باتت قرى محافظة المنيا المخبأ الكبير الذي يحتضن التعديات على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء الجائر التي فاقت الحد وتفاقمت بشكل كبير في الآونة الأخيرة في ظل تواطؤ موظفي ومسئولي الوحدات المحلية والمجالس القروية وغضهم الطرف بل وتسهيلهم إتمام تلك التعديات. وتقف التعديات على مداخل القرى وفي شتى أرجائها شاهدًا على غياب الدولة وآليات الردع للمخالفين، ووصل الأمر لأن أصبح البناء الجائر على مرأى ومسمع ووسط الزراعات الكائنة على الطرق الرئيسية والعامة. واعتاد رواد التعديات طلاء بناياتهم من البلوك والطوب الأحمر بطلاء من الطين ليظهر البناء وكأنه بناية قديمة وليست حديثة، وبعد عمل محضر صوري يتقدمون بتظلم ثم يحصلون بعدها على براءة البناء. "كردون مباني" عبارة يطلقها المزارعون وملاك الأراضي الزراعية على أراضيهم التي تقترب من الحيز العمراني، وتشير العبارة إلى أن تلك الأراضي الزراعية مهيئة للبناء عليها؛ نظرًا لقربها من العمران. في الوقت نفسه تشيد العديد من المزارع الخاصة بالدواجن في أحضان الرقعة الخضراء بالمخالفة للقانون، وسط تجاهل المسئولين وكأن الأمر لا يعنيهم. وقال عدد من الأهالي ل "البديل" إن التعديات التهمت الرقعة الزراعية وإن حملات الإزالة لم تطل 10% من المساحات المتعدى عليها، موضحين أن قيراط الأرض البناء يتجاوز سعره 6 أضعاف نظيره الزراعي؛ مما يدفع الأهالي للتعدي بالبناء المخالف. وكشف تقرير اللجنة المشكلة بشأن فحص أعمال الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة العدوة وجود مخالفات بإهدار المال العام بمبلغ 3 ملايين و522 ألف جنيه جراء تلاعب عدد من الموظفين بالإدارة الهندسية بالوحدة المحلية فى قرارات الإيقاف ومحاضر مخالفات المبانى بحى شرق وغرب المدينة، وأوضح التقرير وجود محاضر منذ عام 2011، تم تحريرها وإرسالها إلى مركز الشرطة دون تحديد المساحة والتكاليف، ومحاضر تم تحريرها بمساحات أقل من الموجودة على الطبيعة وعددها 34 حالة، ووجود محاضر تم تحريرها بدون تحديد مساحة أو تكاليف نهائيًّا، ومحاضر أخرى تم تحريرها بمساحات مطابقة، ولكن تكاليفها أقل من المحدد قانونًا وعددها 6 حالات، وكذلك وجود محاضر محررة محدد بها المساحة دون تحديد تكاليف، ومحاضر أخرى محررة بتكاليف بدون تحديد المساحة. وعليه تقدم رئيس مركز ومدينة العدوة بمذكرة مرفق بها تقرير اللجنة إلى محافظ المنيا اللواء صلاح الدين زيادة، وقرر المحافظ إحالة الموظفين المتورطين في وقائع التلاعب للنيابة العامة. وكانت "البديل" قد حصلت على مستندات وصور أثبتت تعدي صاحب مدرسة خاصة بقرية "الحسينية" بمركز بني مزار بالمنيا على حرم الري وحرم الطريق للشارع الرئيسي بالمخالفة للقانون، في حين أمهلته الجهات المختصة 15 يومًا لوقف أعمال التعديات، غير أن التعديات لم تتوقف. حيث أثبت إخطار قسم التنظيم بالوحدة المحلية بقرية "الحسينية" ببني مزار الصادر مخالفة "وليد عبد الغني م." الممثل القانوني لمدارس التقوى الخاصة الكائنة بحوض الساحل زمام القرية، عقب تنفيذه أعمال الترخيص المنصرف لجناح مدرسة التقوى المرخص له بناء بدروم أرضي وعدد 4 أدوار عليا، بمخالفته لأعمال الترخيص المنصرف والتعدي على حرمي الري والطريق. وعليه تقدم كل من "محمد أحمد م." و"هدى محمد أ." بشكوى ضد صاحب المدرسة تفيد بتعديه على حرم الطريق وحرم الري، طالبا خلالها سرعة وقف التعديات. وفي يوم 25 سبتمبر المنصرم أصدرت جمعية زراعية بقرية "إبوان" بمركز مطاي بالمنيا بطاقة حيازة زراعية لقطعة أرض مساحة 31 فدانًا تابعة لهيئة الأوقاف، وذلك لصالح أحد المواطنين بالمخالفة للقانون، حيث أصدر كل من "محمد إسماعيل" مدير الجمعية الزراعية و"جمال مصطفى" و"سيد جبرة محمود" أعضاء بالجمعية بطاقة حيازة زراعية لصالح "خلف إسماعيل خليل" تفيد حيازته قطعة أرض مساحة 31 فدانًا، وهي تابعة لهيئة الأوقاف وكائنة بحوض "شويكار" بنفس القرية، على الرغم من أن الأخير وضع اليد على تلك المساحة، ويوجد نزاع قانوني منظور أمام المحاكم بشأنها. وخرج بيان عن مكتب الإعلام بمحافظة المنيا 11 سبتمبر المنصرم أفاد بمنع توصيل المرافق للأبنية المخالفة وأن محافظ المنيا اللواء صلاح الدين زيادة شدد على رؤساء المدن والأحياء متابعة البناء على الأراضي الزراعية وإزالة كافة التعديات.