المنشاوي: اختفاء الطبقات المتوسطة والفقيرة جودة: تراجع التنمية بسبب الديون كشف أحدث تقرير صادر عن وزارة المالية في مايو الماضي، عن ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي والخارجي لأجهزة الموازنة العامة في مارس الماضي بواقع 2.2 تريليون جنيه، بزيادة 100 مليار جنيه عن ديسمبر 2014، في الوقت الذي أظهر تقرير صادر عن إدارة الدين العام ب"المالية"، استهداف طرح أذون وسندات خزانة "أدوات دين"، على مدى العام المالي 2014/2015 الجاري، بقيمة 916.4 مليار جنيه، ليستمر مع ذلك تزايد الفجوة التمويلية للموازنة العامة والمقرر وصولها ل240 مليار جنيه بنسبة تتراوح بين 11.5 إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي طبقًا لما أورده الربط المبدئي للموازنة الحالية. فمن المعروف أن تزايد الدين يعني تراجع فرص الاستثمار والتنمية بالدولة، ليتم توجيه نحو 30% مخصصات الموازنة سنويا للديون وفوائدها، والجزء المتبقي بواقع 50% للأجور والدعم، ليتبقي 20% فقط في صورة استثمارات وشراء سلع وخدمات وبنود أخري، ليستمر مع ذلك استمرار معدلات الفقر وتراجع مستويات معيشة المواطنين، ممن يمولون أعباء الديون في صورة ضرائب ورسوم تستقطع من دخولها أو نظير خدمات مستقطعة. وقالت الدكتورة هدى المنشاوي، مدير إدارة البحوث والتحليل الفني للمجموعة المصرية للأوراق المالية: السبب الرئيس في توجه الحكومة للاقتراض من القطاع المصرفي المحلي؛ بسبب عدم استطاعتها تدبير النفقات المطلوبة وتزايد عجز الموازنة، مؤكدة وجود اختلاف بين كل من وزارة المالية والبنك المركزي في السياسيات المالية، خصوصًا أن "المركزي" يسعي للمحافظة على الدولار والقضاء على السوق السوداء ووضع قيود على خروجه، في المقابل هناك حاجة لدى "المالية" في الحصول على السيولة النقدية لتدبير الاحتياجات. وأضافت المنشاوي أن الاقتصاد المصري لم يتعاف، فالدورة الاقتصادية لم تتحرك بعد، والدعم الخليجي لم يكن قويًّا، في الوقت الذي مازالت الحكومة تعتمد علي الغير في تدبير احتياجاتها، مع توقف الإنتاج، بالإضافة إلى رجوع الصادرات المصرية من بعض الدول؛ بسبب رداءة المنتجات الوطنية، مشيرًا إلى أن أسعار النفط والغذاء عالميًّا تعتبر منخفضة، إلَّا أن ذلك الانخفاض لم يؤثر على مصر؛ نظرًا لتراجع قيمة الجنيه في مواجهة الدولار، خصوصًا أن الدولة تعتمد على استيراد احتياجاتها كافة من الخارج بشكل أساسي. وأوضحت المنشاوي أن آثار ارتفاعات الدين العام سيتحمل تبعاتها محدودو الدخل ومتوسطوه، باعتبارهما من طبقة واحدة، مؤكدة أنه لا ينتظر تحسن مستوى معيشة المواطنين خلال الفترات المقبلة، خصوصًا أن الدخل الذي تحصل على الأسرة المصرية من متوسطي الدخل، تمثل لهم حد الكفاف وفقط، مضيفًا أن السياسيات التي تتبعها الحكومة، تسببت في اختفاء طبقة متوسطي الدخل وبقاء المجتمع المصري منقسمًا إلى فئتين إما فقيرة معدمة وأخرى فاحشة الثراء. وعلى نفس السياق أكد الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي بمفوضية العلاقات الأوربية، أن الدين العام في أول يوليو الماضي سجل 1.1 تريليون جنيه، مشيرًا إلى أن السبب الرئيس في ارتفاع معدلات ذلك الدين، ترجع لانخفاض قيمة الإيرادات العامة من الضرائب بواقع 22%، عن العام المالي الماضي، مضيفًا أن تفاقم عجز الموازنة يعد سببًا لتفاقم فاتورة الدين، بالتزامن مع تحمل خزانة الدولة خلال العام المالي المقبل لنفقات الاستحقاقات الدستورية بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعل الموازنة لا تفي بما تعهدت به. وأكد جودة أن ارتفاع فاتورة الدين العام تؤثر على التنمية، لتنعكس على الفقراء ومستوى الخدمات المقدمة لهم، معتبرًا أن تراجع مخصصات بند الاستثمار بالموازنة بسبب الديون التي تستهلك أكثر من 50%، يؤدي لشعور المواطن البسيط بأن الحكومة غير مهتمة به وبمستوى معيشته؛ نظرًا لعدم تقديم خدمات متكاملة له، ومن ثم سيؤدي لتراجع مستوى معيشته واستمرار معدلات الفقر.