لم يكن قيام دولة السفاحين بقيادة الشيطان الأكبر ثيودور هرتزل، إلا تتويجا لأيديولوجية صهيونية تهدف إلى النفي الكامل للشعب الفلسطيني وترحيله واستبداله باليهود من مختلف أنحاء العالم، وكانت الخطة ترتكز على الاستيلاء على أكبر مساحات ممكنة من الأراضي الفلسطينية، وإجبار السكان الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم وبيوتهم بمختلف الطرق والوسائل والاستيلاء على المسجد الأقصى. ولم يكن المسجد الأقصى إلا ورقة ضغط من قوات الاحتلال الإسرائيلى، فعلاوة على أنه يثير حفيظة الفلسطينيين الدينية، فإنه أصبح"الدمّل"حال الضغط عليه يجعل الصدام بين الفلسطينيين والصهاينة حتميا. فالمسجد الأقصى جوهر الوجود الفلسطيني والعربي والإنساني بما تحمله من قداسة وجملة أبعاد حضارية وثقافية وإنسانية، وهو جوهر الصراع ومفتاح الحرب والسلام في المنطقة وهو التحدي الكبير أمام الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع. ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس في عام 1967، وللمرة الأولى فقد أغلقت قوات الاحتلال المسجد الأقصى أمس الخميس، وقامت بفتحه صباح اليوم الجمعة، شريطة استتباب الأمن، مع منع الرجال الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما من دخوله. فإعلان الكيان الصهيوني لإغلاق المسجد بمثابة إعلان الحرب، وعن ذلك يؤكد دكتور مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، أن إغلاق المسجد الأقصى، بمثابة البدء في إعلان حرب قوية على فلسطين كاملة وليس قطاع غزة أو نابلس أو منطقة بعينها، مشيرًا إلى أن المسجد الاقصى لم يغلق منذ 48 عاما. وأوضح أن محاربة الاحتلال والاستيطان والأفكار الصهيونية تتطلب من كافة الفصائل والقوى وحركات التحرر العربية والعالمية التحرك للحفاظ على تراث القدس الدينى والحضارى . وتابع:"عند اقتحام الإرهابي شارون المسجد الأقصى في العام 2000، كان المقدسيون في المقدمة، ومن القدس انطلقت شرارة الانتفاضة الثانية، وربما يكون من غلق المسجد انطلاق الانتفاضة الثالثة". من جانبه، أكد دكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ الإسرائيليات بجامعة عين شمس، أن هناك ممارسات إسرائيلية مستمرة منذ فترة طويلة، وقد تمثلت هذه الممارسات في طرح القوانين الخاصة بالسيادة على الأقصى ومنع رفع الأذان والتعرض للمرابطين وضربهم وطردهم من الأقصى حتى وصلت أمس إلى طردهم واحتلال الاقصى كاملًا. وأشار إلى أن الجانب العربي منشغل في دولته فمصر تحارب الإرهاب والعراق يهددها داعش وليبيا تهددها الجماعات الإرهابية، فالكيان الصهيوني استغل تلك الأزمات واتخذ خطوة لم يجرؤعلى اتخاذها منذ سنوات عدة. فيما أكد دكتور محمد أبو غدير أستاذ الإسرائيليات بجامعة الازهر، أن قرار إسرائيل بغلق المسجد الأقصى بمثابة إعلان حرب، متوقعًا أن تبدأ موجة جديدة من الانتفاضات الفلسطينية التى ستدمر الكيان الصهيوني. وتابع:"الأزمة لن تحل لأن الكيان الصهيوني من عادته التخريب، وهدفه الأسمى الاستيلاء على فلسطين كاملة ومنها إلى بقية الوطن العربى".