تبعية «السادات» للغرب أوصلتنا ل«مبارك» ثم «الاستبن» «الإخوان» ذراع إسرائيل وأمريكا لتقسيم مصر «صباحي» رمز ناصري لكن «السيسي» رجل المرحلة "المسألة مش سيناء، دي مسألة مصيرنا ومصير العرب، المسألة هي أن نكون أو لا نكون". هكذا تحدث «ناصر» عن الصراع المصري/العربي الإسرائيلي، الذي أدرك منذ اللحظة الأولى أنه صراع وجود لا صراع حدود، واختار الزعيم طريق "أن نكون"، واختار من بعده السير في الاتجاه العكسي. هذه الأيام، تواكب ذكرى ميلاد «ناصر» – 15 يناير- خروج الشعب المصري للاستفتاء على الدستور، ولرفض "حكم" العملاء، وللتأكيد على إرادته الحرة في اختيار طريقه دون تبعية لأحد… عن ارتباط الحدثين الوثيق، وعن صوره «ناصر» في المشهدين، وعن خارطة طريق وطنية صاغها «ناصر» وانحاز لها «الشعب» وتبناها «السيسي» يتحدث «عبد الحكيم عبد الناصر» ل «للبديل»… هل يحمل الاحتفال العائلي السنوي بذكرى ميلاد الزعيم في 15 يناير مذاقًا خاصًا هذا العام؟ ذكرى الميلاد هذا العام مختلف جدًا؛ فجمال عبد الناصر كان وقود ثورة 30 يونيو، وهاهو مرة أخرى يهزم الإخوان بعد وفاته ب 43 عامًا، وبالمناسبة، عداؤه مع الإخوان لم يكن شخصيًا، بل لأنه أدرك أنهم أعداء الشعب وذراع الصهيونية والإمبريالية الأمريكية للتحكم بمصر، والأداة التي ستفتتها إلى دويلات. ماذا تمثل لك ثورة 25 يناير؟ في الحقيقة هي "انتفاضة" ممتدة؛ فمنذ شعر الشعب المصري في 18 و19 يناير 1977 أن تجربته مع «ناصر» تم سحبها في اتجاه آخر، وأن الأمريكان يعودون بعد نصر أكتوبر، خرج وأرغم القيادة على التراجع، ولكنه كان تراجعًا تكتيكيا، ورّط المصريين في معاهدة السلام، وأدخلهم متاهة كبيرة، عطلت الموجة الثانية من الانتفاضة التي أتت بعد 33 سنة، في 25 يناير. كنت أتخوف من كوننا الجيل الذي تنتهي عنده الحضارة المصرية العظيمة، لكن الشعب المصري أثبت عبقريته، كما أثبتها على مر التاريخ منذ التتار، والهجمات الصليبية، وفي حرب 56، التي التحم فيها الشعب بجيشه وقال «ناصر» على منبر الأزهر "لقد فرض علينا القتال، لكن لن يفرض علينا الانهزام"، فخرج الشعب هاتفًا "هنحارب.. هنحارب"، وصمد حاملًا السلاح حتى عادت قناة السويس لمصر، وبنا الشعب السد العالي، كما تجددت عبقرية الشعب بعد 67 وتمسك بقيادته، وخاض حرب الاستنزاف، ومعركة رأس العش، وحرب الألف يوم، والعمليات خلف خطوط العدو، وبناء حائط الصواريخ، و73، وتطوير القوات المسلحة، ثم جاء في 30 يونيو فأظهر عبقريته مرة أخرى. إذًا، ترى أن سياسات «السادات» كانت انقلابًا على المشروع الناصري؟ بالطبع، كانت سياسات «السادات» بمثابة انقلاب على سياسات «ناصر»، وفي الحقيقة أرفض مسمى «المشروع الناصري»، لم يفرض «ناصر» مشروعًا حاجزًا على الشعب، ما حدث هو أنه الوحيد الذي استطاع أن يبلور إرادة الشعب المصري، ليصيغها في مشروع يتبناه الشعب بنفسه، لذلك فإن مشروع العدالة الاجتماعية، والتعليم لكل مواطن، وغيرها من المشاريع القومية كانت مجرد صياغة لإرادة الشعب المصري وأمنياته. وأنا ضد أن يأتي المرشحون للرئاسة مع برامج انتخابية، لأن البرنامج موجود، وصاغه الشعب بنفسه يوم 25 يناير في مطالبه "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، وجاءت 30 يونيو فأكدت على مبدأ السيادة الوطنية والتخلص من التبعية، ننتظر من المرشح الذي سيأتي أن يحدثنا عن كيفية تحقيق ذلك البرنامج، وأن ينحاز للشعب لا لرجال الأعمال. هل تنتظر مصر رئيسًا يخلصها من التبعية الأمريكية ومن «كامب ديفيد»؟ بالتأكيد، يجب على الرئيس القادم أن يخلص مصر من الأخطاء القاتلة التي أوقعها فيها نظامي «السادات» و«مبارك»، كما نريد أن نعود إلى شراكتنا الحقيقية، عبر الدوائر الثلاث، وهي (الأسرة العربية، وإفريقيا، ودورنا الإسلامي الوسطي) والذي يقوم به الأزهر، كما يجب أن تدعم مصر حركات التحرر الوطني في كل مكان، وأن تستعيد دورها في المنطقة، وبالطبع سنتعامل مع الولاياتالمتحدة والغرب، لكن وفق مصالحنا، وبندية كاملة. رؤية «ناصر» تجاه الكيان الصهيوني كانت واضحة، أخبرنا كيف كان يحدّث أبناءه عن الصهيونية؟ ربانا «ناصر» الأب على أن إسرائيل هي العدو، تعلمنا عندما نرى أي نجمة أن نعد كم طرفًا لها، وعندما كنا نرى نجمة ب 6 أطراف نمزقها على الفور، كما تعلمنا أن إسرائيل تعتبر مصر تهديدًا لأمنها القومي، بمجرد أن تكون دولة قوية ولديها مشروعًا تنمويًا، إذًا هو صراع وجود لا صراع حدود. وبالعودة إلى خطاب «ناصر» في 24 أبريل 1968 في جامعة القاهرة، سنجده قال "لو المسألة سينا بس سهلة.. ترجع بكرة بتنازلات، نوافق على شروط إسرائيل، وشروط أمريكا، ونتنازل عن التزامنا العربي، ونسيب العلم الإسرائيلي يمشي في قناة السويس، في الحالة دي هايسيبوا سينا ويمشوا بكرة، لكن المسألة مش سيناء، دي مسألة مصيرنا ومصير العرب، المسألة هي أن نكون أو لا نكون". وأرى –للأسف– أن القيادة السياسية بعد الانتصار في 73 اختارت طريق "أن لا نكون"، وهو الطريق الذي أوصلنا إلى نظام «مبارك»، الذي وصفته إسرائيل ب"الكنز الاستراتيجي"، والذي اتبع نظام ال 0.5 %، الذي يديره جماعة رجال المال بجنسيات مزدوجة، وبسبورات "استبن"، ليأتي لنا في النهاية رئيس "استبن" أيضًا. كانت فلسفة «عبد الناصر» أن استجلاب الاستثمار الأجنبي لا يكون سوى فى صناعات تحتاج تكنولوجيا ليست لدينا، أو الصناعات ذات التكلفة العالية جدًا وليست في إمكاننا، ولذلك لم يوجد في مصر مستثمرون أجانب في الستينات، سوى في مجال الدواء وقطاع البترول. ماذا عن الجانب الروحي لدي جمال عبد الناصر وكيف تعامل مع الأزهر والكنيسة؟ عندما تحدث «عبد الناصر» عن الإسلام الوسطي، كان يتحدث بصدق ولا يتاجر بالدين، ولذلك ما قدمه للدين الإسلامي، لم يقدمه أحد من قبله، فقد ضاعف عدد المساجد، وأنشأ إذاعة القرآن الكريم، وكان من عشاق التلاوة، فسجلها للمرة الأولى على اسطوانات صوتية، وأقر الدين كمادة أساسية في المدارس، ومنع القمار، وأغلق بيوت الدعارة، وأنشأ أكبر موسوعة فقهية حملت اسمه. والأكثر من ذلك، أنه حمى الإسلام داخل البلاد الشيوعية، فكانت علاقته جيدة بتلك الدول، وكانوا يقدرون شيوخ الأزهر الذين يرسلون هناك، باعتبارهم "رجال عبد الناصر". وفي الوقت ذاته، كان صديقًا للأنبا كيرلوس، وموّل بناء الكاتدرائية، وحضر افتتاحها بنفسه، لذلك لن تجد أي حادثة طائفية في عهده، ونلاحظ أن أعلى نسبة دخول في الإسلام في إفريقيا، كانت في ذلك العهد، على عكس الطريقة المنفرة التي اتبعها الإخوان المسلمين، والتي جعلت مصر نفسها تشهد أكبر نسبة إلحاد في تاريخها. ليس هناك أكثر من أنه أعلن المقاومة من على منبر الأزهر الشريف، وعلاقته بالشيخ شلتوت كانت قوية للغاية، وكان لشيخ الأزهر وللأنبا كيرلوس أن يقابلانه في أي وقت. نستطيع أن نقول إن مصر كانت تمتلك أقوى المؤسسات الدينية والثقافية والفنية وكل هؤلاء هم جوهر مصر، والتجربة موجودة، لكننا يجب أن نزيل الأتربة من عليها. هل عرض عليك الترشح للرئاسة؟ نعم، تم عرض الأمر عليّ كثيرًا، ولكنني لم أفكر فيه، وعندما فعلت وجدت أنني لست جاهزًا، كما خفت شبهة التوريث، والأصعب من ذلك أن جميع المرشحين الموجودين إذا وصلوا للحكم، سيقارن الناس بين حكمهم وحكم «مبارك»، ولكن في حالة كنت رئيسًا سيقارن الناس بيني وبين «عبد الناصر»، والفريق «السيسي» أيضًا لديه الأزمة نفسها ويحمل العبء نفسه. وماذا عن «حمدين صباحي»؟ «صباحي» أخٌ وصديق ورمز ناصري كبير، ولكن مصر 30 يونيو، تختلف عن مصر 25 يناير، والتجربة تؤكد أن الفريق «السيسي» هو رجل هذه المرحلة، وهذا لا ينتقص من «صباحي»، فهو رجل أدى دوره وما زال يؤديه، ولكننا نريد رئيسًا ينجح من المرة الأولى بأغلبية ساحقة، فنحن في مرحلة لا تحتاج رئيس ب 50 %، فكما نريد مرور الدستور بأغلبية كبيرة، نريد رئيسًا عليه إجماع؛ لأن الشعب لا يرى أحزابًا ولا حياةً سياسية، ويحتاج لقائد يلتف حوله. وإذا لم يترشح الفريق السيسي؟ لا أستطيع أن أضع هذا الاحتمال في الحسبان، لأن القائد لا يترك المعركة وينسحب؛ فالقادة الذين عرفناهم لا يعرفون سوى النصر أو الشهادة. هل تتواصل مع الفريق «السيسي»؟ ليس هناك تواصلًا مستمرًا، ولكن كل منا يؤدي دوره، ويكفي الرجل المسؤولية الملقاة على عاتقه؛ من تأمين الحدود والتعامل مع الإرهابيين في سيناء، وفي أي لحظة استشعر أنني لي دورًا ما لن أتردد، وكنت في 30 يونيو موجودًا منذ توقيعي على استمارة «تمرد» حتى نزولي في 30 يونيو، وتواجدنا في ميدان التحرير دائمًا، وأرى أنني أدين بحياتي للفريق «السيسي»، فقد كنت على قمة قائمة اغتيالات الإخوان، سواء بسبب مشاركتي في 30 يونيو، أو لأنني ابن عبد الناصر.