«الهجرة غير الشرعية أو بوابات الموت».. يلجأ إليها الشباب للبحث عن فرصة عمل بالخارج، قد تكون مصحوبة باعتقاله أو وقوعه فريسة لتجار البشر، وربما سببا لمفارقته الحياة. يتبادر إلى الذهن عندما تطرح مخاطر الهجرة غير الشرعية، الحالة الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي وصل إليها الشاب حتي يتقبل فكرة التضحية بآدميته بل وبحياته في مقابل الحصول علي فرصة الهروب من الدولة بطريقة غير شرعية إلي أخري غالباً ما تكون في النطاق الأوروبي للبحث عن وظيفة. تعد «البطالة» سببا أساسيا وعاملا رئيسيا لاتجاه غالبية الشباب إلى الهجرة غير الشرعية، فلا توجد فرص عمل متاحة بالمجتمع لتلبي احتياجاتهم، إضافة إلي فقدان الأمل بالوعود البراقة من جانب الحكومات المتعاقبة، خاصة الحالية بشأن تحسن الوضع الاقتصادي وإتاحة فرص عمل للشباب وتمكينهم من الدولة. ولم تؤثر تصريحات المسئولين المغلفة بالتفاؤل، لدي الشباب، كما أن ارتفاع معدل البطالة الذى يصل وفقاً للإحصائيات الرسمية خلال الربع الثالث للأمن العام الحالي إلي 13.4%، زاد من إحباط الشباب، فشبح البطالة مازال متأصلاً فى المجتمع المصري وينهش في أوصال شبابه. وجاءت حكومة «محلب» الحالية، نبراسا لاشتعال فكرة الهجرة غير الشرعية في عقول الشباب، فمن تدني للمستوي المعيشي إلي تجاوز أعداد المصريين تحت خط الفقر من 17 إلى 25% خلال الفترة المنصرمة، مما يعني فشل الحكومة في محاربة الفقر والاهتمام بمحدودى الدخل، بل على العكس تصدر تشريعات وقوانين تساهم في زيادة نسبة المصريين تحت خط الفقر، مثل رفع الدعم عن الكهرباء والبترول والغاز، وما صاحبه من غلاء للأسعار الاستهلاكية والإنتاجية. وبالنظر إلي تمتع الشباب بالحريات والحقوق المدنية، فحدث ولا حرج، فقد أصدرت الحكومة تشريعات لمنع التظاهر، وقمع الحريات والآراء المعارضة للنظام، ومحاولة تصدير مشهد بأن المعارضة هدفها إسقاط الدولة كما كان يحدث في العهود السابقة، وبالنهاية يجد الشاب نفسه محاصرا بلا حرية وبلا عمل وبلا مستقبل، ولا يملك قوت يومه، فيلجأ إلي الحل الأخير الذي يسبق الانتحار بخطوة واحدة وهي الهجرة غير الشرعية. وحول الأمر، يقول الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، إن الحالة الاقتصادية والظروف السياسية السيئة التي تمر بها البلاد، أهم العوامل التي تدفع الشباب للجوء إلى فكرة الهجرة غير الشرعية، إضافة إلي وجود أمثلة من القري والنجوع التي ينتمي لها هؤلاء الشباب لجأوا للهجرة غير الشرعية وحققوا مكاسب كبيرة عادوا بها. وأشار "فرويز" إلي معرفة الشاب بإمكانية تعرضه للوفاة نتيجة للفكرة المحفوفة بالمخاطر، بل والأدهي من ذلك، أن عائلته تعلم أيضاً، ولكنه يفضل أن يذهب في رحلة نسبة النجاح بها 50% من وجهة نظره، قد يصل ويحصل علي الوظيفة والمكاسب، والنسبة الأخري تتمثل في فشله وتعرضه إما للاعتقال من جانب الحكومة أو تعرضه للقتل، موضحاً أن فكرته تتمثل في الهروب من الأسوأ للسيئ. وأضاف "فرويز" أن الهجرة غير الشرعية نوعا من الانتحار يلجأ إليها الشاب عندما يشعر بأن حياته أصبحت بلا معني، خاصة عندما يتعرض لضغوط نفسية من جانب عائلته بأنه فاشل ولم يحقق أي نجاح بحياته، وأن والده مازال يعوله رغم تعديه سن الخامسة والعشرين وما إلي ذلك، مما يصل به إلي نفق مظلم من الاكتئاب واليأس يدفعه للجوء لتلك الرحلة المأساوية. وطالب "فرويز" الحكومة بتوفير فرص عمل جادة للشباب، بالإضافة إلي السعي الجاد لتحسين الظروف المعيشية لهؤلاء؛ كي يمتنعوا عن الهجرة غير الشرعية، مشدداً علي ضرورة توقف النظام عن مجرد الحديث عن التفاؤل والأمل وإعطاء الشباب دليل ملموس علي تحسن الأوضاع بالفعل. من جانبه، أوضح الدكتور شاهين رسلان، أستاذ الصحة النفسية، أن الشاب بعد تخرجه من الجامعة، لا يجد فرص عمل، ويشعر بالإحباط؛ لكونه أضاع عمره في التعليم دونما جدوي، وتنغلق كافة الطرق الشرعية في وجهه، مما يجبره للجوء إلي فكرة الهجرة غير الشرعية، مشيراً إلي أن الشباب يعلم بأن الرحلة قد تصل به إلي الموت، لكنه يحدث نفسه بأن العبور قد يعني فرصة للحياة، أما البقاء يعني نهايته الحتمية. وأكد "رسلان" أن الإعلام له دور سلبي في الأمر، فلا يؤدى واجبه الوطني نحو تنمية المجتمع، وإنما يعمل وفقاً أجندة معينة، ويضلل الشباب؛ لترويج فكرة معينة لصالح فصيل محدد، محذرا من التفكك الأسري الذي يسمح بظهور حالات الهجرة غير الشرعية والهروب من المشاكل والأزمات في محاولة إيجاد الفرصة.