كتب: أمير إبراهيم ومحمود علي شتان ما بين اليد التي وقفت صامدة لأجل الدفاع عن فلسطين وتحريرها من قبضة الاحتلال الصهيوني، ويد أخرى استخدمها الاحتلال من أجل بسط سيطرته ونفوذه على بني وطنه، تتجسد هذه الصورة تماما في الرجل الغامض القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام "محمد الضيف" والدرزي الذي يخدم في جيش الاحتلال "غسان عليان"، الذي تطارده لعنات الفلسطينيين. محمد الضيف.. هدف صعب المنال شغل اهتمام وسائل الإعلام الصهيونية خلال الشهور الماضية بعدما أرق قيادات الاحتلال وأجهزته المختلفة لفشل العديد من محاولات اغتياله، تعتبره تل أبيب العدو الأول ولقبته ب"رأس الأفعى" و"الشبح"، لا يحب الأضواء ودائما ما يفضل العمل في الخفاء، الأمر الذي أحاطه بهالة من الغموض، لقبه الفلسطينيون ب "القائد البطل" و"الرجل الغامض" و"الثعلب"، لكنه في الحقيقة "محمد دياب المصري" المعروف باسم "محمد الضيف" أو "أبو خالد". من مواليد عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة غادرت بلدة القبية، استقرت في أحد مخيمات خان يونس، جنوب قطاع غزة، درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، ليلتحق فيما بعد بحركة حماس وجناحها العسكري؛ لينتهي به الأمر قائدا لكتائب عز الدين القسام، اعتقلته سلطات الاحتلال عام 1989، وقضى 16 شهرا في السجون بتهمة العمل في جهاز عسكري. تعتبره إسرائيل وأجهزتها الأمنية العقل المدبر لعمليات القتل والخطف التي نفذت ضد القوات الإسرائيلية خلال عملية الجرف الصامد التي نفذها جيش الاحتلال بقطاع غزة 2014، فضلا عن أنه الهدف الأول الذي وضعته إسرائيل أمامها عند البدء في العدوان الأخير على غزة، بجانب عدد من كوادر الفصائل الفلسطينية العسكرية والسياسية. عام 1993 هو الأهم في تاريخ "الضيف"، حيث أصبح قائدا عسكريا في كتائب عز الدين القسام، عقب اغتيال القائد "عماد عقل"، تعرض للعديد من محاولات الاغتيال آخرها كان خلال شهر أغسطس الماضي، عندما استهدفت قوات الاحتلال منزل عائلة "الدلو" بحي الشيخ رضوان التي قتل خلالها زوجته وابنه الصغير. أشرف "أبو خالد" كما يلقبه البعض على عدة عمليات فدائية من بينها أسر الجندي الإسرائيلي "نخشون فاكسمان" عام 1994، وبعد اغتيال القيادي القسامي "يحي عياش" عام 1996 خطط لتنفيذ عدة عمليات انتقاماً للرجل أوقعت أكثر من50 إسرائيليا قتيلا، كما أسفرت العمليات التي نفذتها كتائب عز الدين القسام تحت قيادته خلال انتفاضة الأقصى منذ نهاية سبتمبر 2000 عن مقتل مئات الإسرائيليين. عاد اسم الضيف ليبرز بقوة أثناء العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة في يوليو 2014 والذي نجحت المقاومة خلاله إلحاق خسائر فادحة بقوات الاحتلال الإسرائيلية، حيث أذيع في نهاية يوليو الماضي بيانا للضيف أكد خلاله أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار مع الاحتلال، إلا بوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه، معتبرا أن موازين المعركة باتت مختلفة، وأن استمرار عمليات الإنزال التي تقوم بها كتائب القسام خلف خطوط العدو تؤكد أن الاحتلال يرسل جنوده إلى محرقة محققة، وأضاف الضيف في تسجيل صوتي "جنودنا يتسابقون إلى الشهادة كما تفرون أنتم من القتل والموت، وقد آثرنا مهاجمة جنود العدو خلافا للعدو الذي يستهدف المدنيين