كتب : هاجر عثمان تتزامن اليوم الذكرى ال 62 لثورة 23 يوليو 1952، التي قادها الضباط الأحرار ضد الملك فاروق وحاشيته، وأعلنت مصر جمهورية.. ستظل ثورة 23 يوليو 1952 واحدة من أهم الثورات فى التاريخ الحديث بما خلفته من أثار سياسية واقتصادية واجتماعية غيرت وجه الحياة فى مصر وفى الوطن العربي كله وعلى امتداد العالم الثالث. تعرضت ثورة 23 يوليو لعقبات وعثرات عديدة خلال مسيرتها كان من أفدحها هزيمة 5 يونيو 1967 التى كانت تهدف لإسقاط نظام ثورة 23 يوليو والقضاء على مشروع النهضة العربي والتخلص من جمال عبد الناصر ولكن الصمود الشعبى المصرى والعربى عقب الهزيمة أفسد المخطط وقاد الأمة لاختيار الصمود والتحدى فى مواجهة الهجمة الصهيونية الأمريكية. رصدت «البديل» شهادات يرويها شهود عيان من السكان أمام قصر عابدين بالمنطقة التي تحمل نفس الاسم.. قال محمد طه، ضابط قوات مسلحة متقاعد: «عندما قامت ثورة 23 يوليو، رفض الملك فاروق أن يتدخل الحرس الملكي، ويشتبك مع الجيش حتى لا يحدث إراقة دماء بين المصريين»، متابعا: «يوم 23 يوليو لم يكن ثورة بالمفهوم الطبيعي، ولكنه انقلاب وأيده الشعب المصري بكل فصائله، عكس ما حدث فى 30 يونيو 2014 ثورة مكتملة الأركان حيث نزل الشعب وأيدت مطالبه القوات المسلحة». ووصف "طه" الأجواء الشعبية عقب ثورة يوليو 52، قائلا: «الشعب خرج في كل الشوارع والميادين، وهتف لمحمد نجيب باعتباره أكبر أعضاء مجلس قيادة الثورة فى الرتبة، وكان مضطهداً من الملك فاروق»، مضيفا: «الشعب كان يستقبل نجيب فى الطرقات وفي كل مكان، حتى عندما كان يذهب للصلاة فى الحسين، يتجمع الشعب للهتاف له، وعندما خلع مجلس قيادة الثورة نجيب فى 53 غضب الشعب وطالب برجوعه، وعاد بالفعل ثم خلع مرة أخرى عام 54 وتم تحديد إقامته في فيلته بالمرج». وتابع: أنه كان طالباً فى المرحلة الابتدائية عندما حدثت حركة الجيش فى 23 يوليو 52، ونزل مع أسرته لتأييد الجيش لما له من مكانة فى قلوب المصريين، مضيفا: «الدبابات حاصرت قصر عابدين يومها، ووقف الملك فاروق حائلاً بين أي اشتباكات بين الحرس الجمهوري والقوات المسلحة، ما يوضح الفارق الكبير بين الملك وبين جماعة الإخوان التى أشاعت الدماء وهددت المصريين بالتفجيرات من أجل كرسي ليس من حقهم». وأوضح أن ثورة 23 يوليو لها مميزات ومساوئ، ومزاياها عادت على الفقراء، حيث أعطى عبد الناصر 5 فدادين لكل فلاح معدم، وأعطى العامل حقوقه، فأصبح له حقوقه وتمثيل فى مجالس الإدارات، وطبق مجانية التعليم، كما بنى السد العالي، وأمم قناة السويس، وطردنا الانجليز فى عصره. ومن جانبه، قال عم محروس، كهربائي وأحد سكان منطقة عابدين مواليد 1935، أن الشعب أحب اللواء محمد نجيب عقب 23 يوليو، مضيفا: «برغم حبنا للملك، لكننا حزنا عندما شعرنا أن البلد أصبحت فى يد من يلعب بنا، وزاد الغضب بداخلنا بسبب خسارة حرب 48، لذلك فرح الشعب بحركة الجيش في 23 يوليو 1952». واستطرد عم محروس: كنت بين المتواجدين أمام قصر عابدين حين كان اللواء محمد نجيب يحلف القسم الجمهوري، وسمعت جميع المارشات العسكرية، مشيراً