كل ما تريد معرفته عن الانتخابات الفرنسية 2024 قبل ساعات من انطلاقها    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 بعد آخر ارتفاع الأحد 30 يونيو 2024    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 30 يونيو    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه اليوم في البنوك    مقرر استثمار الحوار الوطني: أوربا في أزمة طاقة.. ومصر الوجهة الأهم لتوفير الطاقة المتجددة    نتائج أولية.. الغزواني في المقدمة بانتخابات الرئاسة الموريتانية    رهينة إسرائيلية مطلق سراحها: هل يمكننا أن نتعلم الحب وليس الكره    منتخب كندا يرافق الأرجنتين إلى ربع نهائي كوبا أمريكا بعد تعادله دون أهداف مع الشيلي    شاهد محمد أبو تريكة يصنع الحدث في مواقع التواصل بعد احداث مباراة المانيا والدنمارك ... خالد منتصر يسخر من تصريحات محمد أبو تريكة    ياسر أيوب: اتحاد الكرة يعاني من تهديد الأهلي والزمالك في قرارات الانسحاب    جهاد جريشة: أطالب رابطة الأندية بالاعتذار للاتحاد السكندري    هشام يكن: الزمالك أخطأ لخوضه مباراة سيراميكا كليوباترا    الأرصاد الجوية: انخفاض طفيف في درجات الحرارة.. والقاهرة تُسجل 35 درجة    إعادة ضخ المياه إلى منطقة الدقى وإستئناف تسيير حركة السيارات (تفاصيل)    مدحت صالح يطرب جمهور الأوبرا بأروع أغانيه على المسرح الكبير    نجوم العالم العربي يطلوّن في البرنامج الجديد «بيت السعد»    "لو تجاري".. اعرف موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2024    الأرجنتين تصعق بيرو بثنائية لاوتارو وكندا تبلغ ربع نهائي كوبا أمريكا لأول مرة    "أبو الغيط": مبارك رفض التصدي للاتصالات الأمريكية مع الإخوان لهذا السبب    التطبيق من الغد، شعبة المخابز تكشف عن التكلفة الجديدة لإنتاج الخبز    تفاصيل جديدة عن زواج نجوى كرم    هل يجوز التهنئة برأس السنة الهجرية.. الإفتاء توضح    الصحة: مرضى الاكتئاب أكثر عرضة للإصابة بالسرطان    أسعار ومواصفات بيجو 2008 موديل 2024    وزير خارجية اليمن: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القاهرة وصنعاء    عاجل.. لطلاب الثانوية العامة.. الأسئلة المتوقعة في امتحان الإنجليزي    7 معلومات عن الأميرة للا لطيفة.. حزن في المغرب بعد رحيل «أم الأمراء»    إعلام فلسطيني: الاحتلال يقتحم منطقة «كروم عاشور» بمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة    عصام عبد الفتاح يكشف فضيحة تلاعب كلاتنبرج بالخطوط لصالح الأهلي    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    بحضور جماهيري ضخم.. عمرو دياب يشعل حفله في الساحل الشمالي    محمد رمضان يقدم حفل ختام ناجحا لمهرجان موازين وسط حضور جماهيرى ضخم    ملف يلا كورة.. مصير الشناوي.. انتصار الزمالك.. ونهاية مشوار موديست مع الأهلي    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    من هو أول من وضع التقويم الهجري؟ ولماذا ظهر بعد وفاة الرسول؟    «السيستم عطلان».. رابطة مصنعي السيارات تكشف أسباب تكدس العربيات في الموانئ    عاجل.. فيروس "حمى النيل" يهدد جنود الاحتلال الإسرائيلي.. وحالة من الرعب    اعرف وزن وطول طفلك المثالي حسب السن أو العمر    حكم الشرع في الصلاة داخل المساجد التي بها أضرحة.. الإفتاء تجيب    عمرو أديب: مستقبل وطن يمتلك كوادر تنظيمية تستطيع تخفيف الأزمة الاقتصادية| فيديو    ضبط مسجل خطر بحوزته مواد مخدرة وسلاح ناري في الأقصر    متحدث التعليم: شكلنا لجنة للوقوف على شكوى امتحان الفيزياء والتقرير في صالح الطلاب    الإجازات تلاحق الموظفين.. 