مر الحوار الليبي خلال الفترة الأخيرة بمرحلة حرجة، إذ قوبلت مسودة اقترحتها بعثة الأممالمتحدة برئاسة برناردينو ليون، بردود أفعال متباينة من الفرقاء السياسيين في ليبيا، حيث تحفظت عليها القيادة السياسية ل«فجر ليبيا» المتمثّلة في المؤتمر الوطني (المنتهية ولايته)، فيما قوبلت دعوة ليون إلى جلسة حوار بين المتحاربين، برفض صريح من قيادات الجيش التابعة لمرجعية برلمان طبرق، والتي تعارض بحسب وصفها «الجلوس مع الميليشيات المسلحة». ثمة إجماع هناك بين القيادة السياسية لفجر ليبيا على رفض اقتراحات ليون، كونها تغلب طرفاً على الآخر، ولا تراعي التوازن الذي هو أساس التسوية، وقالت مصادر من فجر ليبيا إن اقتراحات ليون تتضمّن «اعترافاً صريحاً بشرعية مجلس النواب في طبرق، والذي نعتبره منحلاً بموجب حكم المحكمة الدستورية، كما أنها تلحظ استمرار هذا المجلس في عمله مع إمكان التمديد له، وهو أمر مرفوض»، كما ترفض فجر ليبيا الاعتراف بشريعة الجيش الوطني الليبي الذي كلف برلمان طبرق قائده خليفة حفتر بمهمات قائد الجيش حيث قالت إن «مسودة ليون تلحظ اعترافاً بمؤسسة نعتبرها غير شرعية، وهي فصيل الجيش الوطني، الذي تمادي بعد استلام خليفة حفتر مهامه في الغارات الجوية والقصف في وقت متزامن مع انعقاد جلسات الحوار بالمغرب». يأتي ذلك في وقت أعرب فيه فريق الحوار المفوّض من المؤتمر الوطني، عن «خيبة أمله» من المسودة التي قدّمها ليون، وقال صالح المخزوم، رئيس فريق الحوار المفوض من المؤتمر "تفاجأنا بان المقترح لم يحترم حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس النواب"، لافتا إلى أن ليون قال لهم سنحاول الموازنة بين حكم المحكمة وانتخابات مجلس النواب»، إلا إنه تابع «لاحظنا من القراءة الأولى للمسودة، أنها مخيّبة للآمال وفيها رجوع إلى نقطة الصفر». ورأى عضو المؤتمر أن اقتراحات ليون التي عمّمت في شكل مسودة عنوانها «الاتفاق السياسي الليبي»، هي «غير متوازنة ولا تحترم حكم المحكمة (حلّ برلمان طبرق)، ولا تلبي طموحات الثوار في ضرورة وجود توازن حقيقي سياسي للمشكلة في ليبيا»، وفي المقابل رأي برلمان طبرق المنتخب حديثًا أن مسودة الاتفاق السياسي النهائية التي أرسلتها بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا إلى المشاركين في الحوار، توازن بين جميع الأطراف، كما تحافظ على الشرعية التي ارتضاها الشعب، حيث أكد أنها نصت على أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة، مؤكدة على التداول السلمي للسلطة، وأنها تدعم مؤسستي الجيش والشرطة. وتوقع عضو مجلس النواب الليبي أبو بكر سعيد أن تنهي هذه المسودة الأزمة الليبية في القريب العاجل، كما أكد أن الاتفاق سيعرض على أعضاء مجلس النواب للدراسة والتعديل إن تطلب ذلك، فيما أشار إلى إمكانية قبول الاتفاق وإقراره مع تعديلات بسيطة، أهمها مقترح إنشاء مجلس الدولة، والذي يتكون من 100عضو، حيث سيناقش النواب العدد المقترح، وقال سعيد: «نرى أن العدد كبير نسبيًا وبحاجة لإعادة النظر، لأن الموافقة عليه قد ينتج عنها دخول شخصيات جدلية داخل المجلس، تعيق عمل الحكومة التوافقية أيضًا، ربما سيتم النظر في مسمى هذا الجسم كونه استشاريًا صرفًا ومراجعة اختصاصاته بشكل تفصيلي. اعتبر الخبراء أن هذا التباين في أراء الجبهتين حول المسودة التي قدمها المبعوث الدولي إلى ليبيا برناردينو ليون سيعيد الأزمة والمفاوضات مرة أخرى إلى نقطة الصفر، لاسيما أن هذا التباين جاء على خلفية اختلافات في أساسيات التفاوض التي وضعها كل فريق سياسي والذي تضمن عدم التنازل عن نفوذهم السياسي والعسكري في ليبيا.