صدر حديثًا عن دار مدارات للأبحاث والنشر، كتاب «الحداثة والهولوكوست»، تأليف زيجمونت باومان، ترجمة حجاج أبو جبر ودينا رمضان. الكتاب يقع في 367 صفحة، ويحاول الإجابة على سؤال "لماذا حظيت الهولوكوست بهذا الاهتمام الكاسح دونًا عن كل الجرائم التي اقترفتها الإمبريالية الغربية؟"، السؤال الذي يجيب عنه عبد الوهَّاب المسيري -مُذكِّرًا إيَّانا- بأن الهولوكوست هي أول مذبحة غربية تقوم بها الإمبريالية داخل أوروبا، وضد أوروبيين، وتضيف چانينا باومان في مذكراتها سببًا آخر يتعلَّقُ بقدرات الصهاينة المالية والإعلامية الضخمة التي تُجيد استثمار الهولوكوست في ابتزاز الغرب، لشرعنة وجود إسرائيل، وتناسِي ما يقرُب من خمسة عشر مليونًا آخرين ذبحتهم النازية أيضًا. ومن كلمة المركز في تقديم الكتاب: "انتهت النازية التي مثَّلت لحظة نماذجية نادرة -بتعبير عبد الوهَّاب المسيري– لتحقًّق الرؤية الغربية في تنظيم العالم. لكنَّ المذابح التي تسبَّبَت فيها نفس الرؤية لم تنتهِ؛ فقُبيل إسقاط النازية، قُصفت اليابان بقنبلتين ذريتين لأول مرةٍ في التاريخ رغم تأكُّدِ هزيمتها واستسلامها، وبعد سقوط النازية بسنوات معدودة ارتكب الصهاينة جرائم أبشع ضد العرب في فلسطين، ثم ارتكبت الإمبريالية الأمريكية جرائم عديدة أثناء غزو ڤييتنام، وأخيرًا وليس آخرًا الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان. ويلاحظُ باومان أنَّ جريمة الهولوكوست، وغيرها من جرائم النازية، ارتُكبت بتعاونٍ كامل بين مؤسسات "العلم" الألمانية، وبيروقراطية الدولة النازية، وهي ملاحظة يمكن اكتشاف صحتها بسهولة في جميع تجارب الإمبريالية الأخرى خارج أوروبا. ويُفسِّرُ باومان ذلك من خلال بنية السوسيولوچيا الحديثة التي همَّشَت الإنسان الفرد، ومنظومته الأخلاقية المتجاوزة، لصالح مجموعة من الأوامر التي يُصدرها مركزُ النظامِ، مُمثَّلاً في الدولة الحديثة وبيروقراطيتها. فهذا الكتاب، إذن، له هدفٌ واضح يتمثَّلُ في تنبيهنا إلى أنَّ المهمة السياسيَّة والأخلاقيَّة الحقيقيَّة هي نقد عمل المؤسَّسَاتِ التي تبدو محايدة ومستقلَّة، بطريقةٍ ترفعُ النقاب عن العنفِ والقهرِ اللذين مورِسا دوماً عبرها."