بعد فشل حكومة التوافق الفلسطيني التي تم إنشاؤها قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والذي استمر لمدة خمس وخمسين يوما، ولم يتوقف إطلاق النار إلا بعد جهود كبيرة من الحكومة المصرية، التي كانت ولا تزال الوسيط بين المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها وبين الاحتلال الإسرائيلي، أعلن أمس موسى أبو مرزوق، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عن مطالبته بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بدلا عن حكومة التوافق. وبعد ما تم الاتفاق على حكومة توافق في غزة من أجل ممارسة مهام معينة أهمها رفع الحصار عن غزة والتهيئة لانتخابات فلسطينية جديدة، إلا أنها لم تحظ بفرصتها في ممارسة أيٍ من مهامها – على حد وصف الرئيس الفلسطيني أبو مازن- ووجود حكومة ظل في غزة واتهام حركة حماس بعرقلتها لمسار المصالحة وعدم سماحها لحكومة التوافق بممارسة مهاما وتحميلها مسئولية الخسائر التي تكبدتها الحرب الأخيرة في قطاع غزة. قال "أبو مرزوق": «طالبنا بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة؛ بسبب ضعف الحالية لاسيما وقت الحرب وعدم قدرتها على حل مشاكل الشعب الفلسطيني»، مؤكدا أن حكومة التوافق لم تمارس أيٍ من مهامها. وبسؤاله عن الفروق بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة التوافق القائمة الحالية، أضاف "أبو مرزوق" ل"البديل" أن حكومة التوافق "مؤقتة" ومقيدة بمدة زمنية محددة – سنة واحدة- وأيضاً مهامها محددة تتمثل في تهيئة الأجواء للانتخابات، وفك الحصار ومن ثم إعادة إعمار غزة، لافتا إلى أنها لم تنفذ أي من مهامها الإطلاق، لذلك دعت حركة حماس إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. ورداً على الاتهامات الموجهة لحركة حماس بوجود حكومة ظل في غزة، قال «حكومة حماس استقالت منذ الحظة الأولى من توقيع الاتفاق»، ووصف وزراء الحكومة السابقة بأنهم جالسين في بيوتهم. وأوضح "أبو مرزوق" أن حماس ليس لديها مشكلة في وجود حرس الرئيس على الحدود المصرية الفلسطينية وعلى حدود دولة الاحتلال، واستلام حكومة التوافق لكل المؤسسات الأخرى، مؤكدا أن هناك ترددا، ومتساءلا لماذا لا تؤدوا المهام المطلوبة وما تم الاتفاق عليه، لافتا إلى أنه من الواضح بأن الخلاف نابع من قرار سياسي لأن حكومة التوافق هى تنفيذية وتتلقى أوامرها من جهات عليا. من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، إن حماس "تتلكك" بعد أن كشف الرئيس أبو مازن بالأمس عن دور حركة حماس في تخريب ملف المصالحة، وأنها كانت تسعى من خلال الحرب إلى تحقيق عدة أهداف منها رفع الحصار عنها، بالإضافة إلى إحراج الجانب المصري، وإيجاد دور لقطر في المنطقة، فضلا عن إعادة جماعة الإخوان للمشهد السياسي بعد ما يزيد عن ألفي شهيد. وأضاف: «حماس وافقت على هدوء مقابل هدوء والالتزام بهدنة 2012، إذن لماذا حاولت إحراج أبو مازن، وعملية خطف الثلاثة مستوطنين كانت جزء من سلسلة عمليات تنفذها حماس من أجل إحراج السلطة الفلسطينية والرئيس أبو مازن وإدخاله مع دولة الاحتلال في مواجهة مباشرة لانهيار السلطة، وهذا ما جاء على لسان عضو المكتب السياسي لحماس صالح العروري». وتابع: «حراك أبو مرزوق وغيره من حركات حماس النابعة من تصريحات إسماعيل هنية، تأتي في نفس السياق، خاصة بعد أن كُشف الموقف الحقيقي لحماس في حرب غزة والتزامها بالموقف القطري والموافقة على الهدنة عندما أبلغوا أن اغتيال الشهيد رائد العطار بداية للاغتيالات العسكرية». وأكد "الرقب" منع حركة حماس من تسليم حكومة الوفاق مهامها في غزة، وهذا ما يترتب عليه عدم تسليم حرس الرئيس للمعابر والحدود مع مصر ودولة الاحتلال والإشراف على إدخال مواد البناء من أجل إعادة إعمار قطاع غزة. وفى نفس السياق، قال الدكتور أسامة شعت، الكاتب والمحلل السياسي، إن إعمار غزة يحتاج إلى تفعيل حكومة التوافق، مضيفا: «أختلف مع مطالبة أبو مرزوق بتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، ولكن لا أختلف معه في فكرة تفعيل حكومة الوفاق الوطني؛ لأن تشكيل حكومة جديدة أمر يحتاج إلى وقت كبير وبالتالي عرقلة عملية إعادة إعمار غزة، ومن المفترض توسيع حكومة الوفاق الحالية لكي تشمل كل الوزارات؛ بسبب وجود قطاعات كثير تحتاج إلى وزارات من أجل ممارسة مهامها على النحو المطلوب مثل وزير للإسكان والبنية التحتية ووزير للطاقة من أجل إيجاد مخرج لحل مشكلة الطاقة، ووجود وزير واحد لكل هذه القطاعات أمر خاطئ، وأنا أرفض ذلك، وأُطالب بتوسيع حكومة التوافق». ونوه إلى أن حركة حماس تريد الموافقة على حكومة الوفاق الوطني؛ من أجل تسليمها كافة الأعباء الاقتصادية والمحافظة على قوتها الأمنية والسيطرة على الأرض أمنياً "حكومة ظل"، موضحا أن أبو مازن حذر حماس بعدم التعامل معها في حال بَقِى الوضع على ما هو عليه، خصوصاً بعد لقائه بمشعل من أجل التباحث في معاهدة روما، الأمر الذي نتج عنه تهرب الأخير من التوقيع على هذه المعاهدة. واختتم "شعث" بأن الحل السياسي مرهون في يد حركة حماس، ومطلوب منها أن تتخذ موقفا رسميا لحل مشاكل قطاع غزة وعدم التحكم بقرار الحرب والسلم بشكل منفرد.