10 أيام عطلة رسمية في شهر يوليو بعد ثورة 30 يونيو (تفاصيل)    ظهور مؤثر لVAR وقرارات مثيرة فى مباراتى الزمالك وسيراميكا والاتحاد ضد الداخلية    "طعنة بالصدر".. ننشر صورة المتهم بقتل سباك الوراق بسبب المخدرات    حقيقة تأجيل الضمان الاجتماعي المطور لشهر يوليو 1445    5 علامات تدل على خلل الهرمونات بعد الحمل.. لاتتجاهليهم    رئيس لجنة الصناعة ب«الشيوخ»: 30 يونيو ثورة شعب ضد قوى التطرف والتخلف استجاب لها قائد عظيم لتحقيق طموحات الشعب    مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديدة 3 يوليو    أستاذ علوم سياسية: الدول المنادية بحقوق الإنسان لم تقم بدور مهم حول غزة    بالتزامن مع بداية امتحاناتها.. 14 معلومة عن برامج الماجستير والدكتوراة المهنية بجامعة الأقصر    «الزنداني»: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هدفها كسب تأييد شعبي    إصابة 4 أشخاص بينهم طفل بلدغات سامة في الوادي الجديد    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التموين: سداد فارق تصنيع الخبز المدعم للمخابز البلدية    رمضان عبد المعز: الصلاة على النبى تنصرك على آلام وأحزان ومصاعب الدنيا    مجلس جامعة الأزهر يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    محافظ قنا: قبول دفعة جديدة بمدرسة مياه الشرب والصرف الصحي    الري: توجيهات رئاسية بدعم أشقائنا الأفارقة في مجال الموارد المائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور محمد رؤوف حامد : أزمة الثورة .. عناصرها ومداخل تخطيها
نشر في البديل يوم 14 - 11 - 2011

كانت الثورة المصرية فى أوج فاعلياتها وجمالياتها فترة الإصرار الشعبى على إسقاط النظام (ورحيل مبارك),غير أن ماحدث بعد ذلك يمثل إنحرافا متزايدا عن المسار الذى خرجت من أجله جماهير الثورة.
شكل الأزمة
لقد تحولت الثورة الى مسار تأتى فيه الإنجازات الثورية متقطعة (وبالحتة) تحت ضغط المليونيات, وبعد كل “حتة” تحدث تراجعات. ذلك بالتوازى مع تصاعد آلام محنة الأمن العام.
ومع التزايد النسبى للايقين فى الشارعين السياسى والأمنى, أخذت مطالب الجماهير تهبط من مستوى ثورى قومى, يختص بإسقاط النظام الفاسد وبناء نظام جديد بديل, الى مستوى فئوى غارق فى المحلية, يختص بالبدلات والإجور...إلخ.
وهكذا, صارت “الثورة فى أزمة”.
ربما تتمثل أبرز معالم “أزمة الثورة” فى أن الخطوة التالية فى الشارع السياسى المصرى, وهى الإنتخابات, لم يجرى إستحضارها والترتيب لها بواسطة المسار الثورى (كما الحال فى تونس مثلا).
بمعنى آخر, المسار الثورى فى مصر ليس هو الذى يُقدم على الإنتخابات, وإنما لعبة (أو مباراة) الإنتخابات هى التى “تقتحم” المسار الثورى, حيث قد جرى (ويجرى) الترتيب لها, بطريقة يُتوقع أن تنال من المسار الثورى, ويكون فيها (أى فى الإنتخابات) خط نهاية مبكرة لحيويته.
منهاجية الخروج من الأزمة
وإذا كانت الأزمة, بحكم تعريفها, تنطوى على صعوبة قابلة للحل, فإن التوصل الى حل لأزمة الثورة المصرية لايمكن أن يحدث إلا بتحليل عناصرالصعوبة التى تواجه الثورة. بعدها يمكن إعادة ترتيب العلاقات بين العناصر وبعضها, فى إتجاه تخليص الثورة من أزمتها.
ذلك يعنى إعادة بنية الثورة الى الوضعية التى تستحقها, أو توليد البنية المناسبة لإستكمال الثورة.
