«كرامة بلا حدود»: لم تعد المرأة تعاني من تحرش.. بل إرهاب جنسى وتحتاج إلى مراكز تأهيل «ضد التحرش»: يجب أن تفتح اللجنة تحقيقًا فى جرائم العنف الجنسي التى وقعت منذ الثورة.. وأن تكون هناك تعريفات واضحة للجرائم الجنسية «الاغتصاب» «بصمة»: اتخاذ إجراءت صارمة ضد وسائل الإعلام التى تنتهك خصوصيه الناجيات «قضايا المرأة المصرية»: توفير الدعم الطبي للناجيات من العنف وسرعة فحصهن لإثبات الاعتداءات فى الأزمات الكبيرة التى كانت تمر بها مصر كانت ردود الفعل من الدولة هي تكليف رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة لفحص الأزمة والخروج بحزمة إجراءات وقرارات سريعة، ولكن ما تلبث هذه اللجان أن تذهب بلا عودة مع قراراتها وجلساتها، خاصة عندما تتوه فى دوامة انبثاق عشرات اللجان الفرعية. ولكن تجددت الأزمة مع حادث الاعتداء الجنسى الأخير الذى تعرضت له إحدى السيدات المشاركات فى احتفالية تنصيب السيسى بميدان التحرير، والذى كانت له ردود أفعال قوية من إدانة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وزيارة الرئيس وحرمه للضحية، وخطابات مستمرة من الرئاسة بملاحقة الجناة وتوقيع أقصى العقوبة عليهم، كان من بين هذه الإجرءات تكليف السيسى رئيس الحكومة محلب بتشكيل لجنة لدراسة ظاهرة التحرش الجنسى بمشاركة كافة المؤسسات والهيئات. "البديل" رصدت ردود الفعل حول تشكيل هذه اللجنة وكيفية تحويلها إلى لجنة واقعية وليست حبرًا على ورق. تقول الدكتورة عزة كامل مؤسس مبادرة "شفت تحرش": "إننا لا نريد تشكيل لجنة مثل اللجان التى تنبثق عن الحكومة دون أى فاعلية على أرض الواقع، بل نحتاج إلى لجنة تدعمها إرادة سياسية تريد مناهضة كافة أشكال العنف والاعتداء الجنسى الذى يقع على النساء فى المجال العام والخاص أيضًا، ونعترف أننا أصبحنا مجتمعًا متحرشًا لا نخفى رءوسنا فى الرمال، ونلوم تصوير فيديو الضحية، قبل أن ندين المتحرش والظاهرة من الأساس". وأضافت أن رئاسة الوزراء لم تدعُ "شفت تحرش" وغيرها من منظمات المجتمع المدنى لحضور الاجتماع التدشينى للجنة، مشيرة إلى أنه على كل الأحوال يجب أن تتبنى اللجنة إقرار استراتيجية واضحة مع المجتمع المدنى؛ للتصدى للتحرش الجنسى وكافة أشكال العنف ضد المرأة؛ لتشمل تعديلات قانونية وإدارية وإصدار لوائح ومواثيق تنظم تناول قضايا العنف الجنسى فى الإعلام والصحافة. وأشارت إلى ضرورة سرعة استصدار تشريع قانونى يتضمن حماية الشهود والمبلغين، والمزمع صدوره، يحمى خصوصية معلومات وبيانات المبلغين والمبلغات، وكذلك الشهود فى الجرائم الجنسية، على أن يكون أى تسريب لتلك المعلومات مسئولية جهات الضبط والتحقيق، مؤكدة أن هذا التشريع سوف يحمى الفتيات من أى تهديد يتعرضن له بعد الإبلاغ عن المتحرش من جانب أهله. وأكدت كامل أهمية إعادة هيكلة وزارة الداخلية بالشكل الذى يمكِّن أرادها