مع اقتراب موعد مؤتمر موسكو الخاص بسوريا، ينشغل كل طرف من أطراف المؤتمر بلملمة أوراقة وتنسيقها، فمن جهة تسعى بعض شخصيات المعارضة السورية إلى رص صفوفها وتوحيد مواقفها واتخاذ موقف من المشاركة في المؤتمر أو عدمها، ومن جهة أخرى فإن الحكومة السورية تؤكد مشاركتها في المؤتمر وسعيها لإنجاحه، ومن جهة ثالثة فإن مصر تحشد كل جهودها للعب دورها الإقليمي في الأزمة السورية، أما روسيا فبالرغم من دعمها للنظام السوري إلا أنها تحاول أيضًا إقناع المعارضة بالمشاركة في المؤتمر. الأجواء العامة لا تبدو إيجابية ولا تنبئ بحل سياسي قريب في ظل تشبث المعارضة بموقفها الرافض لحضور المؤتمر، إلا أن المشهد الإيجابي في الساحة هو التطور اللافت للموقف الغربي حيال الأزمة السورية، فمن تمسك واشنطن ب"ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن سدة الحكم" إلى "ضرورة حضوره على طاولة المفاوضات"، حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن "الأسد يجب أن يكون حاضراً على طاولة المفاوضات على الرغم من فُقدانه الشرعية" بحسب تعبيرها، وأعلنت الخارجية أن واشنطن تدعم كل جهد يهدف إلى تسوية الأزمة في سوريا. تلبية النظام السوري لدعوة موسكو للمؤتمر باتت محسومة، إلا أن المعارضة السورية لا تزال تعجز عن لم شتاتها وتوحيد صفها، حيث أعلن رئيس ما يسمى الائتلاف السوري المعارض بعد ساعات على انتخابه في اسطنبول "خالد الخوجة"، رفضه لأي حوار مع الحكومة السورية في موسكو، وقال "الخوجة" إنه لا يمكن الجلوس مع الحكومة السورية إلى طاولة واحدة إلا في إطار عملية تفاوضية تحقق انتقالاً سلمياً للسلطة وتشكيلاً لهيئة انتقالية بصلاحيات كاملة، وأكد أن روسيا وجهت دعوة لحضور المؤتمر لعدد من شخصيات المعارضة فقط ولم توجه الدعوة له. أما أعضاء الائتلاف، فما زالوا يكررون كلام رئيسهم "الخوجة"، حيث قال القيادي بالائتلاف "بسام الملك"، إن "الفصل من العضوية ينتظر أي عضو ينتمي للائتلاف يقرر الذهاب إلى اجتماعات موسكو خلال الفترة من 26 إلى 28 يناير الجاري"، وأضاف "نرفض أن تتعامل معنا موسكو كأفراد وليس كمؤسسة معترف بها دوليًا، وتوجه الدعوات لمن تختاره لحضور الاجتماع". من جانبها تحاول موسكو جمع أركان الدولة السورية مع معارضين من مختلف الأطياف، حيث أكد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" أن الأطراف السورية التي لن تشارك في اجتماع موسكو ستفقد أهمية دورها في عملية التفاوض، وأعرب عن أمله في أن يكون مستوى الحضور في هذا الاجتماع جيداً، قائلاً "لا أريد أن أورد أية تقييمات أو تكهنات بعيدة الأمد، لننظر إلى الأطراف التي أبدت اهتماماً حقيقياً في القدوم إلى موسكو"، وتابع لافروف "على أية حال، فإن انطباعاتنا من الاتصالات مع مختلف مجموعات المعارضة والدول التي تنشط في أراضيها هذه المجموعات، وبينها بطبيعة الحال سوريا، توحي بوجود تفهم لأهمية هذا اللقاء وضرورته". دعا نائب وزير الخارجية الروسي "ميخائيل بوجدانوف" المعارضة السورية إلى المشاركة في المؤتمر المقرر عقده في 26 يناير الجاري، وقال "بوجدانوف" إن روسيا قد وجهت ثلاثين دعوة لجهات سورية معارضة للمشاركة في الحوار، مضيفا أن الوقت لا يزال متاحا، وأعرب عن أمله في أن يستجيبوا للدعوة، وشدد على أهمية أن يبدأ الحوار بين الحكومة السورية والمعارضين والانتقال من المجابهة المسلحة للعمل السياسي. من جهته، أيّد وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" الجهود الروسية لتسوية الأزمة في سوريا، مؤكدًا أن المبادرة السلمية الروسية لعقد لقاء سوري في موسكو "قد تكون مفيدة"، وأكد على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المدن السورية، ابتداء من مدينة حلب، كما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "ماري هارف" أن واشنطن تترك للمعارضة السورية حرية الاختيار للمشاركة أو عدم المشاركة في لقاءات موسكو.