عناصر الأزمة
هناك أربعة عناصر رئيسية تتعلق بهذه الأزمة. عنصرين منهما يُشكلا معا مركز الأزمة, وهما المجلس الأعلى للقوات المسلحة, ومن يمكن إعتبارهم قيادات للشارع السياسى بعد الثورة. وأما العنصرين الثالث والرابع, فيتمثلا, على الترتيب, فى القوى المضادة للثورة, والجماهير التى صنعت الثورة. هذا, و يمكن إعتبار المرشحون المحتملون للرئاسة, من هؤلاء الأكثر شهرة ,عنصرا خامسا فى الأزمة.
العنصر رقم 1 – المجلس الأعلى للقوات المسلحة:
النظرة الأولى والفورية عند الكثيرين تنصب على تحميل أزمة الثورة فى عنق هذا المجلس. هذا المنطق يمكن قبوله إذا ماكان المجلس الأعلى هو مجلس الثورة (أو هو قيادتها) حيث, عندئذ يكون هو الكيان المنوط اليه إنجاز الآمال الثورية للجماهير صاحبة الثورة.
إذا صح ذلك, فإن الواجب الثورى للجماهير يقتضى الثورة على المجلس الأعلى, تماما بنفس منهجية إسقاط رأس النظام, وذلك لوصول البلاد تحت قيادته الى الأزمة الراهنة. غير أن الواقع أن هذا المجلس لم يأتى بالثورة, ولم يدّعى قيادتها, وإنما هو – فقط – سلطة التسيير الإدارى لشؤن البلاد فى المرحلة الإنتقالية.
وهكذا, التفكُر الوطنى المسؤل يقتضى عدم صحة وضع جرس المسؤلية عن إنحراف الثورة فى رقبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
هذا الفهم لايعفى مسؤلية المجلس الأعلى عن أية أضرار تلحق بالثورة, وذلك بحكم إضطلاعة بمسؤلية تسيير شؤن البلاد.
لكن هذا الفهم يعنى أيضا, أن المجلس الأعلى يكون مسؤلا أمام الثورة, إذا ماكان للثورة سيناريوهاتها وطلباتها التى يجرى تحويلها الى المجلس الأعلى (و/أو الحكومة) بواسطاة “سلطة الثورة” (؟!؟), والتى تكون, بطبيعة الحال, معنية أيضا بالمتابعة الدقيقة لكل شؤن الوطن, بما فيها متابعة قيام المجلس الأعلى بواجباته تجاه الثورة, وذلك حتى تصل المرحلة الإنتقالية الى سقفها وفقا للمسار الثورى المعلن.
العنصر رقم 2 – قيادات الشارع السياسى بعد الثورة:
يمكن القول بأن تصرفات هذه القيادات تتشابه (الى حد كبير) مع تصرفات قيادات هذا الشارع فيما قبل الثورة. إنها لم ترتقى منظوميا أو مفاهيميا الى أعلى مماكانت عليه (أوبالقدر الذى تتطلبه الثورة).
هذا التقاعس عن الإرتقاء الذى تتطلبه الثورة, تظهر وتتجسم أدلتة وتداعياته فيما يلى:
1- أن قوة الردع (والطلب) الحقيقى فى التفاعل مع المجلس الأعلى هى المليونيات, وليس غير ذلك.
2- عدم تمكن كوادر قوى الثورة, من ممارسة “الجماعية” بنفس القدر الذى مورست به بواسطة الإنسان العادى, مما أدى الى التفتتات والمناورات, والى التضارب بشأن المليونيات, والتدنى المتدرج لقوتها.
3- إفتقاد المجلس الأعلى الى وجود كيان ممثل لسلطة الثورة, يمكنه أن يتفاعل (ويتوائم) معه. لقد أدى هذا النقص الى العشوائية, والعشؤة, والى الحيود عن المسار الثورى الممكن, مما أنبت سلبيات على غرار ظروف إستفتاء 19 مارس, والتناقض فى المقاربات بين الإخوان والمجلس الأعلى, وكذلك بين سائر القوى الأخرى والحكومة.
