مابين صباح 13 يونيو 1906 و فجر19 نوفمبر 2011 وقعت مواجهات عديدة بين السلطة و الشعب إبان الاحتلال البريطاني لمصر و في ظل حكومات متعاقبة قبل ثورة1952 و بعدها حتي قيام ثورة 25 يناير 2011من أشهرها حادثة دنشواي التاريخية الشهيرة التي هاجمت فيها القوات الإنجليزية القرية و اعتقلت الشرطة 59 فلاحا من القرية بعد و فاة الجندي الإنجليزي الذي كان يهرب بعد إصابته لزوجة مأذون القرية بطلق ناري وهو يصطاد الحمام و احتراق جرن القمح بالقرية ثم مظاهرات ثورة 1919 و كل المظاهرات التي قام بها المصريون في شوارع و ميادين القاهرة و المدن الكبري وبخاصة الطلبة و العمال ضد الإستعمار هاتفين الجلاء بالدماء وضد نظام الحكم و الملك ثم المظاهرات التي قامت بعد ثورة 1954 عام1952 لمطالبة الجيش بالعودة لثكناته و إقامة حياة ديموقراطية ثم مظاهرات الطلبة بعد هزيمة 1967 للمطالبة بمحاكمة المسؤولين ومظاهرات إنتفاضة 17 و 18 يناير 1977إبان رئاسة السادات1977 ضد قرارات رفع الأسعار ثم كل المظاهرات و الوقفات الإحتجاجية و الإعتصامات في السنوات الأخيرة من سنوات رئاسة مبارك حتي 25 يناير 2011 . في كل هذه المواجهات الشعبية مع الإستعمار الإنجليزي و النظام الملكي و الأنظمة في عهود عبد الناصر و السادات و مبارك تم التعامل مع المواطنين بعنف و تعرضوا للإعتقال و الضرب والتعذيب و الإهانة و تلفيق التهم و الأحكام الظالمة مثل الحكم علي أهالي دنشواي بالإعدام و الجلد و السجن و مثل اعتقال ثوار انتفاضة 17 و 18 يناير 1977 إلا أن جميع هذه العهود في تاريخ مصر منذ بدايات القرن العشرين لم تشهد أبدا ما شهدته مصر بعد يوم 25 يناير من معاملة وحشية سادية مجنونة للثوار لم يشهد لها العالم مثيلا إلا علي أيادي النازية أيام هتلر و الفاشية أيام موسيليني و أيادي العدو الصهيوني في معاملته للفلسطينيين تحت الإحتلال و للأسري المصريين في حرب 1967 في سيناء .ففي حادثة دنشواي قام الإنجليز بتقديم الفلاحين للمحاكمة التي مهما كانت ظالمة إلا أنهم لم يرتكبوا ضدهم جرائم ضد الإنسانية كالتي ارتكبت ضد الثوار في ميدان التحرير .ولم يحدث أن قام جنود الجيش الإنجليزي أو قوات الشرطة أو الجيش في عهود الملك فاروق و عبد الناصر و السادات ومبارك قبل 25 يناير بتعمد إحداث عاهات مستديمة بالمتظاهرين مثل التنشين علي عيونهم لإصابتهم بالعمي وبتر أعضائهم ومطاردتهم بالعربات المدرعة و دهسهم بها بالعشرات مثلما فعل جنود الجيش الإسرائيلي مع الجنود المصريين في سيناء في يونيو 1967 حيث شاهدتهم يفعلون ذلك علي شاشات التليفزيون الأمريكي عندما كنت أدرس هناك حينئذ و التمثيل بجثث الثوار بعد قتلهم و سحلهم علي الطريق و إلقائها مع القمامة كما شاهدنا علي القنوات التليفزيونية المحلية و العالمية وكذلك إلقاء قنابل الغاز علي مقر المستشفي الميداني بالتحرير و حرق الدراجات النارية التي تنقل الجرحي للمستشفيات و مصادرة الأدوية و المستلزمات الطبيية الداخلة لعلاج المصابين و القبض علي المتظاهرين و تعذيبهم وهتك عرض الفتيات المتظاهرات بأسلوب لم يتبع في أي مكان في العالم سوي في مصر بعد ثورة 25 يناير و هو كشف العذرية الذي قام به جنود الشرطة العسكرية و لم يقدموا للمحاكمة حتي الآن. إن الجرائم التي ارتكبت ضدالثوار بعد ثورة 25 يناير سواء قبل خلع مبارك أو بعد تولي المجلس العسكري مهمة إدارة شئون البلاد هي جرائم ضد الإنسانية وفقا للقوانين الدولية و المصرية والتي لا تسقط بالتقادم ولا مثيل لها في التاريخ المصري.وكل من يشاهد تسجيلاتها لا يمكن أن يتخيل أن مرتكبيها من المصريين أو أنها ترتكب ضد متظاهرين من قبل قوات أمن وطنية ولكنها تبدو كجرائم ترتكبها قوات عسكرية في حالة حرب وتستهدف المدنيين للتأثير علي الروح المعنوية لقوات العدو. إن الجرائم التي ترتكب الآن ضد الثوار تسقط هيبة الدولة و تساهم في تحقيق أول أهداف الثورة وهو إسقاط النظام ذلك أنها تسقط القانون تماما . فقد كفل القانون والدستور والإعلانات الدستورية التي أعلنها المجلس الأعلي للقوات المسلحة جرية التظاهر و الإعتصام وهاهي السلطات تفض الإعتصامات و المظاهرات السلمية تماما باستخدام أبشع الأساليب كما أن القانون يكفل لكل مواطن مهما كان حتي ولو كان مجرما الحق في محاكمة عادلة و لا يعطي الحق لكائن من كان أن يقتله أو يصيبه بعاهات مستديمة كما تفعل القوات الآن وتنص القوانين جميعا والشرائع السماوية علي معاقبة كل من يزهق نفسا بغير حق بأقصي العقوبات و مع ذلك لا توجه للقتلة الذين تظهرهم التسجيلات بالصوت و الصورة أي اتهامات ولا أجد تفسيرا لارتكاب السلطات لهذه الجرائم البشعة وبكل هذا الإصرار وعلي مرأي و مسمع من العالم أجمع حيث لم يعد من الممكن في عصر الثورة المعلوماتية و أساليب الإتصال الجمعي إخفاء أي شيء عن عيون الشعب و العالم إلا الحقد الأسود علي الثورة و الثوار لأن هذه الثورة ستضع حدا للفساد و للنهب المؤسسي لثروات البلاد و لسيطرة القلة المحدودة علي السلطة واستحواذها علي الثروة القومية و حرمان الشعب من ثمار جهده وكذلك الرعب و الخوف من أن يلقي باقي رجال النظام مصير المخلوع و بعض أفراد عصابته . إن كل الجرائم اللاإنسانية التي ارتكبت و مازالت ترتكب ضد الثوار و الثورة من شأنها أن تزيد الثوار إصرارا علي استمرارية الثورة حتي تحقق كل أهدافها و سوف يجيء اليوم الذي تنتصر فيه الثورة و تسود فيه دولة القانون ويلقي كل من ارتكب جريمة ضد الإنسانية جزاءه العادل فالثوار يترفعون عن الرد علي الجرائم بجرائم مماثلة. فهم لم يقتلوا مبارك و عصابته مثلما قتل الألوف منهم و مثلما فعل الثوار في بلدان أخري بل طالبوا بمحاكمته محاكمة عادلة .