يعد معبر رفح الواقع بين قطاع غزة ومصر، المنفذ الوحيد لسكان القطاع إلى العالم الخارجي، بل هو المتنفس الوحيد لسكان القطاع، وهو بهذا الوصف المختصر، شريان الحياة بالنسبة لهم، إلا أنه لا يكاد يُفتح أمام مغادري القطاع أو الوافدين إليه، إلا ويُغلَق من جديد. وتفاقمت الأزمة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، في السابع من يوليو الماضي، وقبله منذ سيطرة حماس على قطاع غزة، حيث عمدت الحكومة المصريّة إلى فتح معبر رفح البريّ فقط أمام فئات محدّدة من سكان غزّة, ذلك الأمر الذي جعل سكان غزة يتساءلون, لماذا سياسة العقاب الجماعي؟ وفي هذا السياق أكد مدير عام معبر رفح البري خالد الشاعر نقلا عن أحد الصحف الفلسطينية، أن حركة السفر عبر معبر رفح بدأت تعود لنقطة الصفر كما كان عليه الحال قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر ل 51 يوما. وأوضح الشاعر، أن السلطات المصرية فتحت المعبر خلال فترة العدوان استثنائيا لفئات محددة هي المرضى والجرحى وأصحاب الجوازات الأجنبية والمصريون، وليس لكل الفلسطينيين، إضافة لفتح الباب أمام أصحاب الإقامات بعد العدوان. وقال الشاعر:"وكانت الأعداد تزيد وتنقص بناء على فترات الهدنة، وكان يتوجه أعداد كبيرة من المسافرين فى فترة الهدنة من غير الفئات المحددة أملا في السفر ولكنهم يعودون أدراجهم إلى بيوتهم دون الحصول على فرصة سفر، لأننا مقيدون بتسفير الفئات التي يحددها الجانب المصري". وذكر أن 17400 شخص تمكنوا من مغادرة المعبر خلال العدوان على غزة فيما تم إرجاع 1595، في حين تمكن 3833 من العودة إلى القطاع، مشيرا إلى أنه منذ تاريخ 26/8/ 2014 حتى تاريخ 5/9/2014 تمكن 2428 مسافرا من المغادرة فيما تم إرجاع 439 ومنعهم من السفر، في حين تمكن 3531 من العودة إلى القطاع. ولفت النظر إلى أنه عقب انتهاء العدوان "توقعنا انفراجاً في عملية السفر عبر معبر رفح البري وزيادة أعداد المسافرين والأهم من ذلك كله السماح لفئات جديدة بالسفر، لكن ذلك لم يحدث، فأعداد المسافرين تناقصت والفئات المسموح لها بالسفر لم تزدد، وبالتالي عدنا لنقطة الصفر كما كنا قبل الحرب". وأوضح مدير عام معبر رفح أن عددا كبيرا من الطلاب الذين يودون إكمال دراستهم العليا في مصر يعانون معاناة شديدة لأن الجانب المصري يفرض شروطا كثيرة عليهم، ولا بد أن يكون الطالب مستوفيا للإجراءات سواء كانت أمنية أم دفع رسوم تسجيل أم رسوم دراسية والحصول على بطاقة الطالب وأمور أخرى. وتابع الشاعر: "معظم أصحاب الإقامات سافروا، لكن الذين يترددون على المعبر دائما في الوقت الحالي هم مواطنون عاديون ممن يريدون استيفاء إجراءات حصولهم على الجنسية أو ممن يحملون تقارير طبية ويريدون العلاج على حسابهم الخاص، وهم الفئة الأكبر التي ما زالت ممنوعة من السفر". أما بخصوص متوسط عدد الحافلات المغادرة طوال الفترة الماضية أشار إلى وجود إشكالية في الإعلام، موضحا ذلك بقوله:"لدينا إشكالية في عدد الحافلات فأحيانا يتم تحديد عدد من الحافلات ولا يتم تحديد عدد ركابها وبذلك تصل حمولة الحافلة الواحدة أكثر من 120 مسافرا، لكن أحيانا يتم تحديد الركاب في كل حافلة بخمسين راكبا وهنا تحدث المشكلة". التنسيق الأمني التنسيق الأمني مصطلح يتم تداوله من أجل تجميل مسمى الرشوة, «رُش تخُش» مصطلح يعبر عن حال المعبر وهو أحد المفاتيح التي تمكن المسافرين من السفر, والتنسيق الأمني هي العصا السحرية التي تضرب بها بوابة العبور لجمهورية مصر عبر معبر رفح، إن أدخلت يدك في جيوبك ودفعت المبلغ المطلوب فمرحبا بك، وإن لم تدفع أو كنت لا تملك أصلًا سيزعجك قول أحدهم"ارجع غزة يا باشا". "الرشاوى"سياسةٌ أرهقت كاهل المسافرين الغزّاويين عبر معبر رفح، خاصةً في ظل اقتصار الخروج والدخول على أصحاب الجوازات الأجنبية والإقامات فقط, تسعة أعوام مرت على أزمة السفر من وإلى قطاع غزة، لم تشهد أي انفراجاً إلا في فترات محددة لا تلبي حاجة سكان غزة في السفر. تعطل الحواسيب تعطل الحواسيب من أحد المشاكل المسببة لحالة فزع مسافري قطاع غزة فلحظة سماعهم لهذه الجملة وبعد معاناة لعدة أيام داخل المعبر لاستكمال إجراءات السفر يضطرون للعودة إلى أدراجهم. لؤي محمد (28 عاماً)، مواطن من غزة. بعد انتظار طويل داخل المعبر عاد إلى غزة مكسور الخاطر. وقال لؤي: بسبب العدد الكبير للمسافرين لم أستطع السفر يوم السبت, وبعد رجوعي للمعبر يوم الأحد حيث إنني كنت مقيدا بالحافلة الرابعة إلا أنه بعد دخول الحافلة الثالثة تم إخبارنا بتعطل الحواسيب, ويتمثل الأمر فى إرهاق الموظفين الأمر الذي يجعل من تعطل الحواسيب حجة يتعللون بها ". وفي هذا السياق قال ماهر أبو صبحة مدير هيئة المعابر والحدود بقطاع غزة: "مئات المواطنين يتجمّعون يومياً على البوابات الخارجيّة للمعبر استعداداً للسفر، ومازال الجانب الفلسطيني يعاني من استمرار مشكلة تعطّل الحواسيب في الجانب المصري". وأكد أن دور مصر في مساندة وتبني القضية الفلسطينية وتصديها لسياسة الكيان الصهيوني التي تحاول تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني لا يمكن إنكاره، ومن الممكن أن تمد مصر يد العون لقطاع غزة، وأول خطوة في الاتجاه الصحيح هي قرار من الرئيس المصري بفتح معبر رفح فتحاً كاملاً على مدار اليوم والسنة أمام الأشخاص والبضائع، وعدم تعطيله حتى في الإجازات والأعياد, وتغيير جميع طواقم العمل السابقة، واستبدالهم بموظفين من هيئة المعابر المصرية ليتم التعامل مع أهالي القطاع باحترام بالغ، كما ينبغي من إخوة وأشقاء وجيران. وليس مطلوباً من ثورة مصر أن تظهر قابليتها واستعدادها للسير في فلك من سبقوها، إن فتح معبر رفح اختبار حقيقي لإرادة التغيير والإصلاح التي ينشدها المجتمع المصري وكل عربي شريف تجاه القضية الفلسطينية.