استيقظ المصريون كعادتهم في نهار رمضان، و بدأوا في العمل اليومي "الروتيني" المعهود، لكنه لم يكن يوما عاديا، إنه يوم زيادة أسعار الوقود بأنواعه المختلفة، ذلك الكابوس الذي روجت له حكومة المهندس إبراهيم محلب منذ فترة وخافه ما خافه من المصريين الذين يقضون يومهم "بالعافية". و قد أثارت تصريحات الحكومة التي قالت أنه "لا زيادة في رمضان" ردود فعل واسعة أبدى فيها المعظم فرحته لأن "التخمة" في المصروفات لن تزيد (على الرغم من الاعتراض على زيادتها في الأصل) خصوصا في الشهر الكريم الذي يبتلع ميزانية الأسر في أول عشرة أيام منه، و فرح المصريون، لكنها –على ما يبدو- كانت فرحة زائفة، فقد أفسدت الحكومة على هؤلاء الفرحون فرحتهم، و فاجئتهم في منتصف الليل بزيادة، أقل ما توصف به، أنها أكثر من كبيرة على كل منتجات ومشتقات البترول، وراحت سعادة المصريين هباءا، ذهبت أدراج الرياح، و حل محلها الاكتئاب والضحك المليء بالحزن، على طريقة "هم يضحك وهم يبكي"، يبدو أن الجهاز التنفيذي الممثل في حكومة "تسيير الأعمال" لم يستطع سد عجز ميزانيته إلا بزيادة عجز المواطن البسيط، الذي تكون سعادته بالغة عندما يمر يوم واحد عليه بدون "غداء وعشاء" مكتفيا بوجبة الإفطار، حتى وجبة الإفطار هذه سيزيد ثمنها، خصوصا لما نعرفه ونعهده من عدم وجود مراقبة جدية على المنتجات والأسعار، وما أثق كل الثقة أنه سيحدث في القريب العاجل، فالزيادة لن تشمل الوقود فقط، بل ستصل إلى رغيف الخبز الذي يحصل عليه المواطن "بعد طلوع الروح" … في حين أن آليات سد عجز موازنة الدولة كثيرة و متعددة، و أثق كل الثقة أنه لو أرادت الدولة المصرية بمؤسساتها وحكومتها لاتخذت من الإجراءات والآليات ما يحقق مبتغاها في سد العجز…إنها مصر يا سادة، حباها الله موارد و موارد لا تنضب ولا تنتهي، أيعقل أن يكون هذا هو حالها الآن؟ نسد العجز بعجز أكبر منه؟.. والسؤال يبقى، هل تتراجع الحكومة عن هذه القرارات أم ستقف أجهزة الدولة حازمة مراقبة للسوق تحسبا للزيادات "المتوقعة" على بقية السلع "الاستراتيجية" التي لا يستغني عنها المواطن "البسيط"؟ أم أن أحداث السبعينات عقب رفع الأسعار آنذاك، ستكون هي الحل لتعود الحكومة إلى رشدها؟ الله وحده يعلم ذلك، و لكن كفى … فمصر عانت ما فيه الكفاية، ونار مأساة هذا الشعب لم تنطفء بعد.