تزداد شعله الغضب شيئاً فشيئاً لتشعل ليل المدينة الهادئة "الإسماعيلية"، فقد جاء حكم براءة الرئيس المخلوع " محمد حسنى مبارك " ووزير داخليته " حبيب العادلي " و 6 من معاونيه فيما سمي بمحاكمة القرن بمثابة الدافع لاستعادة شرارتها الثورية من جديد بعد هدوء لعدة أشهر . المحافظة التي عرفت بتاريخها النضالي ووقوفها بكل قوة في ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومن بعدها تحدت جماعة الإخوان بكسر حظر التجول ومحاصرة وإحراق مقرات للجماعة بدأ شبابها في التجمع من جديد، كما بدأ النضال الطلابي يشتعل داخل جامعتها من جديد، بعد حالة توقف إجبارية خلت من أي نشاط سوى فعاليات للمحسوبين على جانب جماعة الإخوان . بداية عفوية بدأ الشباب بشكل عفوي في التجمع عصر يوم السبت 29 نوفمبر بعد نطق الحكم بميدان الممر بالإسماعيلية، رافعين لافتات دون عليها شعارات مثل " إحنا أسفين يا شعب مصر طالبنالكم بحقكم " و " إحنا اللي قتلنا المتظاهرين " و " لسة العدل غايب "، وقتها حين حاولت العدسات الحصول على تصريحات صحفية من الحضور عجزت الكلمات لديهم وغلبت مشاعر العبوس والغضب و الدموع . وانتهت الوقفة التي استمرت من الساعة الثالثة عصراً حتى السابعة بعد تدخل قوات الشرطة وطلب إنهاء المنظمين للوقفة لعدم حصولهم على تصريح بها حتى لا يحدث أية مشكلات . الحراك الطلابي في اليوم التالي نظم شباب جامعة قناة السويس وقفة احتجاجية أمام كلية العلوم للتنديد بحكم البراءة بالتزامن مع حراك طلابي في جميع جامعات مصر، وحاول بعض الإعلاميين المحسوبين كداعمين للنظام الحالي إظهار الوقفة وكأنها تمت لطلبة الإخوان وهو ما نفاه الطلاب . وعلى الرغم من تأكيد رئيس الجامعة عدم التعامل بعنف والقبض على أي شخص، وأن الطلاب لم يخرجوا عن السلمية فإن الصور الواردة بشأن الوقفة أكدت أنها لم تستمر كثيراً، حتى فضها الأمن الداخلي لجامعة قناة السويس باستخدام الكلاب البوليسية، وتم اقتياد 7 من المشاركين في الوقفة إلى مكتب إدارة الجامعة حتى انتهى فض الوقفة . وهو ما أكده بيان صادر من قبل رئيس اتحاد طلاب جامعة قناة السويس " عمرو الخضري "، انتقد تكميم الأفواه وأعلن دعمه للحراك الطلابي، خاصة وأنه تعبير حقيقي عن الرأي، وانتهى البيان بجملة " تكمموا أفواهًا تتكلم فتصرخ أفواهًا غيرها وتخلوا ميدانًا لينتفض آخر " . تبع ذلك صدور بيان من اتحاد طلاب كلية الهندسة بجامعة قناة السويس جاء فيه "نذكر جيداً أثناء قيامنا بالمظاهرات والاحتجاجات الطلابية منذ فجر ثورة الخامس والعشرين من يناير، أننا كنا نطالب بشكل واسع بأن تتدخل "الكلاب" لحمايتنا وتأميننا داخل الجامعات . ونذكر أننا بح صوتنا من أجل المطالبة بذلك على مدار أعوام سابقة، و لذلك فإننا ابتهجنا كثيراً بمشهد الكلاب التي استخدمها عناصر الأمن داخل جامعة قناة السويس من أجل التعامل مع مظاهرة "سلمية" تعبّر عن رأي و توجه شعبي يستنكر براءة الرئيس "المخلوع" قاتل المتظاهرين، لكم جزيل الشكر "، على حد قول البيان . كما أكد البيان على أن فض تظاهر الطلاب مرفوض شكلاً وموضوعاً، واصفاً ما حدث ب "البلطجة " تحت اسم وشعار الأمن والحماية داخل الجامعة . أحزاب وقوى سياسية فيما اجتمعت القوى السياسية بالإسماعيلية وأصدرت بياناً جاء فيه " براءة مبارك لن تمر ".. قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير 2011 لم تكن هي الجرم الوحيد الذي يحاكم عليه نظام استمر في سلب حقوق الشعب وإراقة دمه واستباحة ممتلكاته وتخصيصها لأوليائه وتكميم أفواهه وزرع بذور المرض في عروقه على مدى أعوام وأعوام من الفساد المتعمد المتواصل الذي لم يرحم شعباً ولم يراعي فقيراً على مر هذه الأعوام، لكنها كانت الجريمة الأبشع والأفضح أمام عيون الناظرين داخلياً وخارجياً فلقد أعلن الشعب المصري العظيم حينها حكماً نافذاً لا رجعة فيه بخلع ذلك النظام المستفحل في جذور الدولة المصرية، بل وضرورة إعدامه حتى لا يعود إلى سدة الحكم أو مراكز اتخاذ القرار مرة أخرى وقد صدق المجتمع الدولي على ذلك الحكم التاريخي الصادر في 25 يناير 2011 فكيف لقاضي أو مؤسسة أن تحكم بخلاف ما حكم الشعب، خاصةً وإن كانت تلك المؤسسة جزءًا شريكاً في النظام . وركز البيان الذي وقع عليه كل من حزب "الدستور والعيش والحرية والكرامة والتيار الشعبي وحركة 6 ابريل وحركة الضغط الشعبي وطلاب صوت الحلم بجامعة قناة السويس ومبادرة إبن القناة"، على ضرورة أن يحاكم نظام حسنى مبارك بقوانين خاصة لا تختلف كثيرًا عن قانون الغدر، إضافة إلى ألا يحاكم ذلك النظام محاكمات جنائية طبيعية، وضرورة إنشاء محاكم سياسية استثنائية يحاكم بها نظام أسقطته ثورة شعبية، وكذلك أن تضاف كل جرائم النظام على مدار أكثر من ثلاثين عامًا لتهمة قتل المتظاهرين في 25 يناير وما تلاها . مؤكدين أن تلك الكيانات ستناضل من أجل ضمان نفاذ حكم الشعب الذي أفقره وأمرضه نظام مبارك، وأننا سنسعى لاسترداد حقوق الشعب المنهوبة من نظام مبارك على مدار 30 عامًا . خطوات قادمة اجتمع عدد من ممثلي الأحزاب بالمحافظة والشباب المنتمين لقوى سياسية وقرروا العمل على حملة جديدة تحت عنوان " حاكموهم " تصل إلى الشارع، ويتم فيها التذكير بجرائم لنظام في انتظار قرارات مركزيات تلك القوى بالتحرك في الشارع من عدمه، إضافة إلى عمل وقفات محدودة وحملات لطرق الأبواب والمقاهي لحشد الجماهير . كما أنه وخلال الأيام التي تلت الحكم، بدأت الكثير من الصفحات المنطلقة من قلب مدينة الإسماعيلية بإعادة نشر مقاطع الفيديو لقتل الثوار وفتح السجون وغيرها من أحداث ثوره 25 يناير، كما بدأت بعض الوجوه المحسوبة على الثورة في الظهور مرة أخرى، والتنسيق مع أقرانها للتحرك في الشارع والذي سيعتبر الحل الأخير بعد إثبات النظام الحالي بأنه ليس في صف الشعب والثورة، على حد تعبيرهم .