الرئيس السيسي: وحدة وتماسك الشعب هما الضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن    تحالف شركات عالمي يعرض إنشاء مُجمع لإنتاج مكونات المحللات الكهربائية في مصر    الحوثيون في اليمن يعلنون إسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة صعدة    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    مسؤول أمريكي: قوات إسرائيلية توغلت في جنوب لبنان    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    تفحم سيارة ملاكي ونجاة قائدها بمنطقة الدقي    «سقطت من والدها».. مصرع طفلة بعد تناولها لقطعة حشيش فى المعادى    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    ما قبل السكري؟.. 7 أشياء بسيطة يجب معرفتها    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    «البحوث الإسلامية» يواصل فعاليات «أسبوع الدعوة» حول مخاطر الإدمان    «الإجراءات الجنائية» يفتتح انعقاد «النواب».. الإثنين بدء انتخابات اللجان    محافظ الإسماعيلية: لدينا 700 ألف طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي هم ثروتنا الحقيقية    كاتب صحفي: إيران تركز على أولويات أهم من حزب الله    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    تقرير إنجليزي: بديل رودري؟ مانشستر سيتي مهتم بضم باريلا في يناير    هازارد: محمد صلاح أفضل مني بفارق كبير    ترحيب بإنشاء اللجنة الوزارية للمشروعات الناشئة.. والخبراء: نقلة نوعية    محافظ مطروح يتابع جهود المبادرة الرئاسية "بداية جديدة" فى مدينة النجيلة    أمطار على الوجه البحري ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    شخص يتهم اللاعب المعتزل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه وإصابته بعد مشاجرة بينهم في التجمع الأول    وزير التموين: الدعم النقدي أكثر ضمانًا في الوصول للمستحقين    القاهرة الإخبارية: رشقة صاروخية من الجنوب اللبناني صوب أهداف إسرائيلية    ورش ومسابقات ثقافية بقصور الثقافة في شمال سيناء    ياسمين صبري تكشف سر ارتدائها عباءة سوداء في آخر جلسة تصوير    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    «قومي المرأة» تنظم ندوة «نحو الاستخدام الآمن للتواصل الاجتماعي»    الهلال الأحمر المصري يٌطلق قافلة تنموية بقرية كفر الحلواصي بالمنوفية    الخدش خارج السطح.. إليك كل ما تحتاج معرفته حول التهاب الجلد التحسسي    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    100 يوم صحة.. تقديم 95 مليون خدمة طبية مجانية خلال شهرين    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    فلسطين.. العنوان الأبرز فى جوائز هيكل للصحافة    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    سياسيون: الحوار الوطني يعزز وحدة الصف ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي مبروك: الحديث عن خطاب ديني متشدد وآخر معتدل خرافة وتزييف للحقيقة
نشر في البديل يوم 10 - 07 - 2014

نهضتنا معاقة واستعادة مشروع طه حسين «الآن» إفلاس فكري
التنويريون أهملوا مشروع «أبو زيد» مقابل احتفائهم بمشروع «فودة»
سيل عارم من الأبحاث والدراسات، ومعها الكثير من المشروعات النهضوية التنويرية هدفت إلى هدم وخلخلة الخطاب الديني المتشدد أحد أهم الأسباب الجوهرية في تخلفنا الحضاري، لكن النتيجة كانت "لا شيء يحدث ولا أحد يمر من هنا"؛ فلم يستطع خطاب النخبة المصرية "التنويري" صمودًا في وجه الآخر المتشدد أو بالأحرى هدمه، فصار "ازدراء الأديان" تهمة رائجة تلصق بمن يعمل عقله، وعلى أيدي من خولوا لأنفسهم التفتيش في ضمائر الناس عبر شعارات من قبيل "هل صليت على النبي اليوم".
يتضح أن الأزمة ليست في خطاب متطرف أضفى مساحات من الظلام على وجه مصر الإبداعي، بل تكمن الأزمة أيضاً في الخطاب المضاد التنويري والذي وصفه البعض بالمتعالي والمنعزل عن الواقع.
في ضوء ذلك كان حوارنا مع أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة- الدكتور علي مبروك، صاحب المشروع الفكري الممتد منذ كتابه "النبوة من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ" مروراً بدراسته التأسيسية عن "الإمامة والسياسة والخطاب التاريخي للعقائد وانتهاءا ب "ثورات العرب.. خطاب التأسيس"، ليوضح لنا أزمة الفكر وأسباب التراجع والانسداد التاريخي العربي بوجه عام؟
يقول «مبروك»: يبدو أن الطريقة التي أدار بها العرب نهضتنا مسؤولة إلى حد كبير عن هذا التأزم، فالعرب طوال الوقت كانوا يحاولون إنتاج الجانب "البراني" في النهضة، ذلك الجانب الذي يخلق نهضة معاقة، فقد قمنا بتركيب مكون من الحداثة والتراث، لكن هذه الصيغة لم تكن موفقة؛ بل هي المسؤولة عن الانشطار لأننا في الحقيقة نمتلك أدوات الحداثة ولا نملك جوهرها، كما نمتلك الأدوات الشكلية البرانية للديمقراطية ولا نملك جوهرها أيضًا، فعلى سبيل المثال نحن الآن لدينا كل الأجهزة الإلكترونية الحديثة وربما نجيد استخدامها لكننا لا نملك عقل ناقد ومنتج، بل نملك عقلا تابعًا، ومن ثم كانت تبعيتنا للغرب عقلية قبل أن تكون اقتصادية أو سياسية فالعقل العربي عقل إلحاقي واستتباعي وخاضع لأصل سلطوي، وهذا الأمر يعود أيضاً إلى ابتعادنا عن التفكير النقدي وتحدي الثابت والمستقر، ولذلك أرى أنه من الضروري الإلحاح على خطاب آخر يقوم على الجمع بين الفكرة الجوانية والبرانية للحداثة ولن يحدث ذلك إلا عبر عقل نقدي حديث.
