مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 27.. حالة الطقس اليوم    "وقولوا للناس حُسنًا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    إقبال كبير من المواطنين على معرض دمياط للأثاث بالزقازيق    الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا بالمحافظات اليوم الجمعة    استشهاد 3 صحفيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي لمبنى الطواقم الإعلامية جنوبي لبنان    وفاة نجم منتخب المغرب السابق عبد العزيز برادة بشكل مفاجئ، ومرسيليا وسان جيرمان ينعياه    الدكتور محمد صلاح، السيرة الذاتية لوكيل تعليم المنوفية الجديد    اليوم، تعامد القمر على الكعبة المشرفة، وهذه طريقة تحديد القبلة أثناء الظاهرة    حملات تفتيشية مكثفة على الأنشطة التجارية بالشرقية    لو مسافر.. الأسعار المحدثة لتذاكر قطارات السكك الحديدية    بدون الالتزام بمحل الاقامة.. أين توجد وحدات المرور المميزة؟    قبل انطلاقها الليلة، كل ما تريد معرفته عن احتفالية "ليلة عيد الوهاب" بالسعودية    توزيع الطعام وزيارة المقام في الليلة الختامية لمولد الدسوقي بكفر الشيخ    فريق طبي بالمستشفى الجامعي بطنطا ينجح في استئصال ورم سرطاني بالمريء    مستشار وزير الصحة ينصح الآباء: الختان جريمة ولا علاقة له بالدين والشرف    «مستواه لا يليق».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا لاذعًا على نجم الزمالك    فلسطين.. مقتل وجرح أكثر من 150 شخصا إثر قصف إسرائيلي استهدف 13 منزلا بمخيم جباليا    رسالة صلاح عبدالله للاعبي الزمالك بعد خسارة كأس السوبر المصري.. ماذا قال؟    قائد الحرس الثوري الإيراني: إسرائيل تحفر قبرها تدريجيًّا وتهيئ نفسها للانتحار    لبنان.. استشهاد 3 صحفيين في غارة إسرائيلية على مقر إقامة عدد من الأطقم الصحفية في بلدة حاصبيا    السولية يفاجئ كهربا بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    محافظ البحيرة تتفقد محطة الزهراء لإنتاج البيض والمزرعة السمكية    حبس موظف لقيامة بقتل زوجته بالمطرية    أمطار غزيرة لمدة 96 ساعة.. موعد أول نوة شتوية 2024 تضرب البلاد (استعدوا للتقلبات الجوية)    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    وكيل الصحة يزور قسم الأطفال بحميات العباسية لتطبيق النموذج الناجح داخل سوهاج    وكيل صحة القليوبية: حملة «بداية» قدمت أكثر من 2 مليون خدمة حتي اليوم    أحمد الغندور «الدحيح» يفتتح الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    يسرا اللوزي من مهرجان الجونة: "فرصة الناس تتقابل ونشوف مشاريع جديدة"    نسرين طافش: "كفايا عليا أحضر مهرجان الجونة عشان أشوف أحلى الأفلام"    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    جوتيريش: الوضع الإنساني في شمال غزة هو "الأسوأ منذ بدء الكابوس"    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    بث مباشر احتفال لاعبي الأهلي في فندق الإقامة بعد التتويج بالسوبر المصري    مصدر مسؤول: مصر أكدت للوفد الاسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال غزة    أكرم توفيق: طلع عينينا لنفوز بالسوبر أمام الزمالك    وزير خارجية تايلاند: قررنا الانضمام إلى بريكس رغبة فى تعزيز دور البلدان النامية    «القاهرة الإخبارية»: باريس تحتضن المؤتمر الدولي لدعم لبنان    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    عمرو الفقي يعلن التعاقد مع متسابقي برنامج "كاستنج" للمشاركة في أعمال