4- ولوج تيار سياسى كبير الحجم الى تصرفات لاتتناسب مع ظروف عدم إستكمال الثورة بعد. من ذلك, القبول بالتفاعل الحوارى (أو التعارفى) مع الكيانات الأمريكية الرسمية. إنه تصرف يصعب قبولة أو فهمه, حاصة فى ضوء رفض شباب قوى الثورة اللقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية عند زيارتها لميدان التحرير, وكذلك فى ضوء ماقيل, بأن الوصول الى القيادة فى مصر يتطلب القبول (والرضا) من كيانات أجنبية ما !!!.
5- تحول جزء غير قليل من جماهير الإنسان العادى التى صنعت الثورة الى الضغط من أجل طلبات فئوية أو جزئية خاصة. يحدث ذلك بسبب توقف الثورة عن البناء الرأسى على المستوى الوطنى, فى إتجاه إقتلاع الفساد والتنمية والديمقراطية, مما أدى بالجماهير الغاضبة الى تمديد ثورتها فى إتجاه أفقى, يختص بالمصالح الفئوية المباشرة. إنها حالة مرضية تؤدى – بالتدريج – الى “نفى الثورة” ذاتها.
6- إتاحة الفرصة لإنتعاش القوى المضادة للثورة, وعلى وجه الخصوص قوى الفساد, حيث لم يحدث أى شروع فى مواجهة منظومية لهذه القوى حتى الآن.
7- وكإمتداد لما سبق ذكره, كان من الطبيعى أن تظهر التوجهات و/أو السياقات السلبية التالية من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة:
أ‌) عدم بذل الجهد للمساعدة فى (أو الحث على) بناء مجلس قيادى جماعى للثورة, وذلك – على الأقل – من أجل تسهيل المهام الإنتقالية للمجلس الأعلى ذاته.
ب‌) عدم اللجوء الى العمل (من أجل متطلبات الثورة) من خلال المؤسسات, أو من خلال تشكيلات فكرية معاونة معلنة Think Tanks.
ت‌) المسارعة الى إتخاذ إجراءات مباشرة, بخصوص قضايا حرجة (مثل الإستفتاء, والمحاكمات, والإعلام, وفض الحركيات الجماهيرية الصغيرة بعصى الشرطة العسكرية), وذلك دون أية مقاربات وتفاهمات مع قوى الثورة.
العنصر رقم 3 – القوى المضادة للثورة:
يمكن تصنيف هذه القوى الى ثلاث. أولا, أخطاء وحيودات الذات (على غرار ما جرت الإشارة اليه فى العنصرين 1 و 2 أعلاه ), وهى الأكثر شدة فى التأثير, ثم قوى الفساد , ثم الآخر (الأجنبى الذى تتضاد مصالحة مع إرتقاء مصر).
من هذا المنظور تصبح سلبيات الذات (الكامنة فينا والواردة فى العنصرين 1 و2 أعلاه) بمثابة قوة مضادة للثورة, حيث تؤدى حركياتها الى إتاحة فرص النمو والإنتعاش للقوتين الأخرتين المضادتين للثورة (قوى الفساد, والآخر الأجنبى).
القوى المضادة للثورة هى إذن – وفى الأساس – ”نحن”, وذلك عندما نرضى أن تصبح الثورة فى حالة محلك سر, وهى الحالة التى تولد التراجع, ثم التآكل, بواسطة الذات وبواسطة الفساد والآخر.
العنصر رقم 4 – الجماهير التى صنعت الثورة:
فى وصول حالة الثورة الى وضع “محلك سر” ثم الرجوع الى الوراء, فإن الجماهير التى صنعت الثورة يمكن أن تمر بثلاث مراحل.
المرحلة الأولى تأخذ شكل التململ وعدم الرضا. بعدها تأتى المرحلة الثانية, و تتمثل فى الإحباط نتيجة عدم تحقق التغييرات الجذرية الكبرى المرجوة من الثورة. عندها تحس الجماهير بالغبن, ومن ثم تتجه – بشكل تلقائى – الى محاولة تحقيق ذاتها الفئوية من خلال تعجل الحصول على مصالح جزئية خاصة, الأمر المُشاهد الآن.