من إنقاذ الناجيات والتعامل معهن بشكل مهنى، إضافة إلى ضروة تعديل إجراءات الطب الشرعى، بما يتضمن تواجد إخصائى أو إخصائية نفسية مع الناجيات من العنف؛ لمراعاة الحالة النفسية لهن. فيما استنكر أيمن ناجى مؤسس حركة "ضد التحرش" غياب تمثيل المجتمع المدنى فى اللجنة المشكلة فى الأصل لمكافحة ظاهرة التحرش التى عملت عليها هذه المبادرات والحركات منذ سنين، ولديها خبرة كبيرة تساهم فى وضع آليات أكثر فاعلية وواقعية. وأشار ناجى إلى أن اللجنة عليها اتخاذ استراتيجيات محددة لمواجهة الظاهرة، أهمها فتح تحقيق موسع حول جرائم العنف الجنسى والاغتصاب الجماعي التى حدثت بميدان التحرير، وتم توثيقها منذ يونيو 2012 حتى الآن، ووضع تعريفات واضحة ومحددة للجرائم الجنسية فى القوانين المصرية؛ لتشمل الاعتراف بالاغتصاب الشرجى والفموى باستخدام الأصابع أو الأدوات، معربًا عن أن وسائل الإعلام ما زالت تعرف الواقعة الأخيرة بميدان التحرير على أنها تحرش، رغم أنها اغتصاب بآلات حادة، وهذا ما لا تكفله التعديلات الجديدة فى قانون التحرش الجنسى. وأكد ناجى أهمية إقرار اللجنة استراتيجية واضحة بعيدة المدى على مستوى التعليم والإعلام والخطاب الدينى والثقافى تحترم حقوق المرأة، وتنبذ كافة أشكال العنف ضدها. وقالت ريم وائل نائب مدير الشراكات ب "خريطة التحرش الجنسى" إن الاعتداء الجنسى الأخير فى ميدان التحرير لم يكن الأول من نوعه، فالمنظمات النسوية وثقت حوالى 250 حالة بين نوفمبر 2012 ويناير 2014 من جرائم اغتصاب جماعى واعتداءات جنسية جماعية، مؤكدة أن المجتمع كان دائمًا فى حال من الإنكار للظاهرة، بل التى تطورت لعنف جنسى يواجه النساء فى الشوارع، مشيرة إلى أن الفيديو كان صادمًا؛ لأن المجتمع تعوَّدَ على عدم تصديق الإحصاءات والدراسات التى تصدرها المنظمات الحقوقية والنسوية، وكانت هناك حالة من القبول المجتمعى للظاهرة تندرج تحت شعارات أن ملابسها غير محتشمة، وأنها دائمًا ملامة على النزول أصلاً من المنزل. وأكدت وائل أهمية أن تلعب اللجنة على رفض القبول المجتمعى وتغيير منظومة الثقافة المجتمعية التى تبرر العنف ضد النساء، وأن تتعاون هذه اللجنة الرسمية مع المنظمات الفاعلة فى هذا المجال، مشيرة إلى أن خريطة التحرش الجنسى خلال عملها على مدار ال 3 سنوات الماضية فى خلق مناطق آمنة من التحرش الجنسى فى 19 محافظة عبر المتطوعين الذين يسجلون حوارًا مجتمعيًّا مع المواطنين فى الشوارع؛ لإقناعهم ودحض جميع مبرارتهم لممارسة التحرش الجنسى بالمرأة. بينما طالبت سهير على مدير برامج المرأة فى مؤسسة قضايا المرأة المصرية اللجنة بعدة مهام، بأن تبدأ بتعديل قانون التحرش الجنسى الأخير الذى أصدره المستشار عدلى منصور، ورغم أنه خطوة سابقة، إلا أنه يحتوى على بعض الثغرات التى تهدر حقوق الناجيات من هذا العنف، فلم يعترف بالتحرش الجنسى الجماعى الذى