10 مليون شخص لا تزال حقوقهم في طي النسيان، لم ينظر إليهم أحد سوى نظرات شفقة وعطف، ماذا عن أحلامهم، طموحاتهم، حياتهم؟، أسئلة لم نعبأ بها لا على الصعيد السياسي ولا المجتمعي، فقرر هؤلاء أن يقيمون لأنفسهم منابر، حتى يقتربوا منا ونقترب منهم، فكان من هذه المنابر «كن صديقي، زي زيك»، وهما مبادرتان قام بهما أشخاص من ذوي الإعاقة بهدف تحقيق الاندماج في المجتمع، والمشاركة في الحياة. «كن صديقي» مبادرة جديدة قام بتأسيسها خمسة من الشباب والشابات من ذوي الإعاقات المختلفة بهدف دمج الأشخاص المعاقين بالمجتمع واقترابهم بشكل أكبر من أقرانهم في مختلف الأنشطة الحياتية, ولأن هذا هو هدفهم الأساسي بدأت المبادرة أولي فاعلياتها في شهر ديسمبر من العام الماضي، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة, ولأن الأمل في غد جديد أفضل ومختلف يبدأ بالأطفال بمحاولة ترسيخ مبدأ الدمج المجتمعي لديهم، جاءت أولى فاعليات المبادرة بمشاركة الأطفال في احتفالية تضم مجموعة من الأطفال ذوي الإعاقات المختلفة وأقرانهم. وحول هذه المبادرة تقول رشا أرنست- إحدي الأعضاء المؤسسين للمبادرة: كان الهدف من مبادرة «كن صديقي»، دعوة المجتمع المصري بكل فئاته وطوائفه ليكن صديقًا للأشخاص ذوي الإعاقة، في كافة مجالات ومناحي الحياة، وخاصة فيما يتعلق بإتاحة الأماكن لهم بأن تكون مؤهلة لاحتياجاتهم حتي يستطيعوا التحرك بحرية دون قيود, وأن يستطيعوا المشاركة مع أقرانهم في المجتمع في الأنشطة المختلفة والحياة اليومية بشكل طبيعي. أضافت «أرنست»: مبادرة كن صديقي قمنا بتأسيسها نحن كمجموعة مكونة من خمسة أصدقاء من ذوي الإعاقات المختلفة، ومهتمين بحقوق الأشخاص المعاقين ونعمل دائمًا بكل جهدنا حتي يأتي اليوم الذي ينال فيه ذوي الإعاقة في مصر حقوقهم الأساسية من حقهم في التعليم والصحة والعمل والسكن. تابعت أرنست: في أول فاعلية لنا أقامت مبادرة كن صديقي يومًا احتفاليًا للأطفال ذوي الإعاقة (السمعية, الذهنية, الحركية), وحاولنا خلال هذه الفاعلية أن نشارك الأطفال جميعًا في الأنشطة والألعاب المختلفة, وقد عاش الأطفال بعض التجارب لأحلامهم في المستقبل، من خلال اختيار ماذا يريدون أن يكونون عليه في المستقبل، على الصعيد العملي، حتى وإن استحالت مماسرتهم لتلك الأعمال، فمنهم من اختار أن يكون طبيبًا, أو مذيعًا, أو أحد رجال الإطفاء, عارض أزياء, والعديد من المهن الأخرى. أيضًا تحمل مبادرة «زي زيك» الحلم ذاته الذي تطمح إليه مباردة «كن صديقي» وهو ادماج ذوي الإعاقة داخل المجتمع المصري، وقد شارك في تأسيسها خمس سيدات هن: «نهى السحراوي، سها ميتو، سحر دنيا، جيهان الجمال، كرستين وصفي». يهدف هذا المشروع إلى تطوير وتوعية المجتمع المصري لخلق فرص حياتية أفضل للأفراد ذوي الإعاقة في أنحاء محافظات مصر، بالإضافة إلى تقديم وتسهيل احتياجات ذوي الإعاقة، خاصة في المحافظات والصعيد، خلق دمج مجتمعي لهم في المجالات الآتية: التعليم في المدارس، التعليم في الجامعات، العمل وتغيير نظرة المجتمع الدونية للإنسان المعاق. تمتد رؤية القائمين على هذا المشروع لمدة عشرين سنة منذ بدءه، إذ تتطابق مراحل العمل عليه مع مراحل نمو الشخص ذو الإعاقة. فجاءت "خطة" المشروع كالأتي: إنشاء مركز اتصالات وجمع بيانات خاصة بالمشروع بالتعاون مع شركة عالمية لإقامة قاعدة بيانات, الأولى من نوعها, مختصة بخدمات ذوي الإعاقة في مصر وأسر ذوي الإعاقة، أيضًا تطوير خدمة الكشف المبكر، إذ يحتاج المولود الذي لديه إعاقة لاسيما الإعاقة الذهنية للدعم الكامل في كل مراحل عمره، بداية من الولادة، فكلما كان الكشف مبكراً عن الإعاقة، اتيحت فرصة أفضل للعمل مع هذا الطفل، أيضًا يحرص المشروع على ضرورة الدمج التعليمي في المدارس بين الأطفال ذوي الإعاقة وأقرانهم الأصحاء. «تنمية المواهب والمهارات الخاصة للأطفال ذوي الإعاقة»، من الأهداف الهامة التي يسعى إليها مشروع زي زيك، وهو ما أكده القائمون على المبادرة «في هذه المرحلة العمرية ما بين المدرسة والتعليم الجامعي يتم الاهتمام بتطوير مهارات ومواهب هذا الطفل، فيحتاج التعرف على موهبته في سن مبكرة، للتركيز عليها وتنميتها، من خلال دورات متخصصة، وذلك من خلال المدارس والمكتبات العامة، وللأسف لا يوجد تركيز علي هذه الخدمات، ستتعاون مؤسسة زيى زيك في هذه المرحلة مع الجمعيات المختصة في هذا المجال للتركيز على مهارات ذوي الإعاقة». وأخيًرا تمكين الشباب ذوي الإعاقة من تكملة التعليم الجامعي، إذ أن معظم الجامعات المصرية أو الخاصة تعتبر غير مهيئة أكاديميًا أو من حيث تهيئة المنشآت لتقديم خدمة التعليم العالي لذوي الإعاقة، هنا قال القائمون على المبادرة «إننا على هذا النحو نعمل على مبادرة توعية الشباب على تقبلهم الآخر من خلال "يوم على كرسي متحرك "، ولكن في الآن نفسه نحتاج إلى إنشاء وحدات دعم مختصة في الجامعات، ويحتاج الشاب المعاق لبعض التعديل في المناهج والمنشآت والدعم التعليمي مما يتلائم مع قدراته وتوفير مدربين للعمل مع الشباب ذوى الإعاقة لتأهيلهم للعمل وتأهيل أماكن للعمل لإستقبال ذوي الإعاقة بتسليط الضوء على أهمية الدمج بالتوعية المجتمعية». إذن نحن أمام مبادرات إنسانية من ذوي الإعاقة، يمدون فيها أيدهم نحونا، فهل نمد نحن أيدينا ونصافحهم حتي نندمج فيهم ويندمجوا فينا ويأخذون حقهم في حياة كريمة؟