ناصر يشاركها الفرحة.. ووالسادات حولها لمنطقة حرة.. ومبارك عاقبها بسبب "أبو العربي" مبدعون: 56 منحتنا لقب المدينة الباسلة.. والأهالي: عيدنا القومي رمز النصر لم تكن بورسعيد تعلم أن زيارة الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 1999 ستكون نقطة انطلاق جديدة للتجاهل والتهميش، الذي بدأت تعانيه منذ نهايات عصر الرئيس الراحل "أنور السادات"، ولم تكن الجماهير المصطفة على جانبي شارع 23 يوليو أثناء مرور موكب مبارك، يعلمون أن انطلاق السيد حسين سليمان أبو العربي، تجاه سيارة مبارك، لإعطائه طلب الحصول على شقة، بحسب روايات مواطنين من بورسعيد، أو في محاولة لاغتياله بحسب روايات جهات أمنية ستكون بداية النهاية لبورسعيد المدينة التجارية، التي كان رؤساء الجمهورية يشاركونها عيدها "عيد النصر" معتبرينه عيدًا لمصر كلها، الذي تمكن أبناء بورسعيد خلاله منذ 58 عامًا من صد العدوان الثلاثي عن مصر. بورسعيد التي كان يشاركها الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" الاحتفالات ليوقد شعلة النصر بنفسه، ومن بعده الرئيس الراحل "أنور السادات" الذي اعتاد مشاركة أهلها الاحتفالات من فوق منصة بشارع 23 يوليو، وكافأها بتحوليها لمنطقة حرة عام 1975، لتكون مركزًا رئيسًا للسياحة الداخلية التجارية بمصر، عاقبها مبارك بعد واقعة "أبو العربي" بإلغاء قرار السادات، بحسب آراء البورسعيدية. وتجاهلها الرئيس "محمد مرسي" المعزول، ليستمر التجاهل في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ويتحول الاحتفال بعيد النصر لمجرد بث مشترك بالقنوات الإقليمية ومحكى شباب ومسيرة تنظمها مديرية الشباب والرياضة، وزيارة الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة التطوير الحضاري والعشوائيات. يقول "عباس علي" مواطن بورسعيدي: منذ حادثة "أبو العربي" مع مبارك أصبحت بورسعيد مكروهة من النظام، ومن ثم لم يعد هناك أي اهتمام سواء تم إقامة احتفال أو لا، الأمور تسلسلت بشكل هرمي ابتداء من إلغاء المنطقة الحرة المصدر الرئيس للدخل لمعظم أفراد المجتمع البورسعيدي، ومن ثم سادت حالات من الفقر المفاجئ أدت إلى زيادة معدلات السرقة والطلاق، بالإضافة إلى تولي أمور المدينة مسؤولون يبحثون عن كيفية إهدار الأموال فقط وليس إنفاقها في مكانها الطبيعي، فالسلطة في بورسعيد "مغنم". ويرى جمال عبد الناصر، الممثل البورسعيدي القدير، أن إهمال بورسعيد لا يقتصر على الاحتفالات، لكن شتى مناحي الحياة ببورسعيد تعاني الإهمال، فإن تم الاهتمام ببورسعيد بالشكل اللائق سيكون الاحتفال جزءًا منه، وتابع: المرة الأخيرة التي شهدت بورسعيد احتفالًا لائقًا بالمدينة والحدث، كانت منذ سنوات طويلة جدًّا، أذكر أن بورسعيد كانت تستضيف حفلات أضواء المدينة بعيد النصر، الإهمال أعمق بكثير من أن يتم طمس آثاره بيوم أو أسبوع من الاحتفالات، المدينة في حاجة لإعادة نظر بشكل كامل. وقال السيد سادات، صياد بورسعيدي: يعتبر العيد القومي لمحافظة بورسعيد رمز النصر لمصر كلها؛ لأنه يوم الانتصار على العدوان الثلاثي الذي صدته بورسعيد عن مصر كلها، مضيفًا: زمان الاحتفالات كانت حلوة، تغيرت بسبب الظروف الحالية، منذ سنوات كانت تشهد بورسعيد عروضًا من الجيش والشرطة، ويأتي الزوار من خارج بورسعيد ليشاركوننا الاحتفال، وكان رئيس الدولة يشاركنا أيضًا. ووصف محمد محمد حامد، مواطن بورسعيدي، العيد القومي لبورسعيد بأنه احتفال بالوطنية المصرية والبورسعيدية بوجه خاص، وفرصة لتعريف الأجيال الجديدة بالحروب التي خاضتها مصر وصد العدوان عن بورسعيد لإعلاء الكرامة، وعن الاحتفال منذ عشرات السنوات يقول حامد: "كان رئيس الجمهورية أو نائب عنه بالإضافة إلى عدد من الوزراء يزورون بورسعيد ويعتلون منصة بشارع 23 يوليو بالقرب من المحافظة ليشاركون أبناء بورسعيد احتفالهم بعيد النصر. وأوضح كامل عيد، الشاعر البورسعيدي والمؤرخ، أنه من حسن حظه عاصر جميع الأحداث بداية من حرب الفدائيين 51 حتى العدوان الثلاثي 56 مرورًا بالنكسة وما بعدها، قائلًا: عاصرت الفدائيين عام 51 عندما كانوا يخرجون ليهاجموا معسكرات الإنجليز، حيث كانت تلك المعسكرات