بعد ذلك ترتقى الجماهير الى المرحلة الثالثة, مرحلة الإدراك لضرورة إعادة توليد الثورة. هذه المرحلة تجىء عند إستيعاب الشعب, بحسه الفطرى “المُعلم”, للحقائق التالية:
1- أن المصالح الجزئية الخاصة بفئات الشعب, على إختلافها, لايمكن أن تتحقق بغير التغييرات الوطنية الكلية, والتى كان من المفترض أن تتجه اليها ثورة 25 يناير فى مرحلتها الإنتقالية.
2- تشتت بعض الكوادر (أو القيادات) الخاصة بشباب الثورة والتيارات السياسية, فى إتجاه البروباجندا والمصالح الذاتية.
3- إستمرار نفس عناصر قوى الفساد (القديمة) فى أوضاعها, بل وتواصل إرتقاءاتها, وإستمتاعاتها بعائدات مادية ووظيفية, كانت قد حصلت عليها, بغير حق, فى ظل النظام السابق.
فى المرحلة الثالثة هذه, ستدرك الجماهير أن لنجاح ثورة 25 يناير,كثورة شعبية, متطلبات تنظيمية لابد من إتمامها حتى يمكن إستكمال الثورة وحمايتها.
وإذا كان الوصول الى نقطة الإنعطاف, التى أسست (وبشكل تلقائى) للتحرك فى إتجاه المطالبة بإسقاط النظام وتحقيق خلع رئيسه, قد تطلب حوالى 33 عاما (منذ 1974 الى 2007 , وفقا لمقالات “سر 2007 “– البديل – 17 الى 20 أكتوبر 2007), فإن الوصول الى نقطة الإنعطاف الخاصة بإعادة توليد الثورة من أجل إستكمالها, لن يستغرق أبدا مثل هذا الوقت, وذلك لأسباب عدة, ربما تستحق تناولا منفرد.
العنصر رقم 5 (أو العنصر الخائلى)- المشاهير من المرشحين المحتملين للرئاسة:
هنا, سيذكر التاريخ أن عددا من نبهاء مصر, إنتفضوا, بمجرد بدء الثورة, يجوبون البلاد طولا وعرضا من أجل الدعاية الإنتخابية لأنفسهم, وذلك بالرغم من عدم إستكمال الثورة, بل وعدم التوصل الى توافق بشأن مسار محدد ومعلن بشأنها.
وضعية هؤلاء المرشحين المحتملين للرئاسة, هى فى حد ذاتها دالة على أزمة الثورة.
مداخل تفاعلية للخروج من الأزمة
وهكذا, بالأخذ فى الإعتبار لأزمة الثورة, فى ضوء عناصرها الموضحة أعلاه, يمكن القول بأن مفاتيح الخروج الى طريق لعبورها, يمكن أن تتضح إذا ماجرى التوقف المنهجى أمام تقاطعات عناصر الأزمة. فى هذا الخصوص يكون من المطلوب التحاور الجماعى, وبشكل علمى (أى فى ورش عمل منظومية), بشأن نقاط محورية رئيسية يأتى على رأسها مايلى:
أولا- بالنسبة للإنتخابات:
- قدر مايمكن أن تحويه الإنتخابات من سموم قاتلة أو مُمرضة لحالة الثورة.
- هل ستكون الإنتخابات هى خط النهاية للثورة ؟. بمعنى آخر, هل ستكون للثورة إستكمالات بعد الإنتخابات؟
- ماهى مكونات “خصائص جودة الإنتخابات” ؟, وهل هى متوفرة حاليا؟, ثم ماذا يمكن أن يكون عليه المسار الثورى (أو السياسى) للبلاد إذا لم تتحقق خصائص الجودة للإنتخابات؟
ثانيا- بالنسبة لمسار الثورة:
- كارثية تصور ممارسة الثورة بنفس طريق القوى المضادة للثورة, وفى ظل وجود فاعل لها.