يصل فى إحدى درجاته للاغتصاب كما حدث فى واقعة ميدان التحرير أثناء احتفالات التنصيب، إضافة إلى أهمية إعادة تسمية بعض الجرائم غير المنضبطة والتى تسببت فى إيذاء مشاعر الناجيات، مثل جريمة "هتك العرض" واستبدالها بجريمة "اعتداء جنسى". وأكدت أهمية أن تلعب وزارة الداخلية دورًا فى تأمين التجمعات والتظاهرات، بالإضافة لانتشار الدوريات الأمنية بالشوارع والميادين العامة؛ لإلقاء القبض على المتحرشين بسرعة، ومساعدة الفتيات الناجيات من العنف بأفراد أمن مؤهلين نفسيًّا للتعامل مع هذه الحالات، مؤكدة أهمية إقرار بروتوكول خاص للتعامل مع الناجيات داخل وزارة الصحة يضمن علاجهم وتوفير كافة الإجراءات الطبية اللازمة، مع ضمان الحفاظ على سرية المعلومات، مطالبة بسرعة الفحص على الضحية؛ حتى لا تضيع من عليها آثار الاغتصاب أو التحرش؛ لضمان حقوقها، وليس كما حدث مع ضحية التحرير من رفض استقبال المستشفيات لها. وشددت زينب ثابت مؤسس مبادرة "كرامة بلا حدود لمكافحة التحرش الجنسى" على أن المرأة المصرية لم تعد تواجه تحرشًا جنسيًّا، بل إرهابًا وعنفًا جنسيًّا، مشيرة إلى أن أول طريق للمكافحة تضعه اللجنة المشكلة من مجلس الوزراء أن يكون هناك إقرار واعتراف من الدولة وجميع مؤسساتها بأن هناك أزمة وعنفًا وإرهابًا ضد المرأة، وأن حادثة التحرير لم تكن فردية، بالإضافة إلى أهمية تفعيل القوانين بشكل رادع، وأن تكون هناك آليات واقعية لتنفيذها فيما يتعلق بمسألة قدرة الفتاة على إحضار شهود معها بعد تعرضها لاغتصاب جماعى من دائرة جهنمية تجاوزت 30 شخصًا!!! مؤكدًا أن هذا مطلب فى القانون غير منطقى ويحتاج إلى تعديل. وطالبت اللجنة بتخصيص مراكز لتأهيل الناجيات من العنف الجنسى؛ لأنهن بعد نجاتهم يتحولن إلى أرواح ميتة من شدة "قسوة التجربة"، بالإضافة إلى تجهيز غرف التحقيق وجلسات المحاكمات فى قضايا العنف الجنسى بالشكل الذى يسمح بحماية مشاعر وخصوصية الناجيات والناجيين فى سير القضايا الجنسية، لافتة إلى أن مجرد انعقاد الجلسات بشكل سرى لا يكفل الأمان والطمأنينة الكافية التى تشجع الناجيات على المضى قدمًا فى إجراءات التقاضى. ويرى مهند السنجرى المسئول الإعلامي لحركة "بصمة" أن تطبيق القانون وحده ليس كافيًا، بل يحتاج إلى تبنى الدولة خطة للتنمية المجتمعية الشاملة على مستوى تعاونها مع المنظمات والمبادرات وتفعيل القوانين، ونشر التوعية عبر المدارس والجامعات والشوارع والفعاليات المختلفة؛ من أجل غرس وعى مجتمعي يرفض ظاهرة التحرش الجنسي، بل ويتصدى لها. وأضاف السنجرى أن وسائل الإعلام تقع عليها مسئولية كبيرة فى التصدى لقضايا العنف ضد النساء، ولكن بمعالجة احترافية ليست بها إهانة وتوبيخ كما حدث من المذيعة مها بهنسى وسخريتها من الواقعة، مطالبًا باتخاذ قرارات حاسمة ضد القنوات التى تخترق خصوصية الناجيات وتتناول أسماءهن وصورهن.