باركت دخول الناتو لليبيا.. وتجاهلت الغارات الصهيونية على فلسطين.. واكتفت بمشاهدة إرهاب «داعش» جامعة الدول العربية، الكيان المنوط بها دعوة المسئولين والقادة على مستوى كل الدول العربية لمناقشة كيفية التصدي للمشكلات التى تتعرض لها تلك الدول، على أرض الواقع، لم تقدم الجامعة الكثير للمساهمة فى حل تلك المشكلات، لكن كان الشعور العام لدى المواطن العربي أن قادة العرب مشغولون ولو شكليا بالقضايا الكبرى التى تؤثر على المنطقة. وفى الفترة ما بعد 2011 وما يسمى بثورات "الربيع العربي" وحتى الآن، كان أداء جامعة الدول العربية ضعيفا، ولا تذكر إلا فى الموافقة على دخول قوات عسكرية أجنبية "الناتو" إلى الأراضي الليبية، وقضية سوريا التى اجتمع فيها العرب إرضاء للبيت الأبيض لتجميد عضوية سوريا بالجامعة، وهي السابقة التي لا يمكن تبريرها، لأن النظام السوري القائم مازال قائما، بل وجدد شرعيته من خلال اصوات المواطنين السوريين التي حصل عليها فى انتخابات رئاسية مبكرة أجراها النظام في يونيو الجاري كحل وسط للأزمة وهو ما أوضح تمسك الشعب السوري برئيسه بشار الأسد. لكن تساؤلا أكبر يظل عالقا: لماذا لا تجتمع جامعة الدول العربية بشكل عاجل لمناقشة الغارات الإسرائيلية المستمرة منذ عدة أيام على الخليل فى فلسطين، أو لمناقشة الوضع فى لبنان وتفجير السيارات ومحاولة اغتيال رئيس البرلمان نبيه بري، أو المواجهات الدامية بين القوات العسكرية بقيادة اللواء متقاعد خليفة حفتر والمؤتمر العام الليبي الذي تسيطر عليه جماعة الإخوان المسلمين، ومواجهات الجيش اليمني لعناصر تنظيم القاعدة، واستمرار الإرهاب في سوريا، وخطر تقسيم العراق، وتهديدات داعش باستهداف الجيش المصري والرئيس السيسي بشخصه، كما النشاط الإرهابي الملحوظ على الحدود الأردنية والتهديدات التي يرسلها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام للملكة الأردنية مباشرة، إذا لم تعقد جامعة الدول العربية اجتماعها الآن فمتى تعقده ؟! ومن جانبها تطرح «البديل» تساؤلا أكبر: متى يتم إعلان وفاة جامعة الدول العربية ودفنها بشكل رسمي؟ يقول رائد سلامة، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي، إن ما يحدث الآن هو كابوس يفوق الخيال، ويتجاوز حدود الوصف، فالنظام العربي "كفكرة" بدأ في الانهيار شيئا فشيئا، عندما زينت الشيطانة "إبريل جلاسبي" سفيرة جهنم لرئيس العراق "صدام حسين" غزو الكويت في أغسطس 1990. وأضاف "سلامة" إن الأنظمة العربية أصيبت رسميا منذ هذا التاريخ بجرح عميق ظل ينزف طيلة 24 سنة حتى وصلنا إلى الحالة المزرية التي نحن فيها، والصمت المطبق من الأنظمة العربية على مذابح تجري بحق العرب من أهلنا بالعراق بعد تدمير جيشه وبنيته التحتية. ويواصل سلامة: أصبح الدم الفلسطيني مستباحا منذ معاهدة السلام مع إسرائيل، التي عقدها الرئيس السادات في نهاية السبعينات، ثم خروج الفصائل الفلسطينية من بيروت إلي تونس، واضطرت أنظمة "الممانعة والمقاومة" للرضوخ والبدء في مفاوضات مخزية مع الكيان الصهيوني ثم تعدى الأمر ببعض الأنظمة العربية مرحلة الصمت إلى مرحلة التآمر المكشوف، وتمويل جماعات الخراب لتدمير الجيش العربي السوري، وتدمير سوريا وبنيتها التحتية، و ذبح شعبها بدم بارد. وأكد "سلامة" أن دور بعض الأنظمة الخليجية شديدة الرجعية التي تدعي العروبة بينما هي تحتفظ بالولاء بالدرجة الأولي لأمريكا والدولة الصهيونية، هو دور إجرامي لن ينساه التاريخ لها، فهي تعمل على تحويل الصراع في المنطقة من صراع عربي-إسرائيلي إلي صراع سني-شيعي، وهي بهذا تنفذ أجندة إسرائيلية أمريكية تتيح لهاتين الدولتين نهب ثروات العرب، كما أنها بهذا السلوك تسببت في "تحلل" فكرة القومية العربية على المستوي الرسمي، وبالتالي إضعاف وتهميش دور جامعة الدول العربية التي أصبحت بلا فعالية بالمرة ولم يتبق لأمينها العام سوى إعلان وفاتها كمؤسسة رسمية. وحذر "سلامة" الأنظمة العربية من عدم مراجعة درس التاريخ، وتجاهل مطالب الشعوب، مؤكدا على ضرورة إعادة بناء جامعة الدول العربية كمؤسسة على قواعد وطنية تستند إلى مصالح مشتركة وروابط تاريخية، وإلا فلنقل على كل العرب "يا رحمن يا رحيم". وهذا لن يتحقق سوى بأن تنتزع الشعوب حريتها وتتخلص من تلك الأنظمة الرجعية لتمارس عروبتها بشكل صحيح، فالعرب "كشعوب" يدركون حجم المخاطر ولا يريدون سوى العيش الكريم في حرية، وتربطهم ببعضهم البعض أقوى الروابط، لكن الإطار الرسمي المسمي بجامعة الدول العربية تعدى صمته الحدود. من جانبه قال حسام الأطير، القيادي فى جبهة الشباب الناصري: شخصيا أرى أنه لم يعد يتبقى من جامعة الدول العربية سوى المبنى الموجود فى وسط القاهرة، ولا أعول عليها منذ سنوات طويلة، بعد أن فقدت دورها العربى المنوط بها. بل الأكثر من ذلك، إن الجامعة تورطت فى شحن وتأجيج الصراعات العربية وشاركت فى تسهيل وتمرير المؤامرات الغربية على الوطن العربى. وأَضاف "الأطير": عندما طالبت الجامعة بقيادة أمينها العام السابق عمرو موسى بضرب دولة عربية شقيقة وهى "ليبيا" بناء على ضغط قطرى، فيجب أن يعرف الجميع أن قطر هى التى كانت تتحكم فى الجامعة الفترة السابقة، وأيضا السعودية، وكلاهما تورط فى تأجيج الصراعات فى الوطن العربى وخصوصا فى العراقوسوريا وليبيا واليمن، مؤكدا أنه لن يكون هناك شيء اسمه جامعة عربية إلا بتحرير الدول العربية من التبعية الأمريكيةوالغربية.