درامية    بهاء سلطان يطرح أغنية «أنا من غيرك» من فيلم «الهوى سلطان» (فيديو)    الاستثماري يرتفع وعز يتراجع.. سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    تجديد الثقة فى المهندس ناصر حسن وكيلًا لتعليم الغربية    ارتفاع مفاجئ بجميع الأعيرة.. سعر الذهب اليوم الجمعة بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا جديدًا    تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تفعيل التوقيت الشتوي 2024    بالصور.. الاتحاد العام لشباب العمال بالأقصر ينظم ندوة تثقيفية حول "الشمول المالي"    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    رولز رويس 2024.. قمة الفخامة البريطانية تتجسد في سيارات الأحلام وأسعارها في مصر    أخبار × 24 ساعة.. وزير الصحة: عدد سكان مصر يصل 107 ملايين نسمة خلال أيام    طريقة عمل كيكة قدرة قادر بخطوات بسيطة    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    ضخ دماء جديدة.. ننشر حركة التغييرات الموسعة لوكلاء وزارة التعليم بالمحافظات    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوى الأسود : إن لم تكن ثورياً .. فعلى الأقل كن إنساناً
نشر في البديل يوم 20 - 12 - 2011

إذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي .. ولا بد للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة .. تبخر في جوها و اندثر
فويل لمن لم تشقه الحياة .. من صفعة العدم المنتصر
هكذا قال الشاعر التونسي “أبو القاسم الشابى” مؤكداً على قدرة الشعب بإرادته وحدها على صنع المستحيل، و أن من يرضى بالفتات ويتخيله انتصارا فهو لا يستحق الحياة. وبالفعل يستجيب القدر لأبناء تونس العظام حينما قامت ثورتهم في 14 يناير 2011، و يهرب الرئيس المخلوع “زين العابدين” و الآن هم يجنون ثمار ثورتهم على الظلم و الطغيان بقيام المجلس الوطني التأسيسي الذي اختار منصف المرزوقى رئيساً للدولة.
إن الحرية اختيار كما أن العبودية هي الأخرى اختيار لمن فقد معنى الكرامة والإنسانية للأبد واستبدلها بالخنوع للجلاد، وإعطائه مبرراً لتعذيبه ومساعدته واستعذابه لذلك فيما يسمى ب “عقدة ستكهولم”، تلك العقدة التي ترسخت في نفوس الكثيرين على مدار عقود طويلة من انتهاك الحريات و حقوق الإنسان.
انبثقت الثورة من ضغط دام طويلاً على الجرح وقام بها الغنى و الفقير، ربما تباينت الأسباب بينهما، لكن يظل يجمعهما سبب واحد قوى و هي الكرامة الإنسانية التي لا يشعر بها سوى الأحرار الذين يرفضون أن تنتهك آدميتهم في قسم بوليس أو مصلحة حكومية أو طابور عيش، قاموا بالثورة و خرجوا من بيوتهم يطالبون بالحرية و الكرامة لمصر كلها وليس لفئة محددة، فمن نزل للميادين كان يدافع عن نفسه و عمن يقبع في بيته.
إن الثوار هم دائماً قلة واعية وليس مجموع الشعب، و الوعي هنا ليس بالضرورة مرجعة تعليم عالي و شهادات كبرى، فالوعي يمكن أن تجده لدى مواطن بسيط أمي، فقط فتّح عينيه و قلبه و أعمل عقله.
في كتاب “ثقافة الأذن و ثقافة العين” للمغربي عبد السلام بنعبد العالي يقول: “إن الأذن حاسة التلقى، بينما العين، رغم صفائها، قادرة على أن تغلق نوافذها من حين إلى آخر، ثم أنها تخضع موضوع رؤيتها للقلب على شبكيتها. إنها لا تمر إلى موضوعها إلا عبر لف و دوران و انعكاس وتفكير” و يتكلم عن اقتران العين بالتفكير و الأذن بالأخلاق. هنا نلاحظ أن عبارة تغلق نوافذها من حين لآخر للتدليل على عملية الغربلة و الانتقاء و التي تعتمد بالأساس على التفكير الذي يعتمد بدوره على العقل.
