مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، تعددت المبادرات والحوارات السورية التي تشارك فيها فصائل المعارضة من جهة، والحكومة السورية من جهة أخرى، وتأتي هذه المبادرات لتعبر كل دولة عن رؤيتها وموقفها السياسي حيال الأزمة، فالمشروع الذي تقدمه السعودية وقطر وتركيا مختلف عن الموقف والرؤية المصرية ومختلف تمامًا عن المشروع الذى تتبناه روسيا. استضافت روسيا وكازخستان العديد من الحوارات السورية بين النظام والمعارضة في الفترة الأخيرة، تزامن ذلك مع لقاءات ومباحثات جمعت فصائل من المعارضة السورية في القاهرة، تحت عنوان ( مؤتمرالمعارضة السورية من أجل الحل السياسي في سوريا، ورغم هذين الحوارين سارعت أيضًا السعودية في الإعلان عن مؤتمر آخر للمعارضة السورية، وبدأت الحشد له منذ فترة وعلى رأس المشاركين فيه الائتلاف الوطني السوري المعارض والذي يرتبط بجماعة الإخوان المسلمين. يرى متابعون أن الموقف الروسي إزاء الملف السوري واضح منذ بدء الأزمة وهو دعم الحكومة السورية ومؤسساتها وهو ما يبرر استضافته لحوار يأتي أهميته في تأكيد موسكو بدعم الرئيس السوري وعدم التنازل عن ذلك، إلا أن إعلان السعودية عن حوار آخر للمعارضة السورية يتزامن مع الذي تستضيفه القاهرة يراه محللون أنه يوضح مدى اختلاف وجهات النظر بين البلدين حيال الأزمة، ولاسيما فيما يتعلق بكيفية تحقيق الحل المنشود، حيث يشترط الموقف السعودي ضرورة رحيل الرئيس السورى بشار الأسد للوصول للحل، فيما تتمسك القاهرة بموقفها الذى يرى أن المرحلة الانتقالية يجب أن يمثل فيها جميع أطياف المشهد السياسى السوري بما فيها النظام الحالى. يقول عضو هيئة التنسيق السورية المعارضة محمد حجازي المشارك في حوار القاهرة ل«البديل» إن مؤتمر الرياض على الرغم من أنه يأتي استكمالا لحوار القاهرة إلا أنه مختلف خاصة في رؤيته لحل الأزمة السورية، مؤكدًا أن مصر داعية بشكل أساسي لحل الأزمة سياسيًا في المقابل ما زالت السعودية تراهن على الحل العسكري. وأجرى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارة إلى القاهرة الأسبوع الماضي، استقبله فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري ، وشدد الجبير خلال الزيارة على عدم وجود خلاف بين مصر والسعودية في الأزمة السورية واليمنية وأن هناك تطابق واضح في المواقف والرؤية بين البلدين، إلا أن ما اشار له وزير الخارجية سامح شكري خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالجبير يختلف تمامًا عن ما ذكره وزير الخارجية السعودي حيث لم يتطرق الوزير المصري إلى وضع أو مستقبل الرئيس السوري وفي حديثه عن الاتصالات مع روسيا أكد أن مصر تطلب من موسكو أكثر من إقناع النظام السوري بالانتظام في العملية السياسية مع المعارضة. في الفترة القليلة الماضية برزت بعض التقارير الإعلامية أيضًا التي توضح أن الخلاف بين مصر السعودية في ما يخص الأزمة السورية نابعًا من القلق المصري إزاء الرغبة السعودية في التعاون مع الإخوان المسلمين في بعض الملفات الإقليمية خاصة السورية واليمنية، على خلفية أن القاهرة تعتبر الإخوان جماعة إرهابية، ولن تقبل بشكل غير مباشر بدور ل «الإخوان» في الترتيبات المستقبلية في سوريا واليمن، فالرؤية السعودية التي لا تستبعد دوراً ل «الإخوان» في مواجهة النفوذ الإيراني، تتخوف منها القاهرة لأنها قد تصبح امتداداً إقليمياً ل «الإخوان»، ينعكس على «إخوان» مصر في صورة دعم غير محدود على المستويين المعنوي والمادي، كما يعني في الحالة السورية بالذات وجود حليف قوي لتركيا وقطر لا يدعم «إخوان» مصر فحسب، بل يشكل ضغطا على دور القاهرة الإقليمي.