"صندوق مصابى وأسر شهداء ثورة يناير"، أسس فى عهد المجلس العسكرى السابق بعد سقوط آلاف المصابين وعشرات القتلى فى أحداث ثورة 25 يناير، ويوم أنشئ كان الهدف منه رعاية المصابين والتكفل بعلاجهم وتعويضهم ماديًّا ومعنويًّا بتوفير عمل للمصابين ومعاش لغير القادر على العمل منهم ومن أسر الشهداء.. هذا هو المفترض.. لكن الواقع شيء آخر تمامًا.. فرغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الثورة لم يحصد مصابو الثورة إلا الجراح والأسى، يسألون الدولة حقهم فى العلاج، فلا يجدون إلا وعودًا معسولة، وكلامًا مرسلاً، حكومات تتعاقب، ولا أحد يحرك ساكنًا، صندوق خصصت له ملايين الجنيهات من ميزانية الدولة لرفع المعاناة عن مصابي وأهالي شهداء الثورة فإذا به أصبح عاملاً أساسيًّا في تعذيبهم وإزهاق أرواحهم. غرف بلا أساسيات وشئون قانونية لحديثي التخرج: يتكون الصندوق من اثنتي عشرة غرفة مقسمة على طابقين، يفتقران لأغلب الأساسيات التى يحتاجها الصندوق، يستقبل مصابين، وتعد به بعض الإجراءات القانونية لإعادة النظر فى الأوراق المقدمة له، غرف ليس بها سوى أجهزة الكمبيوتر والكراسي الخشبية، شئون قانونية لا تمتلك مكتبة قانونية للرجوع إليها من الحين للآخر، خاصة أن أغلب المعينين بهذا الصندوق "حديثو التخرج"، مكان استقبال المصابيين وأسر الشهداء لا يوجد به سوى كراسى قديمة لا تصلح للجلوس عليها، حالة من الفوضى بين العاملين تسود المكان؛ لعدم الإمكانيات والتنظيم والاحتكاك الدائم بينهم وبين المصابين الذين يعانون تأخر مستحقاتهم. مصابو الثورة ضحايا الصندوق: حسين زكريا: شاب فى العقد الثالث من عمره، يفتقد لحاستى السمع والتحدث أصيب فى جمعة الغضب بطلق نارى فى الكتف من الخلف خرج من الناحية الأخرى "الصدر" مروراً بالنخاع الشوكى الذى تسبب له فى الشلل النصفى. هذا ما أكده شقيق حسين قائلاً "فى ابريل عام 2011 عندما أتت البعثات الألمانية والنمساوية لفحص المصابين، قررت الحكومة الألمانية علاج بعض الحالات على نفقتها الخاصة، وكان حسين من بينهم، سافر لألمانيا، ولكن للأسف لم يستكمل علاجه، وبدأ بعد عدة عمليات أجريت له السير باستخدام ما تسمى ب "المشاية"، إلا أن مستشار الصحة بالمجلس الاستشاري لرعاية المصريين بالخارج قرر عودة حسين، على أن يستكمل علاجه بمصر". واستكمل شقيقه كلماته بأنهم فوجئوا بعد عدة أيام قضوها بمستشفى العجوزة عقب عودتهم من ألمانيا بطردهم خارج المستشفى؛ ليعود حسين لنقطة البداية. منة الله عبد الدايم: حبيسة مستشفى قصر العينى منذ إصابتها فى جمعة الغضب على كوبرى قصر النيل بكسر فى الكتف وفى الفقرة الرابعة الصدرية وقطع فى الأحبال العصبية، تلك الإصابة التى تصاعدت نتائجها السلبية بسبب الإهمال الطبى، حيث أدى تأخر العلاج إلى إصابتها بالعرق السمبساوى وشلل نصفى، لا يعالجه سوى إجراء عملية بالخارج. وأكدت منة أنها تقدمت بكل الأوراق إلى الصندوق ولم تجد منهم سوى «هنشوف ونرد عليكى ولولا منظمات المجتمع المدنى لكنت فارقت الحياة بسبب تدهور حالتى»، مؤكدة أنها لم تحصل من صندوق مصابى الثورة إلا على 15 ألف جنيه، رغم أنهم أنفقوا ما يتعدى هذا المبلغ بمراحل، وذلك بالمخالفة لما جاء بمرسوم أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وينص فى مادته الثانية على صرف نفقات العلاج التى تحملتها أسر الشهداء والمصابين من مالهم الخاص حتى تاريخ نشر القرار. عم أبو كريم: ذلك الرجل الذى ضاق صدره بما تفعله به الإجراءات الروتينبة المملة، رجل يستند على عكاز لا يستطيع المشى يسهولة بعد إصابته في اعتصام ماسبيرو. هذا ما أكده نصر على محمد أبو كريم، الذى قال إنه أصيب أثناء فض الاعتصام من قبل قوات الجيش أمام ماسبيرو فى 5 أكتوبر، حيث أصيب بطلق نارى أدى الى بتر مفصل بأكمله فى المستشفى الذى عولج فيه، ولكن بعد عامين من العلاج فوجئ بشطب اسمه من قوائم المصابين والمحسوبين على ذمة الصندوق؛ بحجة أنه لم يكن مصاب ثورة، الأمر الذى جعل أبو كريم يرفع قضية على رئاسة الدولة برقم 68 / 38680 والتى تم تحديد جلسه لها 6 مايو القادم. عم زكريا: سائق التاكسى الذى يعانى من حالات التشنج والإغماء منذ إصابته بالغاز فى أحداث الثورة.. يقول عم زكريا "إن هناك إرادة سياسية بإهانه ثورة 25 يناير والتخلص من أى ذكرى لها، سواء شباب أو مصابون أو شهداء، وإهمال المصابين والتعنت ضدهم وتعمد إهانتهم بهذا الشكل دليل واضح على كلامى"، ذكرًاًبأنه يعانى منذ إصابته بهذا الغاز حالة عصبية لم يعرف لها علاج حتى الآن، وأكد له بعض الاستشاريين ضرورة سفره للعلاج بالخارج، ولكن الصندوق لم يحرك ساكناً لعلاج هؤلاء الذين أصبح علاجهم بمصر مستحيلاً. أمين عام الصندوق يطلب مهلة لتطهيره من الفساد: اختاره المصابون ليمثلهم داخل الصندوق بعد إقالة حسنى صابر الذى اعتصم المصابون ضده مراراً وتكراراً لمعاملته السيئة لهم. يقول سيد أبو بيه إنه يقابل عدة مصاعب داخل الصندوق لقلة الإمكانيات لدى الموظفين، مؤكداً أن بعض الموظفين يتعنتون لتعطيل العمل. وأشار أبو بيه إلى أن هناك بعض المخالفات التى حصدها منذ تعيينه بالمجلس، فقد أثبت وجود ما يقرب من 6 أسماء تبعاً لمركز المعلومات تم إهداؤهم الحج بدلاً من المصابين، كما تبين وجود ما يقرب من مائتى حالة "الذين تم رصدهم حتى الآن فقط" تم صرف أدوية وتعويض لهم وهم ليسوا مصابى ثورة، ومنهم من تم تحويله إلى النيابة. وأكد أن هناك فسادًا كبيرًا داخل صندوق مصابى الثورة سيحاول تطهيره، وطالب المصابين بإعطائه مهلة ما يقرب من 60 يوماً ليشاهدوا خطوات عملية، وإلا سيقدم استقالته.