صفحات الكيان الصهيوني مليئة بجرائم الحرب والإرهاب المستمر منذ زمن بعيد، فعلى الرغم من مرور العقود والسنوات، إلا أن هذه الجرائم لا تزال حاضرة في أذهان الضحايا الذين عايشوها، يوم 18 أبريل 1996 لا يستطيع اللبنانيون نسيانه، فصرخات الأطفال واستنجاد النساء لا يزال يدوي في أذانهم، فضلًا عن جدارن مدينة "قانا" التي لم تجف من الدماء بعد. إنها مجزرة "قانا" التي وقعت في المدينة الواقعة جنوبلبنان، لتكون شاهدة على واحدة من أكثر الجرائم الصهيونية وحشية وخسة فى التاريخ الإنساني على يد قوات الاحتلال، لتضاف إلى قائمة طويلة من المذابح التى ارتكبها العدو الصهيوني على مرآى ومسمع من العالم دون محاسبة أو ملاحقة. أطلق الإسرائيليون اسم "عناقيد الغضب" على عملياتهم العسكرية التي امتدت بين 11 و27 من أبريل عام 1996، لكن جاء يوم 18 أبريل ليفتح اللبنانيون أعينهم وأذانهم على أزيز الطائرات وقذائفها تبيد أطفال العرب، بدأت العملية بعد الثانية ظهراً، حيث أطلقت المدفعية الاسرائيلية نيرانها صوب مركز تابع لقوات الأممالمتحدة لحماية أطفالهم وعوائلهم من القصف، حيث لجأ إليها المئات من المدنيين العُزّل طلباً للحماية. احتمى أهالي "قانا" بقوات الأممالمتحدة العاملة في الجنوب، ظنّاً منهم أنهم سيصبحون بمنأى عن الضربات الاسرائيلية الغاشمة، أو أن إسرائيل قد لا تقترب من مكان القوة التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجنوب، لكن وجودهم تحت حماية الأممالمتحدة وفي ظل علم السلام الدولي لم يشفع لهم، فتساقطت القذائف على مقر الكتيبة الفيجية التابعة للأمم المتحدة، ما أدّى إلى حدوث مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها أكثر من مائة مدني احترقوا وتطايرت أشلاؤهم. رغم كل هذا الإرهاب فقد غضت الحكومات وخاصة الأمريكية الطرف عن الأمر وحملت المسئولية "للضحايا" الذين رفضوا مغادرة أرضهم تحت تأثير التهديدات الصهيونية العدوانية، وفي مشهد تمثيلي مثير للسخرية، اجتمع مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين قوات الاحتلال الإسرائيلية، إلا أن الولاياتالمتحدة أجهضت القرار باستخدام حق ال"فيتو" الذي كان ولا يزال جاهزاً دوماً لحماية الكيان الصهيوني. سعت الحكومة الإسرائيلية إلى التهرب من المسئولية عن تلك المجزرة، حيث حاولت حكومة "شيمون بيريز" آنذاك قلب الحقائق وتوجيه العالم إلى متهم جديد، حيث أدان الأممالمتحدة باعتبارها المتسبب فى المذبحة والمسئولة عنها، قائلًا "إنها فضيحة ألا تبلغنا الأممالمتحدة بوجود 800 لاجيء تحت سقف من الصاج".