تظاهر آلاف التونسيين بعد ظهر اليوم الأحد في العاصمة التونسية للمطالبة باحترام حرية التعبير والتنديد بأعمال العنف التي شهدتها تونس إثر بث قناة خاصة لشريط اعتبر مسيئا للإسلام، وذلك قبل أسبوع من انتخابات تاريخية. وتحت شعار “اعتقني”، استجاب المتظاهرون لنداء أطلق الجمعة على فيسبوك. وهتف المشاركون الذين تجمعوا في ساحة باستور بالعاصمة عند مدخل وسط المدينة، “الشعب يريد حرية التعبير” و”تونس لك ولي” و”لا نفاق لا رجعية تونس حداثية مدنية” و”بالروح بالدم نفديك يا علم”. وسارت التظاهرة حتى ساحة حقوق الإنسان على بعد نحو 1.5 كلم. وألصق بعض المشاركين في التظاهرة على أفواههم عبارة “اعتقني” احتجاجا على التعدي على حرية التعبير. وواكب عدد كبير من عناصر الأمن التظاهرة التي جرت بلا حوادث في شوارع العاصمة التي تخف فيها الحركة عادة في يوم الأحد وهو يوم العطلة الأسبوعية في تونس. ونظمت هذه التظاهرة في رد فعل على تظاهرات نظمت الأسبوع الماضي في تونس حركها بالخصوص سلفيون تنديدا ببث فيلم فرنسي إيراني احتوى تجسيدا للذات الإلهية من قبل قناة نسمة الخاصة. وكان تم بث الفيلم سابقا بلا مشاكل في تونس غير أن النسخة التي بثتها القناة تمت دبلجتها إلى اللهجة التونسية وهو ما زاد من حدة ردود الفعل التي اعتبرت في الأمر إساءة لمعتقد الغالبية الساحقة من التونسيين. ورغم تقديم مدير القناة اعتذاره للشعب التونسي عن الأمر فإن الغضب لم يهدأ وتعرض منزله إلى اعتداء من نحو 100 شخص مساء الجمعة الماضي. من جانب آخر، نظمت صباح الأحد في العاصمة عملية انتخاب بيضاء لمحاكاة عملية الانتخاب الحقيقية الأحد المقبل في 23 أكتوبر. وحضر العازل والحبر الذي لا يمحى وموظفو المكتب الانتخابي خلال عملية تدريب على الاقتراع في العاصمة التونسية. وقالت بسمة الناخبة الشابة التي شاركت في عملية الانتخاب البيضاء بحماسة “لقد خيل إلي أني قمت بتصويت حقيقي”. وقال العربي شويخة أحد الأعضاء ال16 في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن العملية تهدف إلى رصد “الثغرات” المحتملة مضيفا أن الأمور جرت بشكل جيد. وتم تكثيف عمليات التوعية عبر قنوات التلفزيون والإذاعة والصحف في الأسابيع الأخيرة لتفسير كيفية الانتخاب ودعوة المواطنين للقيام بواجبهم وحقهم الانتخابي. وشارك ستون ناخبا الأحد في هذا التمرين المدني قبل أن يختاروا الأحد المقبل مع مواطنيهم 217 عضوا في المجلس الوطني التأسيسي. وتبقى نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي أحد تحديات عملية الاقتراع. في الأثناء أظهر تقرير عن التغطية الإعلامية لنشاط الفاعلين السياسيين في تونس خلال شهر سبتمبر الماضي أن وسائل الإعلام التونسية “لم تكن منصفة” في تعاطيها مع القوى السياسية. وأبرز التقرير الذي صدر نهاية الأسبوع الحالي عن “وحدة مراقبة وسائل الاعلام” في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة منحت مساحة أو وقتا أكثر لفاعلين سياسيين لا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة دون أكثر من 100 حزب. ولاحظ التقرير أن “القنوات التلفزيونية التزمت الحياد في تغطيتها لنشاط الفاعلين السياسيين عموما لكنها لم تكن منصفة في توزيع أزمنة البث والكلام”. وأوضحت أن “القناة الوطنية الأولى (عامة) خصصت أعلى نسبة تغطية للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أما قناة نسمة (خاصة) فقد خصصت أعلى نسبة تغطية للحزب الديمقراطي التقدمي في حين خصصت قناة حنبعل (خاصة) أعلى نسبة للنهضة”. وفي مستوى الإذاعات لاحظ التقرير أن “الإعلام الإذاعي العمومي إجمالا أعطى أكبر مساحة للنهضة ثم الحزب الديمقراطي التقدمي” ومنحت الإذاعة الوطنية أكبر مساحة لحزب النهضة الإسلامي وإذاعة الشباب منحت مساحة متساوية لحزبي النهضة والمبادرة في حين منحت إذاعة موزاييك إف إم الخاصة أكبر مساحة للحزب الديمقراطي التقدمي. وفي مستوى الصحافة المكتوبة اليومية لاحظ التقرير أن “تغطية الفاعلين السياسيين لم تكن منصفة إذ نجد ثلاثة أحزاب هي الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة النهضة والتكتل الديمقراطي للعمل والحريات (..) وقائمة مستقلة وحيدة هي طريق السلامة (أبرز رموزها الإسلاميين عبد الفتاح مورو وصلاح الدين الجورشي) حصلت على أكثر من 10% من المساحة المخصصة للفاعلين السياسيين”. ومنحت صحيفة لابراس (عامة ناطقة بالفرنسية) أكبر مساحة للحزب الديمقراطي التقدمي في حين منحت صحيفة الصحافة (عامة) أكبر مساحة للنهضة ثم الحزب الديمقراطي. ومنحت صحيفة الشروق (خاصة) التي تعد الأوسع انتشارا في تونس أكبر مساحة للنهضة أما صحيفة الصباح (خاصة) فقد منحت أكبر مساحة للقائمة المستقلة طريق السلامة ثم للتكتل الديمقراطي ثم حركة النهضة. ولاحظ التقرير تركز تغطية الفعاليات السياسية في العاصمة وضعف تغطية الجهات وايضا ضعف الحضور النسائي في هذه التغطية. وتشهد تونس في 23 أكتوبر الجاري انتخابات تاريخية لمجلس وطني تأسيسي تعود معه الشرعية لمؤسسات الدولة وتتمثل مهمته الأساسية في صياغة دستور الجمهورية الثانية في تاريخ تونس المستقلة.