* الإسكان تطلب من الشباب دفع 190 ألف جنيه في أرض فضاء ومنحت الأرض بمرافقها بطريقة شبه مجانية لمشروع مدينتي كتبت – ليلى نور الدين : قال مركز شفافية للدراسات المجتمعية والتدريب الإنمائي ، إن أسعار أراضي الإسكان العائلي التي أعلنتها وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية في شروط القرعة التي يبدأ الحجز بها صباح الغد ، تخالف المنطق الاقتصادي للظرف الثوري الذي تحياه مصر منذ فبراير الماضي . وأضاف المركز إن القرعة التي تقيمها هيئة المجتمعات العمرانية لأراضي الإسكان العائلي المطروحة للبيع فى 12 مدينة جديدة، بإجمالى 6 آلاف و563 قطعة، بمساحات «209 و276» مترا، تسدد قيمتها بالكامل خلال 3 سنوات ، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ثورة الخامس والعشرين من يناير لم تطل القائمين علي رسم سياسات الإسكان في مصر ، وأن وزير الإسكان السابق أحمد المغربي والذي واجه كل محاولات استعادة الشعب أراضيه الممنوحة لهشام طلعت مصطفي وأمثاله من المقربين لنظام مبارك ، مازال يحكم وزارة الإسكان لاسيما وأن أسعار أراضي القرعة المعلنة في المدن المحددة لم تختلف عما حدده المغربي من قبل في قرعة سابقة بذات المدن . وقال حسين متولي مدير المركز ” وزارة الإسكان تطلب من شباب الثورة دفع 190 ألف جنيه في قطعة أرض فضاء ، تحتاج منه أكثر من نصف مليون جنيه للانتهاء من بنائها ، بينما منحت الأرض بمرافقها بطريقة شبه مجانية لمشروع مدينتي ، كما وفرت مساحات واسعة من الأراضي لشخصيات عربية بزعم قيامها بإنشاء مدن جديدة تمنح للشباب المصري دون تحديد طريقة حصولهم علي وحدات سكنية فيها وقيمتها وشكل حيازتهم لها ، وهو ما جري مع الشيخ خليفة بن زايد حاكم الإمارات الذي وعد ببناء 16 ألف وحدة سكنية للشباب المصري ، دون أن نسمع من وزارة الإسكان أي جديد عن مشروع مدينته المزعومة أو طرق تخصيص الأرض له أو المقابل الذي منحته له الحكومة المصرية جراء (زكاته) علي المصريين ” . وحددت الوزارة عددا من المدن الجديدة المستهدفة بالتعمير والتنمية لبيع أراضي الإسكان العائلي لأبناء المحافظات التابعة لها ، إلا أنها لم تراع التوزيع المتفاوت للطبقات الفقيرة داخل الأقاليم المستهدفة والتي يغرق شبابها في أزمات البطالة بفعل حرمانها من إنجاز مشروعات قومية حقيقية في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة . كما افتقدت تقديراتها في تثمين الأراضي وتسعيرها قبل بيعها ، التعامل بحكمة الباحثين عن العدالة الاجتماعية ، إذا ما علمنا أن خط الفقر عند المصريين قدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في العام 2006 بمبلغ 166 جنيها للفرد ، في حين تتراخي الحكومة عن الاستجابة لمطالب شعبية بتقنين حد أدني للأجور يتفق ومعدلات التضخم المتزايد جراء سياساتها الاقتصادية الفاشلة . وتطرح هيئة المجتمعات العمرانية في قرعتها سعر متر الأرض بين 690 جنيها كحد أقصي بمدينة الشروق ، نزولا إلي 400 جنيه بمدن أخري نائية أو في صعيد مصر المحروم شبابه من التنمية والعمل ، كما تسمح لعدد 4 أشخاص كحد أقصي بالاشتراك في شراء وبناء منزل مكون من 4 طوابق ، ما يعني حاجة أضعفهم ماديا إلي ما يقرب من ربع مليون جنيه لإنجاز بناء وحدة سكنية مساحتها 120 مترا خلال 4 سنوات . وكانت وزارة الإسكان قد تنازلت عن دورها خلال العقود الماضية فيالبناء للفقراء ومحدودي الدخل ، ومنحت شركات التمويل العقاري الحق في تمويل شراء وحدات المشروع القومي للإسكان المطروحة للبيع ضمن برنامج مبارك الانتخابي خلال نحو 6 سنوات مضت ، ليصل إجمالي سعر الوحدة الممولة بفائدة 18 % إلي نحو 143 ألف جنيه ، بينما مساحتها التي لا تزيد علي 63 مترا لم تكن تكلف الشاب الحاصل عليها أكثر من 59 ألف جنيه كان يسددها بالتقسيط علي نحو 30 عاما ويتسلمها بمقدم لا يزيد علي ألف جنيه وصولا إلي 5 آلاف كحد أقصي .. وهو ما جعل وحدات المشروع التي نفذها رجال أعمال ومستثمرون مقربون لنظام مبارك ، ضعيفة التسويق رغم الحملات الإعلانية الواسعة لها . ويؤكد مركز شفافية إن سياسات وزارة الإسكان المنحازة للأثرياء والجائرة علي حقوق أغلب المصريين في سكن ملائم وحيازة آمنة له ، ستدفع قطاعات عريضة بالمجتمع المصري إلي ثورة جديدة ضد حكومة عصام شرف والمجلس الحاكم المكلف بإدارة شئون البلاد ، خاصة في ظل إصرار حكومة شرف علي تنفيذ مخطط القاهرة 2050 الذي رسمته لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل وأشرفت علي إدارته وزارة الإسكان والمجلس الأعلي للتخطيط العمراني ، وجرت إعادة تسميته بعد الثورة ب “مخطط تنمية مصر 2052 ” . ويطالب المركز المجلس الحاكم إرجاء عمليات بيع أراضي الدولة وبينها المخصصة للإسكان العائلي ، إلي ما بعد المرحلة الانتقالية وتسليم شئون الحكم إلي رئيس وبرلمان منتخبين ، لتتم تحت رقابة الشعب والقانون وبموافقة برلمان منتخب ، لاسيما وأن عمليات البيع كثيرا ما تشوبها شبهات مجاملة للأثرياء والكبار والمستثمرين ، أو طغيان علي حقوق المستضعفين في الحصول علي مسكن ملائم بأسعار تناسب دخولهم وفي مناطق بها تنمية عمرانية حقيقية وليست “بنايات خرسانية” فقط .