في السوق الآن ، مع الباعة ، نسخة مزورة تشبه مصر الأصلية ، لا تشتريها . في النسخة المزورة ستجد ثلاثة أهرامات ، وأبو الهول ، ونيل . لكن الأهرامات في تلك النسخة لم تعد رمزا لخلود الروح الإنسانية ، بل مجرد مبولة لخفر وزارة السياحة، وفي النسخة المزورة لم يعد أبو الهول ذلك الوحش القوي الذي يحمي حدود مصر ويخيف أعداءها ، بل أثر من طوب يضرب السياح أنفه بالطماطم ولا يخيف أحدا . في النسخة المزورة سترى أن مياه النيل التي لم تتحرك يوما خارج الوطن تقلب في أمواجها فكرة أن تمتد إلي خارجه لتروي الأعداء . في النسخة المزورة كل شيء موجود مما يشبه مصر ، لكنها ليست مصر . ومع أن النسخة المزورة التي غمرت السوق تم رسمها بخبرة محترفين محليين وأجانب ، إلا أنها مهما بدت لامعة فإنها لاتعيش طويلا . لا تشتريها ، ولا تتعامل بها ، حتى لو كانت هي الرائجة ، حتى لو لم تجد في المحلات سواها . النسخة تقليد لمصر الأصلية ، لكنها ليست هي ، تشبهها ولكن حين تفركها بأصابعك ستشعر أنها ليست بلدك ، ليست ورقتك ، لا تنبعث منها رائحة العرق والتعب الذي يتعبه الناس في كفاحهم من أجل القرش ولقمة الخبز . ليست هي . النسخة الرائجة تشتمل على شبه حاجات : شبه سياسيين ، وشبه كتاب ، وشبه علوم ، وشبه فنون ، وشبه علاج ، وشبه تعليم ، وشبه ديمقراطية ، وشبه طعام ، وشبه ملبس ومسكن ، وشبه انتخابات . كلها صور تقليد ، أما السياسيون والكتاب الحقيقيون والفنون والعلاج وكل ذلك فإنه يسكن في ضمير الورقة الأصلية . ينخدع الكثيرون في الأوراق الزائفة ، لكننا ننصحك أن تقوم بالتالي لتمييز مصر الأصلية من المزورة : في الورقة الأصلية سلك وطني يشد قوامها ، لن تجده في المزيفة . وإذا قربت مصر الأصلية من أذنك سيأتيك من بعيد صدى أصوات أحمد عرابي على حصانه ، ومصطفى كامل ، وزئير عبد الناصر في الأزهر ، وعبد العاطي صائد الدبابات في حرب أكتوبر . من النسخة المزورة سيأتيك صوت أنور السادات وهو يقول أنا مستعد أروح لهم حتى لحد الكنيست ، وصوت الحزب الوطني ، وأشباه الكتاب ، وأشباه الفنون ، وسترى أنها أصوات ضعيفة تفتقد الصدق . وإذا وضعت الورقة الأصلية في قدح ماء ستزهر على السطح قصائد صلاح جاهين ، وتتفتح أمامك رؤي طه حسين ، وخطب عبد الله النديم ، أما إذا وضعت الورقة المزورة في قدح ماء فسوف تنبعث منها فقط رائحة طفح المجاري . لا تدع أحدا يخدعك . وطوق بلدك بذراعيك ، كما طوقتك هي إلي أن صرت كبيرا وأصبح لك عقل تميز به الزيف من الحقيقة . *** مواضيع ذات صلة 1. د. أحمد الخميسي :هرش قفا برلماني 2. إلهامي الميرغني : السوق المُرة 3. ” كناري ” مجموعة قصصية .. جديدة لأحمد الخميسي 4. أحمد سمير : عزيزي المناضل على تويتر.. اخرس 5. أحمد صبري: يوسف والحرب القذرة