إذن كيف نستطيع أن نغلق أعيننا عن مشاهد صورت وانتشرت كالنار في الهشيم عبر قنوات إعلامية وشبكة عنكبوتية تصور المدرعات وهى تلاحق الثوار في مذبحة ماسبيرو وكيف نغلق أعيننا عن مشهد تكسير عظام و سحل المتظاهرين في ميدان التحرير و كيف نغلق أعيننا عن مشهد تعرية فتاة ثورية وسحلها وركلها بالأقدام في جسدها وصدرها وكيف نغلق أعيننا عن مشهد حرق خيام مصابي الثورة و المعتصمين ؟ وكيف نغلق أعيننا عن مشاهد التصويب المباشر للضباط (جيش تارة و شرطة تارة أخرى) بالطلقات الحية والرشاش في عيون وصدور الثوار؟ وكيف ننسى المشاهد الهزلية لمحاكمة مبارك و أعوانه وما تم فيها من تحيات و ابتسامات و علامات نصر بالأيدي؟ وكيف ننسى مشهد الشرطة وهى تترك الحرية الكاملة ل “أبناء مبارك” يستفزون أسر الشهداء الواقفون أمام المحكمة و في المقابل تنكل هي بأسر الشهداء الذين لم يحركوا ساكناً؟ وكيف نستسيغ سجن و محاكمة المدنيين عسكرياً و هم الثوار أما مبارك وعصابته الذي قامت الثورة ضدهم يحاكمون مدنياً ؟ وكيف وكيف ؟؟
كيف نصدق الخطابات والمؤتمرات الصحفية للمجلس العسكري الذي يقول في كل مرة أنه لم يصوب طلقة واحدة في صدر مصري و أن الدم المصري غالى إلى آخره من الكلمات المستهلكة و المحفوظة عن ظهر قلب، و هو في نفس اللحظة الذي يصرح فيه بهذا يكون ميدان التحرير بالشوارع المؤدية له ساحة مذبحة حقيقة ؟ وكيف نقبل امتهان بيوت الله مثل مسجد عمر مكرم وكنيسة الدوبارة بحثاً عن ثوار و مصابين للقبض عليهم؟ و كيف نقبل استهداف المستشفى الميداني (المستشفيات في كل مكان في العالم مناطق آمنة حتى في الحروب) وخطف مصابين و أطباء وتهديدهم وتهديد أسرهم إن استمروا في إسعاف الجرحى؟
وكيف لا نشكك في الكلمة الممجوجة الأخرى “أيادي خفية” أو “طرف ثالث” في ظل الصرح العظيم و المسمى بالمخابرات المصرية؟ وكيف لم يتم إلقاء القبض على واحد فقط ممن تسلق سطح مبنى مجلس الدولة و كان يرشق المتظاهرين بالسيراميك و الرخام رغم أن التراشق ظل لساعات، وكيف دخل المبنى من الأصل؟ وكيف لم يتم إلقاء القبض على واحد فقط ممن كان يلقى بزجاجات المولوتوف من على سطح المجمع العلمي وممن دخل المبنى نفسه و أضرم فيه النيران و أين شرطة المطافئ التي كان يمكن أن تسيطر على الحريق؟
يقول أفلاطون : “نحن مجانين إذا لم نستطع أن نفكر، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ أن نفكر”.
إن الغالبية العظمى من الشعب الذي صحا بعد 25 يناير على فضائح مبارك و تجاوزاته وبيعه للبلد ولشعبه لصالح العدو و نهب مصر عن آخرها، رغم أنه شيء لم يكن ليخفى على أحد، وكانت الرائحة قد فاحت ربما قبلها بعشر سنوات، وكان هناك من الصحفيين و مقدمي البرامج الأحرار الذين فضحوا تلك التجاوزات الفجة، سوف يصحو يوماً على فاجعة ظلمه للثوار حينما تنجح الثورة ويحكم أبنائها البلاد ويجنى الجميع الثمار، من وقف بجانبها و من وقف ضدها.