- هل من المنطق وجود مسار للثورة, بينما هذه الثورة لم تبدأ بعد مأسسة عملية تفريغ البلاد من الفساد؟ ذلك بينما كان الفساد هو الباعث الرئيسى الأكبر للثورة؟؟؟
ثالثا – بالنسبة لعزم الكوادرالشبابية والقيادات السياسية:
- هل كل ماتستطيعه هذه الكوادر والقيادات, كواجبات تجاه الثورة, هو أن تبدأ التنافس الإنتخابى من “أضعف نقطة” فى شارع الثورة, والتى تتمثل فى أزمتها الراهنة, بما تتضمنه من نواقص وعوامل ضعف, سواء فيما يتعلق بالحكومة, أو المجلس العسكرى, أو قوى الثورة ذاتها,... أو مايتعلق بتضخمات القوى المضادة للثورة؟؟؟
رابعا – بالنسبة لحركية الجماهير:
الجماهير لم تحس – أثناء المرحلة الإنتقالية – بأن الثورة قد وصلت اليها.., ولم ترى تغييرات جذرية فى سلوكيات وتوجهات الحكومة.., بل وعانت وتعانى من الفوضى والترويع فى ضوء غياب الإنضباط الأمنى.
ذلك إضافة الى أن عناصر الضعف الكامنة فى بعض شرائح هذه الجماهير (وخاصة الجهل والفقر) لم تُجابه بأى جهد تنويرى تصحيحى فى المرحلة الإنتقالية.
إذا كانت الجماهير تعانى من كل ذلك, ففى صالح أية مسارات سيكون أداءها فى الإنتخابات المقبلة؟ فى صالح مسار الثورة .., والذى لم يتأكد و يُعلن بعد ؟؟؟, أم فى صالح القوى التقليدية المضادة للثورة, والتى أجنداتها الخاصة, وتتمتع بالمال والنفوذ, بالقدر الذى يمكنها من تحويل مكونات الجهل والفقر الى عناصر (وقوى) مساعدة لها؟؟؟
خامسا – بالنسبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة:
إذا كنا فى السطور أعلاه قد نوهنا الى عدم منطقية وضع أزمة الثورة فى رقبة المجلس الأعلى, حيث هى فى ظننا ترقد – أساسا – حول رقبة الكوادر والقيادات فى قوى الثورة والتيارات السياسية, إلا أن التاريخ سيكون له موقف مختلف, حيث ستوضع هذه الأزمة (ومخرجاتها طويلة المدى) فى رقبة المجلس الأعلى, وذلك لسبب بسيط هو إضطلاعه بالسيادة العملية على مجريات إدارة شؤن البلاد.
فى هذا الخصوص, لن ينظر التاريخ الى علاقات وخصوصيات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى عهد مبارك, إلا بقدر تقاعسه عن دعم الثورة فى تخليص البلاد من فساد هذا العهد.
المجلس الأعلى – إذن – بحاجة الى بذل أقصى إقتراب ممكن تجاه قوى الثورة, الأمر الذى يعنى وجوب دعمه (ورعايته اللوجيستيكية), وبكل الشفافية والعلانية, لتشكيل “مجلس جماعى قيادى للثورة”.
من ناحية أخرى, من الصعب على قوى الثورة (أيا كانت خلفياتها) مواصلة الدعوة للمليونيات, أو النقد للمجلس الأعلى, قبل معالجة قصورها فى التوافق حول تشكيل رأس للثورة, أى مجلسا قياديا جماعيا لها.
إستعادة الثورة
وختاما, يمكن القول بأن إستمرار أزمة الثورة بغير مجلس لقيادتها, وبغير تحديد لمسارها ولسقفها, إنما يعنى أن الثورة بحاجة الى الإستعادة, والتى ستكون عندئذ بأيدى الجماهير الشعبية للثورة, وفى القلب منها شبابها الجديد والمتجدد, أى شباب هذه الثورة, وشباب جديد صاعد الى جواره لأداء دوره الوطنى.
أما بخصوص الأنشطة الدعائية الكثيفة الخاصة بالمرشحين المحتملين للرئاسة, فإن ظرفها الزمانى لايجىء قبل إستعادة الثورة ووصولها الى سقف إنجازاتها.
وختاما, تجدر الإشارة الى أن”إشكالية القيادة” تشكل تحديا رئيسيا فى طريق حل أزمة الثورة المصرية, الأمر الذى يجدر التعامل معه فى معالجة قائمة بذاتها إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.