استدعت وزارة الداخلية البحرينية أمس الأمين العام لجمعية الوفاق المعارضة "علي سلمان" للتحقيق معه، وقالت الجمعية إن السلطات لم تخطر "سلمان" بأسباب استدعائه للتحقيق، حيث أوضح "سلمان" أن قوات أمن مدججة بالسلاح زارت منزله السبت الماضي لتسليمه أمر الاستدعاء، وأكدت عائلته أنه اتصل بها لمدة ثمان ثوان وأخبرها أنه معتقل ولا يعرف أين مكانه. يزداد المشهد السياسي في البحرين تأزما يوما تلو الآخر، وإن كان لم يهدأ منذ قيام الثورة البحرينية 14 فبراير عام 2011، حيث منذ ذلك الحين تتواصل المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بإصلاحات سياسية، لكن دون استجابة من السلطات، مما أدى تصاعد الأزمة بين الحكومة البحرينية والمعارضة، وعلى إثر ذلك بدأت السلطات إلصاق التهم بالمعارضين واستدعائهم للتحقيق دون أسباب قانونية. يعتبر "علي سلمان أحمد سلمان" من أبرز رموز المعارضة في البحرين، ولد عام 1965، بقرية البلاد القديم، وشارك "سلمان" في العريضة النخبوية عام 1992، ثم كان من الذين تبنوا العريضة الشعبية في منتصف عام 1994، وتم اعتقاله أكثر من مرة بين عامي 1993 و1994، ومن ثم إبعاده إلى الإمارات العربية المتحدة في 1995، ومنها انتقل إلى لندن في 1995، ثم عاد إلى وطنه عام 2001، بعد طرح مشروع الميثاق الوطني بعد أن قضى أكثر من خمس سنوات في بريطانيا، ويتولى "سلمان" حالياً منصب الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وهي كبرى تكتلات المعارضة في البحرين، وتقود منذ عام 2011 حملة للمطالبة بإصلاحات واسعة في المملكة. قالت مصادر بحرينية إن سلطات المنامة وجهت 9 تهم ل"علي سلمان" من بينها التحريض على كراهية نظام الحكم والدعوة لإسقاطه بالقوة، وأكد بيان صادر عن جمعية الوفاق الوطني، أن اعتقال الأمين العام للجمعية بأمر من وزارة الداخلية ولم يرحل للنيابة العامة، وأكدت الوفاق أن الأمين العام احتجز منذ حوالي 10 ساعات في مبنى المباحث الجنائية، بحجة التحقيق بعد توجيه اتهامات كيدية بحقه ولم يرحل للنيابة العامة ولازال معتقلا في عهدة وزارة الداخلية، كما رفضت إدارة التحقيقات الجنائية دخول محاميو "سلمان" متذرعة بأن ما يجري إجراءات فقط. انتفض الشارع البحريني وخرجت العديد من المظاهرات المنددة بتعامل الحكومة مع قيادات المعارضة والمتضامنة مع "سلمان"، حيث جرى اعتصاما أمام مقر جمعية الوفاق في منطقة "الزنج" كما خرجت تظاهرات غاضبة في مختلف مناطق البحرين، ورفع المتظاهرون لافتات حملت صور "سلمان"، مؤكدين على أن المساس بالعلماء والرموز السياسية والدينية يمثل ذهاب بالبحرين إلى المجهول، وشددوا في هتافاتهم على أن الحكم يتحمل كامل المسئولية عن هذه الاستهدافات والاستفزازات للشعب. كما احتج علماء البحرين أمثال "جواد الوداعي" و"عيسى قاسم" و"عبد الله الغريفي" و"عبد الحسين الستري" في بيان على اعتقال "علي سلمان"، وبدءوا اليوم الاثنين اعتصامًا في مسجد الإمام الصادق وسط العاصمة المنامة، ومن جهتها شددت "الوفاق" على أن "استهداف الزعيم الوطني علي سلمان هو مغامرة خطيرة وغير محسوبة وتعقد المشهد السياسي والأمني في البحرين"، وأكدت على ضرورة الإفراج الفوري عن الأمين العام واحترام العمل السياسي ووقف استهدافه"، كما طالبت حركة "حق" المعارضة أيضا بالإفراج الفوري عن "سلمان" ودعت للتظاهر في كل المناطق. دعا ائتلاف "شباب ثورة 14 فبراير" جماهير الشعب البحريني للنزول الغاضب إلى بلدة البلاد القديم -مسقط رأس علي سلمان- وأضاف موقع الائتلاف بأن "هذه الدعوة تأتي بعد الجريمة الحمقاء التي ارتكبها النظام الخليفي باعتقاله الشيخ علي سلمان". قال زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" إن نبأ اعتقال أمين عام "الوفاق" كان "ذا وقع وصدمة كبيرة"، معتبراً اعتقاله تكميماً للأصوات المعارضة وتجسيد للظلم والدكتاتورية. على المستوي الدولي، فقد أعربت وزارة الخارجية الإيرانية عن قلقها إزاء تصعيد حكومة البحرين لنهجها الأمني، وشددت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية على أن مثل هذه الممارسات تؤدي للمزيد من تعقيد الظروف، ودعت المسئولين البحرينيين إلى اتخاذ إجراءات لبناء الثقة بهدف توفير الأرضية للحوار الجاد بين الحكومة والشعب بدلا من اتخاذ توجهات مكررة. في الوقت نفسه طالبت 37 منظمة حقوقية بالإفراج الفوري والغير مشروط عن "سلمان" وأضافت المنظمات، "لقد وجهت السلطات الأمنية 9 تهم إلى الأمين العام للوفاق، وهي تهم سبق واعتبرت المفوضية السامية أغلبها بأنّ الأحكام الصادرة وفقها هي تشكل اضطهادا سياسيا، فيما اعتبرتها العفو الدولية بأنها العدالة الزائفة، وهي من ذات المنظومة القضائية التي وصف أدائها تقرير "هيومن رايتس ووتش" بالانتقائي في تطبيق القانون، فيما دعا للإفراج عمن حوكموا بسببها". واختتمت المنظمات تقريرها قائلة "من الواضح جدا أن الهدف من وراء هذه الإجراءات هو الإمعان في مصادرة حق التعبير عن الرأي، وانتهاك حق تكوين الجمعيات عبر فرض أجواء ترهيب أمنية وإتباع سياسة الملاحقات القضائية بحق قادة المعارضة، بدلا من الاستجابة للنداءات الدولية في إطلاق الحريات العامة والإفراج عن كافة معتقلي الرأي السياسي".