داخل قلاع الأسر وخارجها، ويحاكم الاحتلال على جرائمه ضد أسرانا البواسل"، ودعت الوزارة الهيئات الحقوقية والإنسانية في العالم، وبخاصة اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الضغط على الاحتلال لإطلاق سراحه قبل فوات الأوان، كما حثت الوزارة وسائل الإعلام الوطنية والعربية والدولية للتضامن مع الأسير "خضر" وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال داخل المعتقلات، التي أدت لاستشهاد أكثر من 207 مناضلاً، فيما يمارس الاحتلال أقسى أنواع التعذيب والإرهاب بحق أسرى الحرية في 17 معتقلا ومركز توقيف. واعتبرت الوزارة حرب الكرامة التي يخوضها "عدنان" ومن سبقه محطة لمقاضاة الاحتلال على سياسات التعذيب والقهر والإهمال الطبي والعزل، والتفتيش العاري، والتنكيل بالأسرى واعتقاله الإداري دون محاكمة أو لائحة اتهام، وانتهاكاته الفاضحة لمواثيق الأممالمتحدة المتصلة بحقوق الإنسان والاتفاقات الأممية الخاصة بأسرى الحرب. بدورها حذرت الجهاد الإسلامي من التداعيات الخطيرة التي قد تنشب عن استشهاد الأسير "خضر عدنان"، مطالبة مصر التي رعت وقف إطلاق النار التحرك من أجل إطلاق سراحه، وقال "خالد البطش"، "نحن في حركة الجهاد الإسلامي على اتصال مستمر سواء مع المصريين أو السلطة من اجل ضمان إطلاق سراح خضر عدنان، ونحمل الاحتلال المسئولة وكافة التداعيات التي قد تنتج عن استشهاد خضر عدنان". هذا الإضراب ليس الأول بالنسبة للأسير "خضر عدنان" الذي ينتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي، فقد خاض إضرابًا طويلًا عن الطعام عام 2012، استمر 66 يومًا وانتهى بالإفراج عنه، مفجرًا بذلك ما سمي "معركة الأمعاء الخاوية".