من كام يوم واثناء عودتي إلى القاهرة من سفرية سريعة واثناء انشغالي بالبحث عن شنطتي على السير المزعج لمحت مصادفة " علي" .. ابتسمنا احنا الاتنين وأنا متأكد ان اللي حسيت بيه هو كمان حس بيه .. ذكريات وأحلام طويلة .. واكتشفت انه كان معايا على نفس الطيارة بس محدش مننا خد باله .. " علي " شاب من سني تقريبا قابلته يوم 30 يناير 2011 في ميدان طلعت حرب أول مرة أثناء ما كنت بدور على مطعم اشتري منه أي أكل .. دردشنا مع بعض شوية وكان بيقال ان مبارك هيطلع كمان شوية وقعدنا نخمن ايه اللي هيحصل ومشينا .. في نفس اليوم بالليل وأثناء السهر ليلا قابلته تاني صدفة وقعدنا حوالين نار مشتعلة في عز البرد نتكلم كتير جدا .. " علي " مهندس اتصالات في شركة كبيرة متعددة الجنسيات في مصر وقال وقتها انه كان بيفكر يسافر أبوظبي وان فيه عرض اتعرض عليه للعمل هناك بمرتب كويس وكان قرب ياخد القرار بسفره فعلا ، بعد 25 يناير بدأ جديا يفكر في رفض العرض وانه عاوز يعيش هنا .. كان كلامه تلقائي جدا مفيهوش اي أفورة أو مبالغات غير انه نفسه يعيش هنا وسط صحابه واهله ويتجوز ويخلف وخصوصا ان دخله كويس وناقصه ان يعيش في بلد نضيفة وقوية ومفيهاش فساد .. واننا منفرقش عن أي دولة من دول العالم حوالينا ولابلابلابلابلاب لاب والكلام الكتير الكتير اللي كنا كلنا بنردده وقتها بصدق وبساطة .. بعدها اتقابلنا كذا مرة كان اخرها قبل تنحي مبارك بيوم واحد وبرضه اتكلمنا شوية ومشينا .. بعد تنحي مبارك كان اللي بيربطنا أكونت الفيس بوك وشوية لايكات وكومنتات واحيانا سلامات على الشات .. المهم شوفته في المطار وقلنا نقعد نشرب أي حاجة وندردش شوية وايه الأخبار والدنيا وبتعمل ايه في حياتك .. قال انه حاليا بيشتغل في دبي وانه أجازة اسبوع جاي يشوف أهله وراجع تاني قلتله لوكنت أعرف كنت كلمتك واتقابلنا بس يالا النصيب وانت مش كنت قلت انك هتسيب العرض بتاع دبي دة .. فكان رده : لا ده كان عرض في أبو ظبي وانا ساعتها "بغبائي" ضيعته والحمد لله انا دلوقتي في شركة كذا وعايش في دبي ومبسوط .. كان العجيب انه مش عاوز يتكلم عن ذكريات الميدان كنت لما بقول أي حاجة بيبتسم ابتسامة كدة ويسكت كأنه بيقول غير الموضوع .. ونبدأ نتكلم عن الشغل والحياة عموما .. قلتله بدون ما اتردد طيب انت شكلك خلاص مش طايق البلد فبلاش نتكلم عن الحاجات اللي ممكن تضايقنا .. فقالي لا طبعا والله الموضوع مش كدة بس انت عارف في كلام كتير بيكون الواحد عاجز انه يطلعه زي ما هو حاسه فبسكت أحسن .. بعدها وفي وسط الكلام قالي ان طيارته هتتحرك كمان 5 ساعات فقلتله انت لحقت تيجي؟؟ فقال انها طيارة لأسيوط بلده وانه واخد عهد على نفسه ما يقعدش في القاهرة أبدا فهيقعد في المطار لغاية ما يطلع أسيوط .. وعرفت منه انه بينزل كل 3 شهور على أسيوط مباشرة ويقعد مع أهله وانه عمل مشروع هناك في بلدة مزرعة دواجن صغيرة وهيلحق بيها مشروع مواشي .. وانه كل ما بيجي بيعمل حاجة جديدة في المشروع ومشغل فيه كتير من صحابه في البلد .. وقعد باقي الوقت كله تقريبا ساعة وربع بيتكلم بس عن مشروعه الصغير وكل اللي عاوز يوصلهولي انه بيعمل تغيير في قريته ! طبعا كنت متعجب ازاي هو حاسس ان دة تغيير وسط اللي احنا عايشينه .. بس كان عاجبني احساسه اوي .. وبهرني أكتر انه قال وسط كلامه انه بيدخل على الفيس بوك كل اسبوعين تلاتة مرة وساعات بينسى فمش متابع أوي وان الناس في قريته كمان ما يعرفوش كتير من التفاصيل اللي الإعلام والسوشيال ميديا شاغلين نفسهم بيها .. "علي" قرر انه يصنع تغييره بنفسه في رأيي .. انا بجد قعدت اتكلم معاه وانا مش مصدق ان هو الشاب اللي كان معايا من 3 سنين .. قالي في الآخر جملة معناها " ياصاحبي احنا استنفذنا وضيعنا وقت كتير اوي من عمرنا في سراب والناس اللي احنا قال يعني بندافع عنهم وبنتكلم عن حقوقهم طلعنا اصلا مانعرفش عنهم حاجة احنا بنكلم بعض وبنسمع بعض ونعمل ثورات مع بعض ونصورها ونرفعها عالفيس ونعمل تايم لاين مشرف ومحترم " قلتله قهمتك وخدت رقم تليفونه وقمنا وقلتله اني عاوز اروحله أسيوط لو عرفت او ممكن نتقابل في دبي قريب أو حاجة فقالي ياريت فعلا .. ومشيت وانا بجد حاسس بسعادة غريبة واحترام كبير للشخص دة .. بس الأهم انه طلب مني ان الجريدة عندنا تهتم فعلا بالناس اكتر من رفع الصور ووعدني انه هيتابعها .. وإننا في حاجة لإعلام بعيد عن الصداع ..