في فيلم “الإرهاب والكباب”، الذي يصور عادل إمام و هو الإرهابي (بالصدفة) و قد ظل يسأل رهائنه المحتجزين عن طلباتهم من الحكومة، فلم يكن منهم سوى طلب أكلة كباب، و بغض النظر عن فكرة تجاهل المحتجزين للمطالب الأساسية والإنسانية المشروعة وهم في أمس الحاجة إليها وهو ما يؤكد “عقدة ستكهولم” التي طرحتها قبلاً، وبغض النظر عن أن طلبهم يؤكد على حقيقة تجويع الشعب و إفقاره، فدعونا نتذكر المشهد الأخير من الفيلم والذي حمى فيه الشعب ذلك الرجل الذي حمى أرواحهم وأسعدهم ولبى مطلبهم الوحيد، فالتفوا حوله في مجاميع حاشدة حتى ضاع أثره وسطهم ولم يتم إلقاء القبض عليه من قبل السلطات الباطشة، فمن حماهم قد أتى عليهم الدور ليحموه. إن الالتفاف حول الثوار وتعضيدهم هو الضمان الوحيد لنجاح الثورة، فلن تستطع أي قوة مهما تعاظم حجمها على إبادة متظاهرين يملئون ميداناً بأكمله.
فلنتذكر جميعاً أن الثوار الذين اعتصموا بميدان التحرير 18 يوماً هم من خلعوا مبارك وحاشيته، و لم يقل أحداً وقتها الكلمة الرديئة “عجلة الإنتاج”، فتلك العجلة المزعومة يعطلها المجلس العسكري حينما يخلى مصر من قوات الشرطة و يُفقدها الأمن، و حينما ترسل شركة مصر للطيران رسائل لوكلائها السياحيين تحذرهم من إرسال سياح لأن مصر ليست آمنة، و حينما يتم الإصرار على أن يتم التصويت يومي الاثنين والثلاثاء بدلاً من السبت والجمعة. لن تعطل عجلة الإنتاج بمليونيات يوم الجمعة وهى العطلة الرسمية.
ولنتذكر أيضاً مشهد الثوار في ربيعها حينما كانوا ينظفون ميدان التحرير، و مشهد إقتحامهم نيران المجمع العلمي لإنقاذ الكتب التراثية و تسليمها للجيش، إن من يفعل ذلك لا يضرب ولا يقتل ولا يحرق. و إذا كان هناك طرف ثالث فهو البلطجي الذي تفنن في صناعته النظام السابق شيطان الداخلية الأكبر العادلي، والذي يموله الآن نزلاء سجن طره والفلول بنقود الشعب المنهوبة ليقتل بها بقية الشعب الثائر ويتم تصوير انتهاكاته وإلصاقها بالثوار، أي أن الشعب يقتل الشعب بتمويل الشعب في لعبة قذرة لم يتذكر فيها زبانية النظام السابق فضل مصر عليهم والتي أتوا على آخرها، ويريدون الآن حرقها و حرق شعبها.
إن من يخون مصر و المصريين لا أرجو منه سوى أن يتذكر قصة “الهلباوي” جلاد دنشواي الذي مثّل الإدعاء ضد أهل مصر و أبرأ الإنجليز، لفظه الشعب و ظلت لعنة الفلاحين الذين شنقوا ظلماً تلاحقه حتى مات منبوذاً محتقراً، رغم محاولات التكفير عن ذنبه.
إن مقالي هذا أكتبه لوجه الله تعالى و إرضاء لضميري، و أختتم مقالي بآية من القرآن الكريم: “فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” صدق الله العظيم. و بعبارة المذيعة الثورية ريم ماجد التي قالت فيما معناه: “إن ما كنتش مع الثوار، يبقى على الأقل سيبهم في حالهم ولا ترميهم بالباطل”.
الثورة مستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.