كشف مختصون أن التعدى بالبناء علي الأراضي الزراعية، يعد تبويرا لها، وأن قرارات الإزالة تأتى متأخرة للحفاظ على الرقعة الخضراء، لكونها لا تعيد تلك الأراضي المتعدى عليها إلى حالتها الأولى لتصبح صالحة للزراعة، كما وصفوا تلك التعديات بأنها جريمة بحق قادم الأجيال. وبسؤال الدكتور قاسم زكي، وكيل كلية الزراعة بجامعة المنيا، عن مدى صلاحية الأراضي المتعدى عليها للزراعة، قال "أن الأمر صعبا لتجريف تلك الأراضي، معتبرا ظاهرة التعدى على الزراعات بالبناء جريمة في حق الأجيال القادمة". وأوضح مدرس مساعد تربية النبات قسم المحاصيل الحقلية بكلية الزراعة جامعة المنيا، الدكتور محمود منصور، إن خصوبة التربة في مصر تتركز في مسطحها بعمق 20 سم، لكون المسطح يحوي العناصر الأساسية اللازمة للنبات المنزرع، وكذلك الكائنات الحية الدقيقة النافعة، في حين أن القاعدة الخرسانية المستخدمة في البناء تعمل على إزالة تلك الطبقة السطحية وتخترق عمق أكثر منها، وبالتالي من الصعب إعادة زراعة تلك المناطق المتعدي عليها، بالإضافة إلي أن الطبقة الخرسانية تحتاج مجهود كبير ونوع خاص من المحاريث للتخلص منها، وتزيل بدورها عمق أكثر من عمق الخصوبة. وطالب رئيس الاتحاد العام للفلاحين، عماد عبيد، بوضع حلول بديلة تكون بمثابة خطوات استباقية للحفاظ علي الرقعة الزراعية قبل البناء عليها لعدم عودة الأرض لطبيعتها بعد إزالة البنايات، واقترح توقيع غرامات مالية من شأنها جعل قيمة مساحة الأراضي الزراعية المتعدي عليها تساوي قيمة الأراضي المخصصة للبناء، موضحا أن الفلاحين يلجئون للبناء علي الزراعات لارتفاع أسعار الأراضي المخصصة للبناء. كما اقترح عدد من المزارعين بالقرى تعديل القوانين الخاصة بالبناء علي الزراعت، مؤكدين أن المتعدي يمر بعدة مراحل تنتهي بحصوله علي ترخيص بناء يعرف ب"البراءة" واعتبار الأرض كردون مبان، وأوضحوا اعتياد رواد التعديات طلاء بناياتهم من البلوك والطوب الأحمر بطلاء من الطين ليظهر البناء وكأنه بناية قديمة وليست حديثة، وبعد عمل محضر صوري وإزالة جزء من بناياتهم، يتقدمون بتظلم ثم يحصلون بعدها على براءة البناء. كما أضافوا أن تواطؤ موظفي ومسئولي الوحدات المحلية والمجالس القروية وغضهم الطرف بل وتسهيلهم إتمام تلك التعديات، بمثابة ضوء أخضر، ساعد علي إتمام تلك التعديات، التي زحفت علي الرقعة الخضراء في الفترة ما بعد ثورة يناير من خلال المزارعين وملاك الأراضي الزراعية. ورصدت "البديل" التهام التعديات الأراضي الزراعية خاصة بالقرى التي تعتبر المخبأ الأكبر لتلك التعديات التي ظهرت بشكل واضح علي مداخل القرى وخلف المنازل المطلة علي الزراعات. لم تكن عملية بناء المنازل الصورة الوحيدة لالتهام الرقعة الخضراء، بل شيدت العديد من المزارع الخاصة بالدواجن، وكذا مخازن صغيرة تابعة للمزارعين، ووصل الأمر إلي بناء مقار إدارية لشركات ومصانع، وهو ما كشفه مواطنون ومسئولون بجهاز حماية الأراضي بالمنيا. وفي خطوة غير معتادة خرج بيان عن مكتب الإعلام بمحافظة المنيا 11 سبتمبر المنصرم أفاد بمنع توصيل المرافق للأبنية المخالفة، وكلف اللواء صلاح الدين زيادة، محافظ المنيا، رؤساء الوحدات المحلية بضرورة استمرار حملات الإزالة للتصدي لمحاولات تبوير الأراضي الزراعية وإزالة أي حالة تعد في مهدها ،مع اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لإزالة كل التعديات وعرض تقارير دورية عن حملات الإزالة داخل المحافظة. وفي تقرير قدمه وكيل وزارة الزراعة لمحافظ المنيا أوضح إزالة 831 حالة تعد على مساحة 32 فدان و13 قيراط و12 سهم بمراكز المنيا خلال الفترة من 1/2/2015 حتى 28/2/2015، وذلك بمشاركة الوحدات المحلية والأجهزة الأمنية ومديرية الزراعة.