تنتشر من شارع 100 إلى الرسوة، وعندما قامت الانتفاضة بدأ الفدائيون من شباب مدن القناة الثلاث مهاجمة تلك المعسكرات. وتابع "عيد": المقاومة في بورسعيد كانت بقيادة كابتن "حمد الله" وكان رجلًا رياضيًّا جمع الفدائيين ونظم لهم التدريبات، وهم من خطفوا " مور هاوس"، كل الشعب كان بالبنادق في الشوارع، الإنجليز الذين كانوا يهزون إفريقيا اتهزوا في بورسعيد، كنا ننام من الخامسة مساءً إلى الخامسة صباحًا نأكل عيش حاف ونشرب من البالوعات، وكان الإنجليز يسيرون في الشوارع يوزعون حلوى وملبس عشان الأطفال تحبهم وتقرب منهم، محدش قرب منهم لحد ما خرجوا، اتهزموا في بورسعيد وبقوا يجروا عشان يرجعوا بلدهم. وقال أحمد سليمان، كاتب مسرحي: 56 بالنسبة لنا قيمتنا وقامتنا؛ لأنه هو الذي أعطى لقب المدينة الباسلة لبورسعيد، ثم أعطاها لقب الشهيد عندما تمكنت بورسعيد بشبابها ورجالها ونسائها وأطفالها دحر أكبر إمبراطوريتين "إنجلترا وفرنسا"، وتابع: الاحتفال يختلف من نظام لنظام ومن حاكم لحاكم، لكن للأسف منذ أكثر من 30 عامًا لم نشهد احتفالًا يليق بالحدث، العيد القومي منسي تمامًا، القيادات المصرية لم تعط انتصار بورسعيد في 56 حقه، رغم أنه كان انتصارًا لمصر وللعرب. وأكدت سحر خالد، مذيعة بتليفزيون القنال، أن مظاهر الاحتفال اختفت من زمان، كان هناك عرض عسكري تشارك فيه القوات المسلحة ويمر بشارع 23 يوليو أمام المحافظة وتوضع منصة للضيوف من الوزراء، ويشارك أيضًا كل الشركات والهيئة والرباط وكل المصالح والمدارس بعروض وعربات من الزهور، ويخرج كل الناس على الجانبين للاحتفال، ومعارض للوحات الفنانين، "للأسف كله راح مفيش"، مضيفة: السادات كان يعشق بورسعيد منذ عهد عبد الناصر وزارها مرات عديدة. وأرجع الفنان التشكيلي صلاح عناني ما تعانيه بورسعيد من تهميش، إلى خضوع مصر لفترات طويلة لحكم أنظمة عميلة للاستعمار الكلاسيكي القديم "الانجليزي الفرنسي" والاستعمار الجديد "الأمريكي الصهيوني" سواء بالأمر المباشر أو غير المباشر "الشهير بالمعاهدات" للدرجة التي حرمت على مصر أغاني وطنية مثل "والله زمان يا سلاحي.. اشتقتلك في كفاحي".. فكيف سيسمحون لأنفسهم بالتجرؤ على الإقدام على الاحتفال ببورسعيد، تلك المحافظة المقاتلة والمحاربة، وخط الدفاع الأول هي وما يحيطها منذ قدم التاريخ المصري مع كل أشكال الاستعمار الأجنبي من الفرس للروم، وحتى الاتفاقية المذلة مع الصهاينة، نحن محتلون بعملاء الاستعمار والثورة المصرية الشعبية هي من ستحررنا من كل أشكال الاستعمار الفكري والاقتصادي والعسكري. وترى سماح غريب، موظفة أن بورسعيد أكثر محافظة ظلمت على مر السنين، صحيح أن سيناء والصعيد والنوبة عانوا أشكال الإهمال كافة، إلَّا أن بورسعيد عانت إهمالًا منظمًا وكأنه متعمد "الروح اللي في البلد ماتت". وقالت "أم محمد" ربة منزل: "عبد الناصر كان بيجي بنفسه" للمشاركة بالاحتفال بالعيد القومي، وكان "بينزل يسلم ع الناس.. وعربيته من كتر الناس كانوا بيشلوها من حبهم فيه". بينما وصف محمد سعد، معلق رياضي، السادات وعبد الناصر بأنهم "حبايب البورسعيدية"، وذكر أنه في عهدهم كان عيد النصر عطلة رسمية مثل 6 أكتوبر وتحرير سيناء، مشيرًا إلى أن الاحتفالات توقفت منذ فترة طويلة، ولكنها بدأت هذا العام تعود بشكل تدريجي، حيث تم هذا العام تكريم رموز وأبطال المقاومة الشعبية ببورسعيد أمثال "محمد مهران وعلي زنجير وفوزي أبو الطاهر". وأكد سامح فتحي، مخرج مسرحي، أن السبب الرئيس في الحالة التي وصلت إليها الاحتفالات في بورسعيد يرجع إلى غياب المثقف والفنان البورسعيدي الغيور على بلده، معلقًا: "ده طبعًا في وجود محافظ رغم كونه بورسعيدي إلَّا أنه لا علاقة له بالفن ولا الثقافة"، على حد تعبيره، واستطرد: "زمان كان عبد الناصر يحتفل بعيد النصر، وكان بيجي بنفسه يحتفل مع البورسعيدية، لذلك كانت الاحتفالات تناسب مقام رئيس الجمهورية، فكانت بورسعيد تستقبل كبار نجوم الفن والطرب". شعر كامل عيد نبيل منصور عدا السور ولا همه ابن ال11 سنة كان الوطن همه حدف قميصه لهب في وش عسكرهم حرق معسكرهم الانجليز م الغيظ برصاصهم اتلموا سقط شهيد الوطن باس التراب دمه