في إطار الحرب الباردة بين الحزب الحاكم السوداني وقوى المعارضة يضرب الطرفان بعضهما البعض في أجواء سياسية محتقنة داخل الأراضي السودانية، ففي الوقت الذي أعلن فيه حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان إنضمام 400 من أنصار من حزب الأمة القومي المعارض بولاية النيل الأبيض إليه بناء على طلب قدمته القيادات ونفى المسؤول السياسي للحزب أن تكون استباقا للانتخابات العامة المقررة في أبريل القادم. وقال موقع سودان تربيون إن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي يرفض مع قوى المعارضة إجراء الانتخابات في موعدها، ويطالب بتأجيل العملية إلى حين تشكيل حكومة قومية لفترة إنتقالية تشرف على تعديل الدستور والقوانين ومن ثم إجراء انتخابات معترف بها. ظل المهدي في منفى اختياري بالقاهرة منذ يوليو الماضي عقب اطلاق سراحه من إعتقال دام نحو شهرين بسبب انتقادات وجهها لقوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ووقع زعيم حزب الأمة اتفاقات مع الجبهة الثورية المتمردة، وضعته تحت ملاحقة السلطات. وأكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني حامد ممتاز رفض حزبه لأن تكون عملية الحوار الوطني مبنيه على إشتراطات مسبقة وقال للصحفيين عقب اجتماع القطاع السياسي لحزبه، الإثنين، "لن نقبل باشتراطات في الحوار الوطني". أعلن الرئيس عمر البشير مبادرة للحوار الوطني في ينار 2014 لكن العملية انتكست بعد انسحاب حزب الأمة القومي وعدم مشاركة قوى اليسار والحركات المسلحة من الأساس، الى جانب اعلان أحزاب على رأسها حركة "الإصلاح الآن" ومنبر السلام العادل، تعليق مشاركتها في الحوار لاحقا. قلل ممتاز من الانقسامات التي ضربت آلية الحوار الوطني من جانب المعارضة والتي أدت الى خروج بعض الاحزاب المعارضة من الآلية، ووصف أقدام قوى المعارضة المشاركة في الحوار على ابعاد أحزاب أخرى من آلية الحوار بأنه لا يشبه الممارسة السياسية الراشدة في منع أي شخص من ممارسة الحق الدستوري بخوض الانتخابات. و أكد ممتاز أن حزبه سيفعل الوسائل والأدوات التي يمتكلها لمحاسبة كافه المتفلتين بحزبه الذين شرعوا في ترشيح انفسهم مستقليين لكنه عاد وقال "نتوقع عودة هؤلاء الأشخاص قبل انطلاق الحملة الانتخابية للحزب". في سياق آخر كشف الامين السياسي عن تنسيق بين السودان وجنوب السودان لكبح جماح أي تفلت من أي جهة بالجنوب رافضا مجمل التحركات التي تقودها حركة العدل والمساواة باتجاه الحدود السودانية والسعي لتنفيذ عمليات عسكرية من خلال تقديم مساعدات من قبل جنوب السودان. وتابع الموقع أن تحالف قوى المعارضة لم يصمت بل نقل بالاجماع ، الى رئيس آلية الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى تردي الأوضاع السياسية بالبلاد سيما في أعقاب إجازة البرلمان مؤخرا للتعديلات الدستورية التي منحت رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة.. وعقد الوسيط الافريقي ثابو أمبيكي، الاثنين، اجتماعا بقوى تحالف المعارضة التي يعتقل رئيسها فاروق ابوعيسى منذ قرابة الشهرين، وقال عضو التحالف، بابكر محمد الحسن، ان الاجتماع ناقش إعتقال أبوعيسى، ورئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني أمين مكي مدني، وأن امبيكي وعد بإثارة الأمر مع الرئيس عمر البشير في إجتماع لاحق يعقد مساء الاثنين. وإقتادت سلطات الأمن أبوعيسى ومدني، في 6 ديسمبر الماضي، اثر عودتهما للخرطوم بعد التوقيع على "نداء السودان" مع تحالف الحركات المتمردة "الجبهة الثورية" وحزب الأمة القومي، كما تم اعتقال فرح عقار المرشح السابق للحزب الحاكم بولاية النيل الأزرق، بعد عودته من أديس أبابا حيث التقى بقوى الجبهة الثورية دون أن يوقع على الاتفاق. وأضافت سودان تربيون أن وزارة العدل رفضت طلبا لأسرة امين مكي بواسطة هيئة الدفاع ،لتمكينه من مغادرة محبسه لفترة وجيزة لحضور عقد قرآن نجله،الاثنين. وعد المتحدث بإسم هيئة الدفاع المعز حضرة الرفض أول سابقة في تاريخ القضاء السوداني ، لافتا الى شواهد سابقة تؤخذ فيها الحالات الإنسانية المشابهة في الإعتبار ، وقال ان المستشار ياسر أحمد محمد رفض التجاوب مع الطلب كليا. وشكك الحسن في إمكانية تحقيق أمبيكي أي إختراق يفضي الى حلحلة قضايا السودان، لافتا الى ان تحالف المعارضة ظل يعقد إجتماعات متوالية مع الوسيط الافريقي دون ان يرى أي تغييرا على الارض. وأضاف المتحدث في تصريحات صحفية اعقبت الاجتماع "أمبيكي وخلال الاجتماعات الثلاثة الماضي وعد بأشياء كثيرة، لكن لم يستطيع تطبيقها على ارض الواقع". وقال إن التحالف ابلغ أمبيكي أن الوضع السياسي في السودان إنحدر الى الأسوأ، في ظل التعديلات الدستورية الأخيرة واصرار الحكومة على اجراء الانتخابات في ميقاتها رغم أن ظروف البلاد المتمثلة في الحرب وعدم الاستقرار في بعض الولايات والقوانين المقيدة للحريات غير مواتية لقيامها. وأوضح الحسن أن المعارضة ستمضي في خطواتها التي توصلها الى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية حال لم تحقق الحكومة شروط المعارضة للدخول في الحوار، وأضاف: "نحنا لسنا محرضين ولكننا طلاب حق"، وأكد ان التحالف ليس ضد الحوار ولكنه وضع اشتراطات لدخوله. وقال بيان عن مسؤول لجنة الإعلام في التحالف أبوبكر يوسف أن أحزاب المعارضة أبلغت أمبيكي موقفها الرافض لأية تسوية لا تخاطب أزمات السودان، وأن "لا خيار سوى العمل الجماهيري للوصول للثورة الشعبية، طالما لم تتوفر أسس الحل السياسي الشامل". وأكدت قوى الإجماع بحسب البيان صادر عن مسؤول لجنة الإعلام ،انها تمسكت بموقفها الرافض للحوار وان "لا جدوى من التحاور مع النظام الذي لم يلتزم باشتراطات، تراها المعارضة بأنها الحد الأدنى الذي يلزم لحوار جاد ومنتج".