يُعد معتقل "جوانتانامو" أحد أشهر السجون في العالم، حيث يضم معتقلين وسجناء "من دون تهم"، لكن يربطهم في المعتقل شيء واحد هو التعذيب والمعاملات القاسية والوحشية، وعلى الرغم من الوعود الكثيرة التي قطعها على نفسه الرئيس الأمريكي " باراك أوباما" منذ دخوله البيت الأبيض في أوائل عام 2009 بشأن إغلاق المعتقل، إلا أنها تبددت ولم تحدث حتى الآن. بدأ العمل على فتح معتقل "جوانتانامو" بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش"، وافتتح فعلياً في يناير 2002 في قاعدة عسكرية أمريكية ساحلية في جنوبكوبا، في إطار عقد إيجار يعود إلى العام 1903، ضم المعتقل سجناء تم تصنيفهم بأنهم "مقاتلون أعداء"، وسرعان ما تحول المعتقل إلى رمز لما يطلق عليه "الحرب على الإرهاب"، يشتهر المعتقل بارتداء معتقليه البزات البرتقالية اللون. يوجد في "جوانتانامو" حاليًا حوالي 124 سجينا من أصل 779 ضمتهم جدران المعتقل الشهير خلال السنوات الماضية معظمهم منذ قرابة 13 عاما، دون توجيه تهم إليهم وبلا محاكمة، وبعد نحو 13 عاما على وصول أول دفعة من المعتقلين إلى الجزيرة الكوبية يعتبر معتقل جوانتانامو "فريدا" من نوعه، لأنه يمزج في معسكريه 5 و6 فئات مختلفة ومتباينة من السجناء الذين تتفاوت أوضاعهم القانونية إلى درجة كبيرة، ويعتقل خمسة عشر سجينا فقط ممن يصنفون على "درجة كبيرة من الخطورة" في المعسكر رقم 7، بينهم المتهمون الخمسة باعتداءات 11 سبتمبر 2001، والاعتداء على حاملة الطائرات "يو إس إس كول"، وقد أحيلوا إلى القضاء العسكري الاستثنائي حيث يواجهون عقوبة الإعدام. عاد السجن إلى قلب الأحداث مع اقتراب ذكري افتتاح هذا المعتقل سيء الصيت في يناير 2002، حيث وجه المشرعون الأمريكيون ضربة لجهود الرئيس "باراك أوباما" المستمرة منذ 5 سنوات لإغلاق معسكر الاعتقال، وذلك بعد حذف خطة لإغلاق المنشأة من مشروع قانون الدفاع السنوي، وقال رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، السناتور "كارل ليفين"، إن النسخة النهائية من مشروع القانون لن تسمح للرئيس بنقل السجناء إلى الولاياتالمتحدة. على الرغم من وعود "أوباما" بإغلاق المعتقل قبل يناير 2010، إلا أن تخوفات أعضاء الكونجرس وخاصة خصوم "أوباما" من الجمهوريين من عودة المعتقلين في حال الإفراج عنهم إلى ممارسة أعمالهم الإرهابية مرة جديدة، حال دون تنفيذ "أوباما" وعوده، حيث يمنع الكونجرس الأمريكي البنتاجون منذ 2011 من نقل المعتقلين إلى الأراضي الأمريكية لمحاكمتهم أو معالجتهم أو سجنهم أو أي سبب آخر، وأصر الجمهوريون على إضافة هذا الحظر على القانون العسكري للعام 2015 معللين ذلك بأن إطلاق سراح أي أحد منهم بأمر من قاض معين من شأنه أن يشكل تهديدا للأمن القومي. تتهم منظمات عدة معنية بحقوق الإنسان، الولاياتالمتحدة بممارسة إجراءات لا إنسانية بحق المعتقلين وتعذيبهم بشكل ممنهج، ما جعل منظمات دولية وأمريكية تنشط من أجل إغلاق هذا المعتقل، واعتبرت منظمة العفو الدولية أن معتقل "جوانتانامو" يمثل "همجية هذا العصر"، ويرى مراقبون أن معتقل جوانتانامو تنمحي فيه جميع القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق ويتم معاملة المعتقلين بقسوة شديدة. افتتاح الولاياتالمتحدةالأمريكية معتقل "جوانتانامو" وحملة الاعتقالات العشوائية التي نفذتها يمثل تحديًا قانونيًا صارخ للعالم أجمع، لكن الكارثة الأكبر هي عدم القدرة على اتخاذ قرار بإغلاقه، ليستمر بذلك معاناة المعتقلين بين رفض الكونجرس ونكث الوعود الأمريكية وصمت المجتمع الدولي.