أصبح الإضراب عن الطعام وسيلة المحبوس احتياطيا «المعتقل» الوحيدة؛ لممارسة حق الاختيار الحر فى «إدارة علاقته مع جسده وروحه» – المساحة الوحيدة المتاحة له- فغياب الحرية وكثرة القيود المفروضة فى أماكن الاحتجاز يختزلان مساحات الاختيار الحر فى الجسد والروح، ويقلصان مساحة خوف البشر التقليدى من التضحية الإرادية بسلامة الجسد. بدأ منذ أيام عدد من النشطاء إضرابا عن الطعام؛ بسبب سوء المعاملة وطول مدة الحبس الاحتياطى، وانتشر هاشتاج "جبنا آخرنا" على مواقع التواصل الاجتماعي، تضامنا مع حملة المضربين عن الطعام، مثل أحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، ومحمد عادل، وحمادة النوبي، ووائل متولي؛ احتجاجًا على ما وصفوه ب"سوء المعاملة، وتعنت إدارة السجون معهم، سواء في زيارات ذويهم". قال محمد زارع، المحامي الحقوقي ورئيس منظمة الإصلاح الجنائي، إن الإضراب حق دستوري؛ للتعبير السلمي عن رفض السجين لشيء ما، ووسيلة لعرض قضية المسجون والضغط إعلاميًّا بشكل قانوني. وأضاف أنه بمجرد إعلان السجين عن إضرابه يبلغ الشخص المسؤول عن العنبر مأمور السجن؛ لإثبات الأمر في محضر أحوال السجن، مشيرًا إلى أن إدارة السجن عليها معرفة أسباب الإضراب وشكوى السجين وحلها إذا أمكن، ثم يتم إثبات الإضراب من قبل النيابة العامة التي تحقق مع السجين، فضلا عن عرضه على الطبيب في حالة إضرابه عن الطعام أو الشراب، لمعرفة حالته الصحية والتأكد من صحة الإضراب. وأوضح "زارع" أن تأثير الإضراب في معظم الحالات لا يثمر عن النتيجة المرجوة، مؤكدًا أنه يأتي بنتيجة إيجابية في الدول التي تحترم حقوق الإنسان، فيما طالب مؤسسات الدولة ورئيس الجمهورية والنائب العام بوجود حل، خاصة مع النشطاء السياسيين الذين وقع عليهم ظلم وشاركوا في ثورة نادت بإرساء قواعد العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والحرية. ومن جانبه، قال مينا ثابت، الباحث السياسى فى مجال الحقوق والحريات، إن تزايد حالات الإضراب عن الطعام، نابع من سوء المعاملة والتعذيب وغيرها، وفى حالات أخرى ينبع من كون النشطاء أغلبهم قيد الحبس الاحتياطى على خلفية قانون التظاهر غير الدستورى – بحسب تعبيره، وفى ظل الإفراج على آخرين الثورة قامت ضدهم بالمقام الأول كأحمد عز وغيره. ومن ناحية أخرى، نفى فهمى نديم، رئيس مؤسسة النديم لحقوق الإنسان، وجود معتقلين فى السجون المصرية، مؤكدا أن كل من قبض عليهم بإذن نيابة، وكل المجودين داخل السجون والأقسام بسند قانونى، وبالتالى كلمة "معتقل" غير دقيقة فى التعبير، ومضيفا أن الإضراب عن الطعام سلوك حضارى وسلمى، ومن حق كل سجين أن يستخدمه للتعبير عن رأيه ولرفض التعامل السيئ معه من قبل إدارة السجن. ولفت إلى حق السجين فى الاعتراض على سوء المعاملة، مضيفا: «نحن من جانبنا كحقوقين، علينا أن نقدم طلبا للنائب العام يتضمن ما يحدث لهذا السجين داخل مكان احتجازه، كما نقدم طلبا لإدارة السجن ونجتمع بهم لزيارة السجين وتوثيق ما يحدث تجاهه من انتهاكات، أما فى إضرابه عن الطعام بسبب الحبس الاحتياطى، فهذا يعود إلى النيابة وقرارتها، ولا نستطيع التدخل فيها سوى بالدعم النفسى للسجين».