فاجأت الدكتور ناهد العشري الجميع بتصريحات غريبة عن الحريات النقابية, حيث أكدت أن الاتفاقية الدولية للحريات النقابية لا تعنى التعددية، وليست مرادفًا لها، وبالتالى لا نريد أن نمزق العمل النقابى فى أية دولة عربية. وهو ما اعتبرته القوى العمالية والحقوقية والسياسية صدمة وخطوة متقدمة في إجهاض الحريات النقابية. حيث إن المادة الثانية من الاتفاق الدولي نصت على أن "للعمال وأصحاب العمل، دون تمييز من أي نوع، الحق في إنشاء ما يختارونه هم أنفسهم من منظمات، ولهم كذلك، دون أن يرتهن ذلك بغير قواعد المنظمة المعنية، الحق في الانضمام إلي تلك المنظمات، وذلك دون ترخيص مسبق". من جانبه قال أحمد بلال عضو المكتب السياسي لحزب التجمع "حسب المادة الثانية، التي منحت العمال الحق في إنشاء ما يختارونه من منظمات، فإن التعددية النقابية بموجب الاتفاقية الدولية للحقوق والحريات النقابية هي حق أصيل, وإن الاتفاقيات الدولية تتحول إلى جزء من القانون الوطني بمجرد توقيع الحكومة عليها؛ مما يعني أن هذا النص الدولي ملزم أيضًا للحكومة المصرية وأصحاب العمل المصريين". وأكد "بلال" أن تأميم العمل النقابي واختصاره في تنظيم نقابي واحد هو أمر غير مقبول, خاصة لما قام به هذا التنظيم الواحد من مصادرة لإرادة العمال على مدار عقود مضت, وما لم يقم به من دفاع عن حقوقهم في أوقات كثيرة, موضحاً أن التعددية النقابية حق للعمال، لكنها في نفس الوقت قد تستخدم، وهو ما يحدث الآن، أداة في يد بعض منظمات المجتمع المدني التي تعلي مصلحتها على مصلحة العمال، لشرذمة الطبقة العاملة المصرية، بمعنى أن عددًا من المراكز الآن, لا يركز على فكرة الحق في التعددية بقدر ما يركز على أن تنشئ كل منظمة نقابة مستقلة من عمال شركة ما أو مصنع ما، وهو ما يعني أن التعددية في هذه الحالة ليست نابعة من إرادة عمالية بقدر ما هي نابعة من قرارات منظمات مجتمع مدني. وأشار كريم عبد الراضي المحامي الحقوقي إلى أن الهدف من اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي بالأساس هو تحرير العمل النقابي وكفالة الحق للعمال وأصحاب الأعمال في تأسيس منظماتهم ووضع دساتيرها بحرية تامة, واختيار قواعدها، وأيضاً اختيار الممثلين عنهم بكامل الحرية, وهو الأمر الذي لا يمكن تصوره دون كفالة التعددية النقابية الحقيقية، لأنه من غير المتصور أن يكون العمال أحرارًا في ممارسة العمل النقابي، في ظل وحدة النقابات، وفرض شكل معين عليهم من أشكال التنظيم. وأوضح "عبدالراضي" أن الالتزام بتلك الاتفاقية لا يمكن أن يحدث دون كفالة حق التعددية النقابية, ويكون للعمال قرارهم الأخير في تأسيس نقابة واحدة لأنفسهم أو عدة نقابات, ولكن الحكومات تتمني توحيدهم في نقابة واحدة، يسهل السيطرة عليها وتطويع مجالس إدارتها، دون أن يكون للعامل حق الانسحاب من النقابة التي لا تعبر عنه، والمشاركة في نقابة أخرى أنسب لتطلعاته من وجهة نظره. ومن جانبه هاجم محمد أحمد سالم، رئيس الاتحاد الإقليمي لنقابات الدلتا، تصريحات الدكتورة ناهد عشري، وقال هي تلميذة وزير القوى العاملة السابق الدكتور أحمد البرعي، الذي أطلق الحريات النقابية في مصر، وهو من منحها الدكتوراه. وأشار "سالم" إلى أن تصريحاتها تفرض عليه توضيح المفاهيم الحقيقية التي تغاضت عنها مجاملة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، على حد تعبيره. وأكد "سالم" أن الاتحاد العام لم يعرف للعمل النقابي طريقًا غير طريق "السبوبة"، وجنحت قيادته إلى اتهام النقابات المستقلة بالتمويل والعمالة، والأجندات الخارجية، والكثير من اللغط والأقاويل، مشيرًا إلى أن النقابات المستقلة وجدت بعد ثورتين لتبقى ولن ينال منها تصريح وزاري أو إعلامي، وساحات القضاء مفتوحة على مصراعيها لمن يعادي الحريات النقابية.