كان الهدف المعلن للعالم أجمع من الحرب الأمريكية على أفغانستان، هو إلقاء القبض على "أسامة بن لادن" زعيم تنظيم القاعدة السابق وضرب قواعده والقضاء على ما تسميه بالإرهاب، ورغم كل التجارب التاريخية التي تؤكد خطورة النتائج المترتبة على خوض حرب في أفغانستان، نرى صناع القرار الأمريكيون مضوا في خطتهم بتصميم غريب لغزو أفغانستان، وحشدوا الحشود الضخمة التي تتجاوز متطلبات الحملة على طالبان وقواعد تنظيم القاعدة، ومقارنة سريعة بين حجم هذه القوات وما لدى طالبان والقاعدة من قوات ومعدات تجعل من الصعب الوقوف أو التصديق بهذه الأهداف المعلنة. أكد تقرير أمريكي شاركت فيه حوالي 50 شخصية من العلماء وصناع السياسية في الولاياتالمتحدة وجرى تصنيفه على أنه الخطة "ب" بالنسبة للرئيس "باراك أوباما" أن الحرب في أفغانستان قد أعطت نتائج عكسية، وبالتالي يتعين تقليص عدد القوات والأهداف في تلك البلاد، ومع تقليص "أوباما" لعدد القوات الأمريكية في العراق، يستمر في شن الهجمات على المدنيين الأفغان وتسبب في قتل آلاف الأبرياء. وفي هذا السياق، قال موقع "جلوبال ريسيرش" البحثي إنه في 23 ديسمبر أفادت تقارير صحافية وتلفزيونية أن عشرات الأشخاص قتلوا في غارات جوية نفذتها القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة في اقليم كونار شرق أفغانستان، حيث تدعي واشنطن أن غارتها تستهدف المتشددين، ولكن المسؤولين والمحللين وشهود العيان يؤكدون أن ضحايا الضربات الجوية كانوا من المدنيين، كما أن تلك الغارات تستهدف المدنيين على مدى السنوات القليلة الماضية. يضيف الموقع الكندي أنه في 26 ديسمبر الماضي، قصفت القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو أحد المنازل عن طريق الخطأ، مما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وجرح ستة آخرين، وقال حاكم المنطقة "محمد أمين":" في حوالي الساعة الثالثة والنصف شنت القوات الجوية الأمريكية غارة على بلدة جوش في منطقة براقي باراك"، وأضاف "نياز محمد أميري" حاكم اقليم لوجار:" استهدفت الغارات الجوية منزل سكني مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص مدنيين، حين كانت الولاياتالمتحدة تطارد مسلحين من تنظيم طالبان، ولكنها قصفت منزلا عن طريق الخطأ، ونتيجة لذلككان المدنيين ضحايا الهجوم". يلفت "جلوبال ريسيرش" إلى أنه يوم الجمعة الماضية شنت قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة غارة راح ضحيتها ثلاثة قرويين أفغان، كانوا مدججين بالسلاح، ولكنهم ليسوا من تنظيم حركة طالبان، ولكنهم كانوا يدافعون عن أراضيهم ضد البدو، موضحا أنه في الوقت الذي يُقتل فيه المدنيين يحتفل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بعيد الميلاد في البيت الأبيض، ويؤكد أنه ممثل الديمقراطية الأمريكية التي تحتاج للمزيد من التضحيات من أجل عالم مزدهر أكثر سلمية للخروج من رماد 11 سبتمبر. كشف تقرير لبعثة الأممالمتحدة 20 نوفمبر الماضي أن عدد القتلى والجرحى من المدنيين في أفغانستان سجل رقما قياسيا لسنة 2014، وذكر التقرير أنه مقارنة مع سنة 2013، فقد شهدت هذه السنة زيادة بنسبة 33 % في القتلى والجرحى من الأطفال وزيادة بنسبة 12% في عدد القتلى والجرحى من النساء. إزداد عدد القتلى بنسبة 19% بنهاية نوفمبر مقارنة مع سنة 2013، حيث قتل 3188 مدنيا وأصيب 6429 آخرون. من جهتها، حذرت البعثة في تقريرها من تجاوز عدد الضحايا من المدنيين 10 آلاف شخص بنهاية العام، ما يجعل منه أكثر الأعوام دموية منذ بدأت في إصدار تقاريرها في 2009. وصرح رئيس بعثة الأممالمتحدة في أفغانستان "نيكولاس هايسوم" أن "سقوط ضحايا من المدنيين مأساوي بشكل خاص ويعد معياراً لفظاعة العنف، الذي يواجهه الأفغان العاديون". وفيما تستعد قوات الحلف الأطلسي بقيادة الولاياتالمتحدة لسحب قواتها القتالية من أفغانستان بعد نحو 13 عاما من القتال، شهدت أعداد القتلى بين صفوف قوات الأمن الأفغانية ارتفاعا، حيث قتل أكثر من 4600 من عناصر الأمن في الأشهر العشرة الأولى من 2014 ستنتهي المهمة القتالية لقوات الحلف الأطلسي اليوم مع بقاء نحو 12500 جندي في أفغانستان لتدريب ودعم قوات الأمن الأفغانية. من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية في أغسطس الماضي إن أهالي آلاف المدنيين الأفغان الذين لقوا مصرعهم خلال عمليات القوات الأمريكية وقوات "حلف شمال الأطنطي" (الناتو) قد تركوا دون أن ينالوا الإنصاف والعدالة. ويركز التقرير الصادر بعنوان "المهمة التي لم تنته" في المقام الأول على الضربات الجوية والغارات الليلية التي نفذتها القوات الأمريكية، بما في ذلك قوات العمليات الخاصة، ويخلص إلى أنه لم يتم التحقيق حتى فيما يبدو أنها جرائم حرب، كما ظل مرتكبوها بمنأى عن العقاب. وقال ريتشارد بينيت، مدير قسم آسيا والمحيط الهادئ في منظمة العفو الدولية، "إن آلاف الأفغان قد قتلوا أو أُصيبوا على أيدي القوات الأمريكية منذ بدء الغزو، ولكن لم تتوفر للضحايا وأهاليهم فرص تذكر لنيل الإنصاف، فنظام القضاء العسكري الأمريكي يتقاعس بشكل شبه دائم عن محاسبة أفراد القوات الأمريكية عن أعمال القتل بشكل غير مشروع وغير ذلك من الانتهاكات". كانت منظمة العفو الدولية قد أجرت تحقيقات مفصلة شملت 10 حوادث وقعت ما بين عامي 2008 و2013، وقتل خلالها مدنيون من جراء عمليات القوات الأمريكية، لقي ما لا يقل عن 140 مدنيا مصرعهم في الحوادث التي تقصتها منظمة العفو الدولية، وكان من بين القتلى نساء حوامل 50 طفلا على الأقل، وأجرت المنظمة مقابلات مع 125 من الشهود والنتضررين وأهالي الضحايا، وبينهم كثيرون لم يسبق أن أدلوا بشهاداتهم لأية جهة من قبل.