بعد غياب طويل، عاد الشاعر والروائي الفلسطيني الكبير "إبراهيم نصر الله" إلى القاهرة، مشاركًا في النسخة السادسة من ملتقى الرواية العربية، مساء أمس- الثلاثاء، حكى لنا «نصر الله» تجربته مع سلسلته المعروفة «الملهاة الفلسطينية»، والظروف التي دفعته لكتابتها. بداية أكد «نصر الله» أن الأدب هو الكتاب المقدس الثالث للفلسطنيين، فهو تاريخهم وحاضرهم، والمعبر الأول عن آلامهم، وبناء على هذا كتب ملهاته الفلسطينية، والتي قال عنها: بدأت مشروع الملهاة الفلسطينية عام 1984، أي بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، وأتذكر حينها أني بالصدفة قرأت جملة القائد الصهويني بن غوريون عن الفلسطينين (سيموت كبارهم وينسى صغارهم)، هذه الجملة جعلتني اتلفت حولي، وبالفعل رأيت كثيرًا من كبار السن يرحلون ومعهم ذاكرة فلسطين، لذلك قمت بجمع شهادات من كبار السن، بعدها راودني طموح أن أكتب رواية واحدة، كنت شخصيًا احتاجها لأني كنت أبحث عنها ولا أجدها، فكتبت «طيور الحذر». يتابع نصر الله: كتابتي لهذه الرواية ضاعف احساسي بالمسؤولية لأني لم أعيش هذا الزمن التي تدور فيه أحداث الرواية، فقد ولدت بعد 6 سنوات من النكبة الفلسطينية، وفي اعتقادي أنه كان يمكن أن يكتب هذه الرواية أحد أدباؤنا الفلسطينيين كغسان كنفاني لأن مساره الروائي ورؤيته تسعى وتعمل في هذا الاتجاه، لكن لم يحدث، للأسف في عالمنا العربي المواضيع الكبرى دايمًا مؤجلة، فنكبة 48 مر عليها 70 سنة، والكُتاب يقولون لن نكتب عنها حتى تنضج القضية الفلسطينية، الأمر الذي أثار دهشتي لفترة طويلة وكنت أتسائل هل القضية لم تنضج بعد؟ عند الشروع في كتابة الرواية الثانية "زمن الخيول البيضاء" كان معي ذاكرة جاهزة، وهي الشهادات التي جمعتها من كبار السن، لكنها كانت ذاكرة واحدة مشتركة، حينها قررت كتابة رواية أفاجأ بها من يظن أنه يعرف فلسطين بأنه لا يعرفها، وعملت عليها طويلًا سوا بالتحضير المباشر أو المتاني بكتابة الملاحظات، وكان الأمر بالنسبة لي شديد الصعوبة لأن حين تكتب عن فلسطين فأنت تكتب عن تاريخ تم تزويره تمامًا. وتوالت كتابة روايات السلسلة حتى وصلت إلى «قناديل ملك الجليل»، وتناولت فيها أحداث القرن السابع عشر، والدور البطولي الذي لعبة القائد الفلسطيني «ظاهر العمر الزيداني»، الذي ثار على الحكم التركي وسعيه لإقامة أول كيان سياسي وطني قومي حديث في فلسطين، وأول كيان قومي في الشرق العربي، هذا القائد الفريد الذي امتدت حدود "دولته" من فلسطين إلى كثير من المناطق خارجها، وبذلك انتهيت من سلسلة الملهاة.