كلما استعر القتل بجنوده، ولن ينعم هذا العدو بالأمن ما لم يأمن شعبنا، ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار إلا بوقف العدوان ورفع الحصار كاملا". أما "عليان" فهو عربي درزي تطارده لعنات الفلسطينيين، وهو ضابط قيادي داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي من ذوي الأصول العربية الدرزية، يكرهه الكثيرون من أبناء طائفته، يُعد من أبرز الجزارين الذين سطع نجمهم في عام 2014 بعدما كان قائدًا لمجزرة حي «الشجاعية» في غزة التي حصدت أكثر من 70 شهيدًا فلسطينيا وأصيب العشرات الآخرين، أصبح عقيدًا بجيش الاحتلال في وقت قصير، تطارده لعنات الفلسطينيين في كل مكان، إنه قائد لواء جولاني بجيش الاحتلال منذ 2013 أصابته المقاومة الفلسطينية 20 يوليو 2014 «غسان عليان» الذي لم ينتظر حتى تمثل جراحه للشفاء تماما، وقرر العودة سريعًا إلى ساحات القتال لقيادة العمليات الحربية والتوغل في قطاع غزة. عليان يعد «أول عربي درزي» يقود أحد ألوية النخبة في الجيش الإسرائيلي اللواء «جولاني»، ليضع أسمه ضمن سجلات المشاركين في أعنف عملية عسكرية خاضها جيش الاحتلال منذ عام 2009، تحت عنوان «الجرف الصامد». «عليان»، البالغ من العمر 41 عامًا، شاركت قواته في الهجوم على «الشجاعية» في اليوم ال13 من «الجرف الصامد»، وأصيب في كمين لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة، «حماس»، إلا أنه بحسب تقارير صحفية طلب من أطبائه إعادته إلى غزة من أجل استئناف القتال. رأت تقارير صحفية أن إسرائيل اعتمدت في مجزرتها الأخيرة على شخص عربي ل«إيصال رسائل إلى العرب بأن التطبيع مع كيان الاحتلال يجب أن يكون أمرًا واقعًا، وأن هناك عربا في صفوفها لا يتهاونون مع الفلسطينيين إذا تعرضت مصالح أو شعب تل أبيب للخطر». نال «عليان» ترقيته الأخيرة ليصبح أول عربي يُعيّن قائدًا لقوات «جولاني» الإسرائيلية، وأصيب بجراح بين متوسطة وطفيفة في الاشتباكات مع «القسام»، شرق «الشجاعية». «جولاني» يعرف أيضًا باللواء رقم «1» ضمن جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو لواء مشاة تأسس في 22 فبراير 1948، وقبل وصول «عليان» إلى «الجولاني»، شغل منصب قائد كتيبة «الهدهد»، عامي 2008/ 2009، كما كان قائدًا للواء الاحتياط «ألكسندروني» وقائدًا للواء «مناشيه» ضمن جيش الاحتلال. شغل منصب نائب اللواء الجنوبي في غزة، وشارك في حرب لبنان الثانية كقائد لكتيبة «روتيم»، لكنه أصيب بطلقات «حزب الله»، ليعود، عام 2014، مشاركًا في مذبحة جديدة كانت جثث المدنيين الفلسطينيين خلالها تحت ركام المنازل في مشهد مأساوي دفع إسرائيل لقبول هدنة إنسانية في «الشجاعية»، استجابة لطلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل نقل الجرحى، لكنها خرقتها بعد نحو ساعة ونصف الساعة منذ بدء الهدنة. نسبة التجنيد بين الدروز تعتبر الأعلى في إسرائيل حتى بين اليهود، وهناك وحدة خاصة درزية في جيش الاحتلال تسمى كتيبة السيف يمتد تاريخها للأيام الأولى من تأسيس الجيش الصهيوني الذي تحالف مع بعض زعماء الطائفة لتسلم القرى الدرزية من الدمار والتهجير، كما حدث لباقي قرى فلسطين في النكبة. يبرز اليوم جيل من الشباب الدروز في فلسطين مثل، علاء مهنا ويامن زيدان، يرفض هذه العلاقة العضوية مع اسرائيل واطلق حملة لالغاء التجنيد في جيش اسرائيل.