إلى توافد المواطنين من جميع أنحاء الجمهورية إلى ساحة قصر عابدين لتحية جمال عبد الناصر والاحتفال بذكرى 23 يوليو. وأكد أنه رأى جمال عبد الناصر كثيراً خلال خطاباته في قصر عابدين، وأن ثورة يوليو جعلت الحياة أكثراً يسراً على الفقراء، ولها إنجازات عظيمة كثيرة، مثل الحديد والصلب والسد العالي، ولكن نكسة 1967 أبطأت مصر وأرجعتها للخلف. وفى نفس السياق، قال الحاج رضا عبد العظيم مواليد 1949 منجد أمام قصر عابدين، إن المنطقة كانت تشهد احتفالات مهيبة كل يوم 22، 23 يوليو، وكان عبد الناصر يأتي إلى ساحة قصر عابدين؛ ليلقي خطابا على المواطنين، وكان المواطنون يأتون من جميع المحافظات ليشاهدوا الاستعراض العسكري أمام القصر، مشيراً إلى أن عبد الناصر كان يتخذ قرارات بهبوط الأسعار كل عيد ثورة. وأوضح "عبد العظيم" أن ثورة يوليو سهلت الحياة كثيراً على الفقراء، وكان الطالب ينهي دراسته، ثم يجد مكاناً له فى العمل بعدها بأيام قليلة، مضيفا: «أخوتى أنهوا دراستهم ووجدوا عملا بكل سهولة فى عصر عبد الناصر، حتى عندما دخلوا الجيش حفظت لهم الوظيفة»، متابعا أن السد العالي كان أحد المشروعات العملاقة التى استوعبت آلاف الشباب للعمل، وكان بمثابة عمل ضخم يفرح الشعب المصري كله، متسائلاً لماذا نترك سيناء عبارة عن صحراء ولا نبنيها ونعمرها؟. وأردف: المصريون منذ القدم يحبون جيشهم، وشباب "اليومين دول" الذين يهتفون يسقط حكم العسكر، هم شباب متحمس لكن مغيبين ولا يدركون أهمية الجيش بالنسبة لمصر، مضيفاً: لولا الجيش المصري لسقطت مصر وهناك العبرة فى العراق وسوريا وليبيا، لكن هؤلاء الشباب لا يدركون مثل هذه الأمور، حتى الإخوان الذين قالوا عن أنفسهم "مسلمين" خدعنا فيهم كثيراً، وانا انتخبت مرسي ولكننا وجدنا إخوان مجرمين لا مسلمين. أما عواد علي، 75 عاما، فيقول: اتذكر يوم 23 يوليو جيدا وكأنه أمس، حيث الزغاريد فى كل مكان تهز أرجاء حى عابدين، والدبابات تسير فى الشوارع زاحفة نحو القصر، والأهالى يستقبلونها بالهتاف والتحية والرايات البيضاء فى فرحة غامرة، مضيفا: الجميع كان يرى فى الثورة الأمل، وأن الجيش أنقذ البلاد من فساد الملك فاروق وتخليص البلاد من الاحتلال، مشيرا إلى أن البلد كانت فى حالة من السخط على هزيمة فلسطين، وحريق القاهرة واضطراب الأوضاع السياسية، وكان يمثل نزول الجيش فى الشوارع بمثابة المخلص لهم. ويسرد فؤاد جرجس، 79 عاما، أن المشهد الذى راه فى ثورة يوليو يذكره بما حدث فى 30 يونيو، عندما نزل الجيش لينقذ المصريين من الإخوان، وعندما التفت الجماهير حول الدبابات فى الشوارع وتحتضن الجنود والضباط، وأن الفرق الوحيد أن الكاميرات لم تكن متوفرة لدى المواطنين الفقراء مثلما توفرت لدى متظاهرى 30 يونيو. وأشار إلى أنه كان يذهب مع والده للاستماع لخطبة الضباط الأحرار عند قصر عابدين، ويرى آلاف تصفق حتى تتورم أيديها، موضحا أن الضباط الأحرار كانوا بمثابة أبطال خارقة فى أذهان الجميع ذلك الوقت، والكل يتحدث عن مدى شجاعتهم وبسالتهم فى الوقوف ضد الملك والانحياز للشعب الفقير المطحون.