حين نتحدث معه عن الخطاب الديني المتشدد يفاجئنا بقوله: لا يوجد ما يسمى بخطاب ديني متشدد وآخر معتدل فهذه خرافة وتزييف للحقيقة، فالثوابت الأساسية التي يقوم عليها الخطابين واحدة، والفرق بين الوجهين يكمن في أن أحدهما يصل إلى النهايات القصوى والآخر لا يصل إلى تلك النهايات، لكن بذور التشدد والتطرف موجودة في الخطابين، وهذا الأمر تحدث فيه المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد كثيراً، فكان يرى أن هناك وسيلتين للتعامل مع الخطاب: تعامل أيديولوجي وآخر معرفي، التعامل الأيديولوجي يبرز لنا المعتدل والمتشدد، أما الآخر المعرفي يؤكد لنا أن الثوابت التأسيسية والبنيوية التي قام عليها الخطابين واحدة. علينا حسم هذه الخرافة والالتفات إلى ما يردده البعض بأن هناك جناحين داخل جماعة الإخوان أحدهما معتدل يمثله حسن البنا والآخر متشدد يمثله سيد قطب، وهذا ما يذكره الدكتور الهلباوي في الكثير من أحاديثه وإذا لم يتم التعامل مع هذا الأمر بجدية ستظل الجماعة شوكه في ظهر مصر.
يرى «مبروك» أن السبب الرئيسي في فشل المشروعات الإصلاحية والتنويرية التي بدأت منذ نهاية القرن 19، يرجع إلى اشتغال هذه المشروعات على مضمون الخطاب دون التطرق للنظام الذي يحكم ذلك الخطاب من الداخل، ومن ثم القدرة على تحليله وتفكيكه، ويوضح قائلًا: كلمة "الخطاب" تستخدم بإفراط شديد في تلك الفترة حتى تحول الحديث عنها إلى جزء من نظام الموضة اللغوية وتصويره على أنه أشبه بالخطابة، لكن المعنى الحقيقي للخطاب هو: النظام الذي يركد وراء الأقول، فعلينا أن نميز بين مضمون القول والنظام الذي يجعل هذا القول مفهوماً ومعقولاً، والملاحظ أن أغلب المشروعات التي قدمت نقداً في الخطاب الديني تطرقت إلى مضمون القول فقط أي استبدال المضمون بمضمون آخر دون السعي إلى اكتشاف الأنظمة العميقة الحاكمة للخطاب الديني، سأذكر مثالاً كي أوضح الفرق بين المضمون والنظام: كان المستشرقون يرون أن القضاء والقدر يمنع الإنسان من الفعل، فرد عليهم جمال الدين الأفغاني قائلاً: القضاء والقدر يعني أن الإنسان يقوم بالفعل على طريقة الكسب الأشعري" أعتقد أن هذا رد شكلي وسطحي لما كان يقصده المستشرقون.
لكن "مبروك" يستثني من تلك المشروعات التي يراها -اقتصرت في نقد الخطاب الديني على المضمون فقط- مشروع المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد، مقارنًا بينه وبين مشروع شهيد الفكر فرج فودة، فيقول: مشروع نصر حامد أبو زيد كان كاشفاً وأكثر انضباطاً وقيمة من الناحية المعرفية، لأنه كان مشغول بمحاولة اكتشاف الثوابت التي تؤسس للخطاب الديني، لكن «فودة» كان مهمومًا بمضامين الخطاب لا بالتأسيس المعرفي، لذا بدا مشروعه وكأنه جزء من معركة سياسية مع تيار سياسي آخر، به نزعة استقطابية حادة، والملاحظ أن المثقفين التنويريين أهملوا الأنظمة المعرفية لحساب المضامين، أي أنهم أهملوا مشروع «أبو زيد» في مقابل احتفائهم بمشروع «فودة».
وعن اتهام البعض للخطاب الليبرالي بالتعالي والتعجرف يقول: الخطاب الليبرالي لجأ إلى النبرة المتعالية المتعجرفة عندما فشل في التأثير في الواقع، وأعتقد أن فشله يرجع إلى عجزه عن قراءة ذلك الواقع الذي يموج بالتحولات والتغيرات.
في الفترة الأخيرة طرحت فكرة استعادة المشروع التنويري لعميد الأدب العربي طه حسين، لكن "مبروك" يدحض ذلك بقوله: هذا خطاب مفلس ففكرة الاستعادة تدل على إفلاس صاحبها، فكيف نستعيد مشروع فكري مر عليه أكثر من 75 عاماً، بالطبع كان مشروع طه حسين التنويري مشروعاً عظيماً لكنه غير مناسب لظروفنا الآن، فكل عصر وله المشروع الخاص به، نحن بحاجه ماسه إلى مشروع هاضم لكل المشروعات السابقة ولكن مختلف عنها في بنيتها و مضمونها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.