على الرغم من كثرة الحديث والمطالبة الغربية بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وتعزيز التعاون مع دول المنطقة لتحقيق ذلك، تثبت أمريكا والدول الغربية كل يوم أن هذا الحديث يختلف شكلًا وموضوعًا عن استراتجيتها وأهدافها، حيث تستمر واشنطن وحلفائها في تقويض دول المنطقة لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي. انتهى اجتماع للدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي الجمعة في نيويورك إلى الفشل، بسبب رفض الولاياتالمتحدة وحلفائها مبادرة عربية لإقامة منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، وبعد مفاوضات استمرت نحو أربعة أسابيع أعلنت واشنطن ولندن وأوتاوا رفضهما جزءًا من مشروع البيان الختامي يحدد الأول من مارس 2016 موعدًا نهائيا لتنظيم مؤتمر حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط، ويكلف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدفع لتنفيذ هذه المبادرة التي أطلقت في 1995. إسرائيل التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار النووي، ولكنها شاركت في المؤتمر بصفة مراقب للمرة الأولى منذ 20 عاما، رفضت أن يتم تحديد موعد المؤتمر المرتقب أو جدول أعماله وكذلك وصاية الأممالمتحدة. وفيما اتهمت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية بعض الدول بتقويض المفاوضات، ولم تحدد أسماء تلك الدول، إلا أن بعض الدبلوماسيين وجهوا أصابع الاتهام إلى مصر، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" على موقعها الالكتروني أسباب رفض أمريكا الحقيقي، مؤكدة أنه يأتي في إطار حرص وخوف أمريكا على مصالح إسرائيل، واعتراض الأخيرة عليه، رغم أن العديد من البنود تلبي مطالب إسرائيل الأمنية. وأشارت الصحيفة إلى أن هناك اقتراحا مصريا تم تقديمه لأمين عام الأممالمتحدة بان كي مون من أجل عقد مؤتمر لنزع الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط بحلول 2016، ونقلت الصحيفة عن ممثل الولاياتالمتحدة في لجنة اتفاقيات عدم انتشار الأسلحة النووية، بأن الاقتراح المصري لا يتوافق مع سياسات الولاياتالمتحدة، بالرغم من دعمها للقضاء على الأسلحة النووية، مبينا أن بلاده تدعم أن تكون المبادرة من قبل الدول المعنية بوضع اتفاق كامل وبشكل مشترك من تلك الدول التي تمتلك مثل هذا السلاح. ووفقا للصحيفة، فإن أمريكا تخشى أن مثل هذا المؤتمر قد ينتج عنه اتفاق يجبر إسرائيل على الخضوع لسياسات معينة بهدف نزع سلاحها النووي، فيما حذر مندوب مصر في اللجنة من أنه سيكون هناك عواقب وخيمة قد تواجه العالم العربي والرأي العام بعد موقف الولاياتالمتحدة من هذه القضية. وقالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون نزع السلاح والأمن الدولي روز أي غوتميلر "ليس هناك اتفاق على هذه الوثيقة"، وبعدما انتقدت تضمين مشروع البيان الختامي "مهلة نهائية عشوائية"، أكدت أن مسودة البيان "لا تتفق مع السياسة الأمريكية المتبعة منذ زمن بعيد" ولا تحوز "موافقة كل الأطراف المعنية"، وأكدت غوتميلر أن الولاياتالمتحدة تفضل "ألا تكون هناك وثيقة نهائية على أن تكون هناك وثيقة سيئة". من جانبه ألقى مساعد وزير الخارجية المصري ورئيس الوفد المصري هاشم بدر، باللوم على الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكندا في عدم التوصل لإجماع، قائلا "إنه يوم حزين لمعاهدة حظر الانتشار النووي"، منتقدا الولاياتالمتحدة ضمنا، لأنها "سعت إلى تحميل مصر مسؤولية" الفشل. وتبدى موسكو غضبها من موقف القوى الغربية التي أفشلت فرصة عقد مؤتمر لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل عام 2016مؤكدة أن هذه الفرصة يمكن أن تكون فُوتت حتى عام 2020 . أعلن مدير دائرة عدم انتشار الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية ميخائيل أوليانوف أن الصيغة التي اقترحتها روسيا في مشروع القرار تنص على الابتعاد عن قرار سابق وضع مسؤولية تنظيم المؤتمر على عاتق الأمين العام للأمم المتحدة ودول ثلاثة، هي روسيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة، ولذلك رأى المسؤول الروسي أن حرمان الدولتين الغربيتين من هذه المكانة كان العامل الرئيس في عدم رضاهما. وقال أوليانوف في هذا الصدد "تكوّن انطباع بأنه لم يعجبهم أن مشروع القرار لم يؤمن بشكل كاف، بحسب اعتقادهم، وضع معدي القرار المتعلق بالشرق الأوسط في هذه العملية، هم تعودوا على أداء دور المؤسسين الذين يملكون حق الفيتو". ووصف مدير دائرة عدم انتشار ومراقبة الأسلحة في وزارة الخارجية الروسية هذا القرار بأنه خاطئ وفوري وغير مدروس، لافتا إلى أنه "حتى الأمس لم يكن لديهم أي مشاكل، لكن يبدو أن شيئا ما حصل، مضيفا "الفرصة ضُيعت، وعلاوة على ذلك يبدو أنه حتى عام 2020 في مؤتمر المراجعة المقبل فقط يمكن اتخاذ قرار جديد، الولاية السابقة التي أُقرت عام 2010 عمليا لم تعد سارية".