صدر حديثًا عن القومي للترجمة،النسخة العربية من كتاب«موت الناقد» من تأليف رونان ماكدونالد وترجمة فخري صالح. يسعى الكتاب إلى القول أن دور الناقد الأكاديمي القائم على حكم القيمة قد تراجع دوره و تضاءل تأثيره وضعفت صلته بجماهير القراء في ظل مد النقد الثقافي، الذي يتصدر المشهد النقدى في المؤسسة الأكاديمية البريطانية وكذلك الأمريكية. يصف المؤلف ما حدث بتحول جذري في دراسة الاداب والفنون، بحيث حل القارئ غير المتخصص محل القارئ المتخصص الذى يعمل في المؤسسة الأكاديمية، أو حتى في الصحافة السيارة التى اتاحت في عقود سابقة تأثيرًا واسعًا للنقاد الذين ينشرون مقالاتهم وتعليقاتهم في المجلات المتخصصة بمراجعات الكتب وكذلك في الملاحق الثقافية التى تصدرها الصحف لغربية الكبرى يوم الأحد. على جانب آ خر شحب دور الناقد وتضاءل حضوره بسبب ابتعاده عن كتابة ما نسميه في الحقل النقدى العربى "النقد التنويرى"، وانسحابه إلى صومعته الأكاديمية مكتفيًا بكتابة دراسات وبحوث لا يفهمها سوى النخبة المتخصصة العارفة باللغة الاصطلاحية والمفاهيم والمنهجيات، التي توجه هذا النوع من الكتابات النقدية التي لا تلقى بالًا لما تهتم به الجمهرة الواسعة من القراء من تعريف بالأعمال الأدبية والفنية، وتقديم إضاءات حولها وربطها بسياقات انتاجها، والتعرف غلى مواضع تميزها ومقدار إضافتها إلى النوع الأدبي. يخلص الكتاب إلى أنه ليس من الممكن أن يحل المدونين محل النقاد، وأنه من حق الجميع التخوف على تلاشى المؤسسة النقدية وحلول نوع من الكتابات السريعة التي تعتمد على الذائقة لا المعرفة، محل الكتابة التي تضئ النصوص والكتابات، والتي ترينا بصورة جلية لماذا يكون الفن والأدب جديرين باهتمام الناس. فهذا هو الدور الأساسى للناقد والذي ينبغي أن يدافع عنه في عصر المعرفة السريعة عبر شاشات الكمبيوتر.